مدير معهد خادم الحرمين: دراسات لمواجهة جبال مكة بالقطارات الأرضية والمعلقة

قال لـ «الشرق الأوسط» إن الذهاب لمنشأة الجمرات أصبح بمثابة نزهة بعد اكتمال المشروع

قطار المشاعر ساهم في نقل آلاف الحجاج من وإلى المشاعر المقدسة هذا العام («الشرق الأوسط»)
TT

أكد الدكتور ثامر الحربي مدير معهد خادم الحرمين الشريفين لأبحاث الحج والعمرة، أن منشأة الجمرات ستطل هذا العام بأناقة مختلفة بعد تظليل الدور الخامس، وتكييفه، بعد أن كان هاجسا مؤرقا يتسبب في معظم الكوارث والمخاطر والتدافعات، مبينا أن المشاعر المقدسة تسورت بالقطارات، واستطاع المعهد بشركائه وبالدعم الحكومي، أقرب من ذي قبل نحو الوصول لحلم العالم الأول.

واعتبر مدير معهد خادم الحرمين في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن الذهاب لمنشأة الجمرات أصبح بمثابة نزهة، في ظل التنظيمات الموجودة والتجهيزات.

وأكد أن حركة النقل في المشاعر تعتبر الأولوية القصوى في المعهد وأبحاثه، مؤكدا أنهم في المعهد مركزون على تناول النقل والبنية التحتية، ومبينا «تحتاج المدينتان المقدستان، مكة المكرمة والمدينة المنورة، لوضع حلول للتحديات التي تواجه النقل». وفيما يلي تفاصيل الحوار...

* تطل منشأة الجمرات لأول مرة مكتملة بعد مخاضٍ عسير من التعب والتخطيط والجهد، أسهب فيه المعهد بكثير من الطروحات، فما تعليقكم؟

- مشروع الجسر كان في البداية من متابعة المعهد وأفكاره، والمعهد مشارك في التصميم، والجسر كما هو معروف كان دورا واحدا فقط، وحصلت عليه تعديلات كثيرة في المداخل والمخارج، وتوحيد المسارات والمعهد عاما بعد عام يرصد تلك السلبيات، وأحيانا يتحكم في التدفقات من مداخل الجسر، وفي بعض الأحيان يلغي مدخلا ومن ثم يوحد الاتجاه، إلى أن تابع المعهد تشغيله، ويأتي تشغيل مشروع منشأة الجمرات بكامل طاقته في حج هذا العام مساهما وعاملا فاعلا في خفض درجات المخاطر في منطقة الجمرات إلى الحد الأدنى وتجنب جميع المشكلات الناجمة عن الزحام الشديد، وحدثت توصيات ودراسات متواصلة أخذت المشاريع التطويرية عليه من قبل وزارة البلديات في أن تعمل مشروع منشأة الجمرات، وشارك المعهد في ورش العمل من قبل الشركة الألمانية التي وضعتها مع الشركة التطويرية، إلى أن ما وصل إليه من مشروع يشار إليه بالبنان، وأنهى معاناة الزحام، وأصبح الذهاب إلى منشأة الجمرات بمثابة نزهة، والحاج الآن في المستويات الخمسة في المنشأة يسهل عليه رمي الجمرات بكل يسر وسهولة.

* ما زالت الضبابية تكتنف مصير المناطق المركزية في مكة المكرمة، فكيف ستستطيعون رسم خريطة للوضع الاقتصادي والتجاري لمدينة مليئة بالمواسم؟

