سعوديات يتطوعن لخدمة الحجاج في مجال «الإرشاد»

الرجال والنساء يشاركون في أعمال تطوعية في الحج

أعمال التطوع في الحج شارك فيها السعوديون رجالا ونساء («الشرق الأوسط»)
TT

«من حقي كمواطنة وابنة للدولة التي وهبها الله شرف خدمة ضيوفه أن أشارك في تقديم خدمات لحجاج بيت الله الحرام».. بهذه الكلمات، واجهت الشابة السعودية هند بكر ذات الاثنين وعشرين ربيعا، والتي تحمل شهادة في البكالوريوس في الإدارة والاقتصاد من جامعة الملك عبد العزيز، (غرب السعودية) تساؤلات وجهتها لها «الشرق الأوسط» عبر الهاتف، في أعقاب الإعلان عن السماح للمرأة السعودية «تطوعا» في موسم الحج، معتبرة تقديم الخدمة لحجيج بيت الله الحرام من صميم الدين الإسلامي، ولا يجب أن تقتصر على أي فئة أو لون أو عرق.

السيدة مها فتيحي - وهي زوجة أحد الوزراء في السعودية - في أعقاب نشر «الشرق الأوسط» الأسبوع ما قبل الماضي، نبأ ترؤسها فريقا أنثويا سعوديا، ينوي المشاركة في أعمال الحج لهذا العام، لم تخف «أن الخبر كان سببا بأن تصاب بالذهول، لما عاد به عليها، من حيث كمية بنات جلدتها الراغبات في المشاركة بتقديم خدمات لضيوف الرحمن، خلال موسم حج العام الجاري، هناك من اتصلن بي من كافة الفئات العمرية، وهناك من أبدين رغبتهن وتمنين المشاركة، حرصا منهن على نيل هذا الشرف العظيم، وخدمة حجاج بيت الله الحرام».

فتوافقت رغبة الشابة هند بكر مع رغبات لبنات جلدتها، تلقتها مها فتيحي سيدة الأعمال السعودية المعروفة وزوجة وزير العمل السعودي، وتبدو رغبة جامحة من المرأة والفتاة السعودية لمشاركتها في خدمة ضيوف الرحمن، مثلها مثل الرجل، الذي احتكر الخدمات ذاتها لعقود من الزمن.

فالشابة هند بكر، تستند على أن تقديمها للخدمات لـ«الحاجات من النساء» ربما في أمور نسويه خاصة، أفضل بكثير من حصولهن على ذات الخدمات، لكنها من الرجل، فهنا يتحقق العمل الصالح، ونقل صورة حضارية جميلة عن بلادها، التي ترى خدمة حجيج بيت الله الحرام «تكليفا مرهونا بتشريف من الخالق عز وجل».

هذا التفكير، تراه السيدة مها فتيحي، رئيسة الفريق النسوي السعودي الأول، تنمية للمسؤولية في ذات المواطن السعودي ذكرا أو أنثى، الذي حظي من الباري على شرف خدمة حجاج بيت الله الحرام، في ظل وجود قيادة حكيمة، تحرص على تقديم أفضل خدمة لحجاج بيت الله الحرام، على اعتبار أن خدمة المشاعر المقدسة شرف وهبه الله عز وجل لهذه البلاد الطاهرة.

ومن الفوائد أيضا التي اتفق عليها الاثنتان على أقل تقدير، المشاركة في التوعية من بعض التصرفات الخاطئة التي تبدر في مواسم الحج من بعض السيدات الحاجات لا سيما من الخارج، من التبرك ببعض البقع والمواقع المقدسة التي تدخل في محيط المشاعر، أو بعض المواقع التي ربطت باستشهادات ربانية، وهو ما تنهى عنه الشريعة الإسلامية وتحرمه قطعيا، بل وتدرج بعض فئاته في إطار «الشركيات» والعياذ بالله، هنا مخاطبة «الأنثى للأنثى» تلعب دورا محوريا في مدى تقبل تصحيح أي مفهوم خاطئ، لاعتبار أن تعاطي نفسية مرتكب الخطأ مع تصحيح الخطأ تختلف من جنس إلى جنس.