- لم نغفل عن إيجاد الأبعاد الاقتصادية والتجارية لمكة المكرمة، التي تتصل على الدوام بموسمي الحج والعمرة دون توقف، ناهيك عن قدوم الخليجيين والسعوديين من الداخل، والهيئة العليا لتطوير مكة المكرمة ومعهد خادم الحرمين الشريفين لأبحاث الحج والعمرة، وضعا خطط عمل عاجلة لتطوير جميع المناطق القريبة من الحرم التي لم يتم تنظيمها، والسعي لإكمال الخطوط الدائرية وتطوير الساحات القريبة من الحرم، والنظر في صرف التعويضات المستحقة وفتح الشوارع والطرق الداخلية الكافية لاستيعاب حركة المشاة والسيارات، كما يناط بها إنشاء مواقع مناسبة للجهات الحكومية ذات العلاقة بالخدمات، ودراسة إعداد الوحدات السكنية المخصصة للحجاج والمعتمرين، وإعداد الدراسات التفصيلية لتحديد المتطلبات والاحتياجات المستقبلية للحرم والمشاعر المقدسة، وغير ذلك من الأمور التي تسهم في تطوير مكة المكرمة بصفة عامة، والمواقع القريبة من الحرم بصفة خاصة، المنطقة المركزية حاليا غير معروفة المعالم مع المخطط الشامل، الذي كما هو معروف أنه سوف يظهر إلى النور، والآن سمعنا أنه في المراحل النهائية، ويوجد بها مشاريع ضخمة وتطويرية، والرؤية غير واضحة بالنسبة للمنطقة المركزية بالنسبة للمعهد، التغيرات قد تكون سريعة جدا، وهيئة تطوير مكة والمشاعر وأمانة العاصمة المقدسة لديها رؤية شمولية، أعتقد أنها ستكون ضمن منظومة المخطط الشامل، الذي شارك فيه المعهد في ورش العمل الخاصة به، وهو في الحقيقة واعد جدا في محاوره، بها مشاريع تنموية سوف تكون مفيدة في المستقبل القريب.

* ما زال النقل يمثل هاجسا وتحديا كبيرا لكل الجهات المسؤولة في العاصمة المقدسة، ماذا أعددتم من دراسات لوأد سنوات مضنية في التحرك داخل المدينة؟

- فيما يختص بوسائل النقل، فإن المخطط الشامل لديه تصور عن وسائل النقل من قطارات تحت الأرض وقطارات «المونوريل» تسير بالكهرباء، وفيها تزويد المحطات المجاورة بالمنطقة المركزية، وحول الخط الدائري الثاني، وهو محطات متعلقة بالقطار سواء كانت من خارج المدينة أو تسهيل الحركة الدائرية وتحتوي على وظائف أخرى، حتى بالنسبة للطرق وتنظيمها ووضع استخدام النقل الجماعي ووضع له مسارات، في الحقيقة موضوع النقل هو من اهتمام المخطط الشامل لمكة المكرمة، ويأتي من ضمن أهداف المخطط الشامل إدخال القطارات الجديدة التي تخدم الخطوط الدائرية، والتي تنقل من محطة إلى محطة، ناهيك عن عملية تدرج المحطات حول المدينة، التي تأتي من بداية المدينة ثم تنتقل حتى في سعاتها، ولها أكثر من درجة، فالقطارات التي تأتي من بداية المدينة لها سعة، ثم تخف درجة المركبات الموجودة لها، وهذا ما شاهدناه في ورش العمل، أما تنفيذها فهو من شأن هيئة تطوير مكة والمشاعر المقدسة.

* كم دراسة طرحتموها على طاولة حج هذا العام؟

- لدينا أكثر من 30 بحثا وبرنامجا، منها مستمرة ومنها ما يقارب 15 بحثا، أقرها مجلس المعهد بعد أن عرضت على اللجنة العلمية للمعهد لهذا العام. والأفراد المشاركون من باحثين ومساعدي باحثين وفنيين يصل عددهم إلى أكثر من 150 باحثا ومساعدا، وهناك نحو 450 طالبا مهمتهم جمع المعلومات الميدانية سواء من تصوير أو توزيع استبيانات وملاحظات ميدانية، وبالطبع المعهد ليس لديه هذه الأعداد ولكن الاستعانة تتم من خلال الجامعات، فالمعهد لديه فقط 18 باحثا، ولكن في هذا الموسم يصل إلى أكثر من 150 باحثا، ويجود هناك مهام سنوية للمعهد وهي توثيق ما يحدث في المشاعر المقدسة من ناحية التصوير الفوتوغرافي بحيث تتيح للباحثين في الأعوام القادمة أن يكون لديهم مرئيات جديدة وأبحاث مبتكرة مبنية على ما يتم جمعه من معلومات هذا العام.