وتضيف فتيحي في حديث لها لـ«الشرق الأوسط»، راجية إضفاء نوع من الترتيب على العمل التطوعي، الذي ربما تعاني أجزاء منه من العشوائية، في وقت لم تغفل فيه فتيحي، زج عدد من الشابات في دورات تدريبية، تم تحديد موعدها في الفترة ما بعد عيد الأضحى المبارك، لتتحقق مشاركتهن في أعمال الحج للعام المقبل، وبالتأكيد سيتم منحهن شهادات إتمام الدورات المطلوبة.

عمليا، يعتبر موسم حج العام الجاري، الموسم الأول الذي تكسر فيه المرأة والفتاة السعودية احتكار الذكر من بني جلدتها وبلدها لتقديم الخدمات لحجاج بيت الله الحرام بشكل تطوعي، فيدخل الفريق النسائي السعودي الأول «مرشدات المملكة» الذي يتكون من 47 قائدة، و80 زهرة ومرشدة، حسب ما تسمي رئيسة الفريق، أعضاء الفريق.

ويستمد الفريق النسائي السعودي الأول قوته من طلب بعض الدول الأجنبية للاطلاع عن كثب لخطط تطبقها جمعيات تطوعية في موسم حج كل عام، من حيث تفويج الحجاج من مشعر لآخر، والأخذ بيد العاجز منهم ومساعدته على أداء النسك، في إشارة إلى جمعية الكشافة السعودية، التي يندرج تحت عباءتها قرابة 3 آلاف عضو، أغلبهم من طلاب المراحل الثانوية، والسنوات الأولى الجامعية.

الجمعية تلك تضع نصب عينيها هدفا استراتيجيا بعيد الأمد، يرتكز على «غرس مفهوم خدمة حجاج بيت الله الحرام في نفوس النشء من الشباب، والأهم، اعتباره تكليفا لهم مقرونا بتشريف من الخالق جلت قدرته، والسير وفق خطى حكومتهم، التي تعتمد ذلك في رعايتها الحجيج، وتقديم جميع الخدمات لهم دون أي مقابل».

ويأتي انضمام المرأة السعودية لصف نصفها الآخر في تقديم الرعاية «الصحية، والنفسية، والشرعية من حيث النصح والإرشاد» لحجاج بيت الله الحرام، عاملا مساعدا لرسم صورة مشرقة للإنسان السعودي، وهو ما يعد إحدى أهم سياسات الحكومة السعودية، التي لا تألو جهدا في تقديم الخدمة والرعاية للحجيج، ويتجلى ذلك وضوحا في مشاريع عدة، سيكون موسم حج هذا العام موعدا لرفع الستار عنها.

وفي سياق الأعمال المتوافقة مع مسيرة التطوع، أنهى كشافة الرئاسة العامة لرعاية الشباب أعمال مركزهم الكشفي التطوعي الـ35 لإرشاد الحجاج التائهين بمنى بعد أن نشطوا في إرشاد نحو 82885 حاجا.

وأقيم حفل تكريمي في نهاية برنامج المركز التقى خلاله المشاركون محمد الدباسي مدير المركز، ومساعد رئيس قسم الكشافة بالرئاسة العامة لرعاية الشباب محمد السويلم والهيئة الإشرافية للمركز، حيث أكد الدباسي أن المركز الكشفي حقق نجاحا باهرا وأسهم مساهمة فاعلة في تقديم الخدمة لحجاج بيت الله الحرام ضمن منظومة الوزارات الجهات التي تواجدت في المشاعر المقدسة لخدمة الحجيج هذا العام، مشيرا إلى أن نسبة الإرشاد ارتفعت هذا العام 7 في المائة عن العام الماضي بفضل استخدام خدمة تحديد المواقع العالمية.

وقال عقب حفل الختام: «وصلنا إلى نهاية المركز الكشفي الـ35 وقد أرشد الكشافة أكثر من 80 ألف حاج خلال أيام التشريق».

وكان المركز قد شهد في أيامه منافسة من نوع آخر عندما دخل الكشافان سلطان البدري من جدة وإبراهيم العمشاني من الجبيل في تحقيق الرقم القياسي في إرشاد عدد الحجاج التائهين فكانت منافسة حامية كسبها سلطان البدري عندما وصل للرقم 72 مقابل 69 حاجا لزميله فتم تكريمهما في حفل الختام. وأكد البدري أن المنافسة من هذا النوع تهدف إلى تقديم الخدمة لأكبر شريحة من الحجاج التائهين.