* ما هو نصيب المرأة في تلك المشاركات؟

- لدينا باحثات أعضاء تدريس من جامعة أم القرى، وهناك طالبات لجمع العينة، والجانب النسائي مغطى في الحقيقة، ودائما عينة الدراسة في جميع الأبحاث فيها جزء من الاستبيانات تعبأ من قبل طالبات من الجامعة، فالجانب النسائي مهم في البحث.

* ما هو الشيء الذي يتعين عليكم في المعهد إنجازه ويأتي على سلم أولوياتكم، استنادا على حساسية المرحلة؟

- أبرز القضايا التي من الممكن طرحها محليا ومناقشتها بشكل عاجل هي النقل، وتأتي في سلم الأوليات كتحد الآن ولا تزال الحركة والنقل في المشاعر تعتبر الأولوية القصوى في المعهد وأبحاثه، مع دخول القطار هذا العام، طبعا المعهد لم يشارك في دراسته، لكن نحن مكلفون بتقييم تشغيل القطار، بكل ما تعنيه الكلمة، بتقييم علمي محايد، ولدينا مشاركات عالمية في هذا المجال من كندا واليابان ومن الجامعة الأميركية في بيروت في مجموعة من الباحثين لمساعدتنا في تقييم تشغيل القطارات لما يكتنزونه من خبرة في القطارات، ومركزون على تناول النقل والبنية التحتية حيث تحتاج المدينتان المقدستان، مكة المكرمة والمدينة المنورة، لوضع حلول للتحديات التي تواجه النقل، مما يحتم إيجاد أساليب مبتكرة لجمع وتحليل قواعد البيانات للتمكن من رصد مركز تحمل البنى التحتية، على رأس أولويات حكومتنا تقديم أفضل الخدمات وتسهيل النسك لحجاج بيت الله الحرام، وتطوير البنى التحتية والأنظمة الخدمية المختلفة، وحكومة خادم الحرمين الشريفين تبذل الكثير من الإمكانيات المادية والمعنوية لدعم اتخاذ القرار بشكل سليم، ومركز التميز في أبحاث الحج والعمرة شكل من أشكال هذا الاهتمام والبذل، حيث يهتم المركز ببناء بنك معلومات متعلق بالحج والعمرة، ويوفر المعلومات الضرورية التي يحتاجها متخذو القرارات، ويساهم ذلك في تفادي الأخطاء في التنفيذ وتوفير الوقت والجهد والمال.

* ما مدى التعاون الدولي مع بقية الجهات الدولية لتقوية قدرات المعهد في مواجهة الأزمات؟

- حجم التعاون الدولي مع المعهد كبير جدا لدينا تعاون مع أكثر من 10 معاهد دولية في مختلف دول العالم، من خلال مركز التميز لأبحاث الحج والعمرة، وهناك تعاون دولي كثير من الباحثين الدوليين، وفي الحقيقة هذه القناة فتحت وبدعم من الأمير نايف بن عبد العزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية رئيس لجنة الحج العليا، الذي يدعم هذا التوجه من خلال المشاركة مع الخبراء المحليين والعالميين، وكان هناك اجتماع للجنة الحج المركزية برئاسة الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكة المكرمة وعرضت بعض المشاريع التي توصلت إليها لجنة الحج المركزية خلال العام، وتم أخذ التوجيهات من أمير مكة بأن يتم الاهتمام بالدراسات وأن جميع المشاريع يجب أن تبنى على دراسات مفصلية.

* ما الذي انتهجتموه في التعامل مع قضايا الحشود، وكل ما يتعلق بالكتل البشرية؟

- في أبحاث الحج والعمرة قدمنا نبذة تعريفية عن المركز والمشاريع العلمية والبحثية التي يقوم بها حاليا، ولدينا استراتيجية تركز على الجانب المتعلق بالنقل وإدارة الحشود في المسجد الحرام والمسجد النبوي ومحيطهما والمشاعر المقدسة خلال تأدية الحجاج والزوار لمناسكهم وتطبيقات تقنيات الاتصالات المتقدمة لرصد الحركة والنقل، وتكوين شراكات فاعلة مع جهات محلية ودولية ذات علاقة بدراسات النقل والحركة وإدارة الحشود والمستفيدين منها، في بعض الحالات تصل درجة الازدحام إلى مستويات تستوجب وضع استراتيجية آمنة لإدارة الحشود في مواسم الحج والعمرة، وقمنا بعرض محاور لأبحاث على إدارة الحشود في الحج والعمرة وفيها نماذج لحركة المشاة في دراسة تدفق الحشود وتقييم ومناقشة الاستراتيجيات المقترحة، إضافة إلى مناقشة ومراجعة كيفية إدارة الحشود في بعض النماذج العالمية مثل دورات الألعاب الأولمبية، وكيفية الاستفادة منها في تطبيقات إدارة الحشود في الحج والعمرة.

* كيف يتم اختيار الكفاءات العلمية لهذا المركز؟

- الطاقات العلمية والبحثية هي المحرك الرئيسي لكل مركز بحثي، وتقدم المراكز العلمية في العالم يأتي بسبب وجود كفاءات مرموقة وذات إنتاج علمي قوي ومميز، من أجل ذلك حرص المركز منذ تأسيسه على استقطاب العلماء والمختصين في مجالات النقل وإدارة الحشود محليا وعالميا من عدة مراكز ومعاهد بحثية وجامعات في المملكة والعالم، الذين يجب أن يكون لهم إسهامات علمية متميزة وإبداعية على الصعيدين المحلي والعالمي، ولهم مساهمات بحثية في مؤتمرات ومجالات علمية عالمية مرموقة. النقطة الثانية، أن مركز التميز في أبحاث الحج والعمرة يعتمد في طريقة عمله على أسلوب عقد الشراكات مع المراكز البحثية العالمية المتطورة والمتخصصة في النقل وإدارة الحشود، ومن خلال هذه الشراكات يتم اختيار كفاءات علمية، وفي الوقت نفسه، يعمل المركز من خلال هذه الشراكات على توطين التقنية والخبرة في هذين المجالين من خلال التكامل القائم بين الفرق البحثية في هذه المراكز العالمية والفريق البحثي المحلي المكون من كوادر وطنية مؤهلة تشكل الفريق العلمي للمركز.

* هل مكة بمنأى عن أخطار السيول والكوارث، بحكم دراساتكم، وبحكم أنه موسم مهيأ لنزول الأمطار والسيول؟

- لسنا متخوفين من دخول الشتاء في موسم الحج، لأن لدينا دراساتنا الاستشرافية، وموسم الشتاء دائما يزامنه هطول أمطار، ولدينا دراسات توثيقية لما حصل في الأعوام السابقة، ورصد لجميع المواقع الخطرة، أو التي يمكن أن تشكل خطرا على الحجاج.

ومشروع تطوير منى استند إلى معلومات خرجت من معهد خادم الحرمين الشريفين لأبحاث الحج، إذ أنجز المعهد في هذا الشأن دراسات وتطبيقات هندسية في سفوح الجبال، وهي مطمئنة بشكل كبير. وفيما لو حلت أمطار ستكون المشاعر بحول الله بمنأى عن الأخطار والسيول التي تنزل من أعالي الجبال نحو منى التي تقبع تحت جبلين، ومصدر المياه فيها ضخم.

والمعهد دائما في الحدث، لا لشيء إلا من أجل أن نمتلك المعلومة، ولدينا برامج اسمها «ربط وتوثيق»، وفريق متكامل للتصوير الفوتوغرافي، إلى جانب تسجيلات فيديو لجميع المواقع، نظرا لأنه يطلب منا بشكل دائم استشارات للجهات المعنية، ولا نعطي هذه الاستشارات إلا حين نمتلك المعلومة، ولا نصدر استشاراتنا إلا بعد أن تحكم في لجان المعهد العلمية، لتكون واقعية وتجد القابلية لدى الناس.