محافظات منطقة عسير تتنافس على إقامة الجداريات والمجسمات

البعض يراها إرثا فنيا يعود لآلاف السنين

TT

بدأت ظاهرة التنافس بين محافظات منطقة عسير (جنوب السعودية)، في إقامة الجداريات والمجسمات الجمالية، تتصاعد وتيرتها، في الآونة الأخيرة، في وقت يرى فيه البعض هذا الأمر جزءا من إرث فني يعود تاريخه لآلاف السنين.

هذا وقد انتشرت بشكل كبير وملحوظ، في محافظات منطقة عسير، اللوحات والمجسمات الجدارية، التي أصبحت واجهة جمالية تميز مساحات كبيرة تشرف على الطرق الرئيسية والرابطة بين محافظاتها؛ حيث تحمل تلك الرسوم أشكالا وألوانا تبرز موروثا تاريخيا طبيعيا يعكس أسلوب الحياة في عسير، لتختلف تلك الجداريات والمجسمات في المكان وتتشابه في المعنى والألوان.

وأوضح الباحث منصور عسيري أن الفنانين التشكيليين المعاصرين تركوا طابعا فنيا عكس كل ما تتمتع به منطقة عسير من طبيعة خلابة وتاريخ يحكي موروثا بيئيا تجلى في أسلوب المعمار من خلال مجسمات ولوحات جدارية باتت رمزا تنفرد به منطقة عسير، لينطق بآلية التوظيف الجمالي.

فالتصوير، أو الرسوم والمجسمات الجدارية في منطقة عسير، أصبحت، طبقا للعسيري، ظاهرة فنية تشكيلية لها وزنها من الأهمية، وهي – على حد قوله - من أقدم الفنون التي عرفها الإنسان؛ حيث كان يمارسها قديما داخل الكهوف وبأبسط ما يقع في يديه من أدوات في ذلك الوقت حتى يطرح ما يدور بخلده على مساحة من الجدران.

وأضاف العسيري أن الرسوم والمجسمات الجدارية مرت بعدة مراحل، منتقلة من أصابع يدي الفنان الذي كان يستخدمها في استخراج مختلف الألوان وخلطها قديما ليقفز إلى الفرشاة المصنوعة من شعر الحيوان أو فروع الأشجار، حتى وصل إلى مرحلة مهمة من التطور في الخامات والأفكار الحديثة التي يستطيع من خلالها طرح أفكاره بشكل مميز يبرز ذائقته وإبداعه الفنيين، مبينا أن الإنسان في منطقة عسير، قبل آلاف السنين، أثبت نشاطه من خلال الرسوم الصخرية التي استطاع من خلالها تسجيل العديد من يومياته ومشاهد حياته البارزة على مر السنين وخلال فترات تاريخية مختلفة بدأت منذ العصر الحجري الحديث، مرورا بالعصور التاريخية، حتى العصر الإسلامي الذي تلاشت فيه الرسوم التصويرية إلى حد كبير.

وحول التجهيز للجداريات يشير المهندس رافع الأسمري إلى أنه لا بد من اختيار مكان مناسب للجدارية، من حيث القيام بأعمال الترميم للحائط المراد الرسم عليه كمعالجة الشقوق وإزالة كل ما هو عالق على الجدار قد يعوق عملية الرسم ومن ثم طلاء الجدار بمواد خاصة تبقي الجدارية فترة أطول من دون أن تتعرض للتلف، وهذا في حال الرسوم الجدارية.

وأفاد المهندس رافع الأسمري بأن الرسوم الجدارية بدأت في منطقة عسير منذ عام 1406هـ، وذلك حينما صنفت بلدية أبها عددا من الحوائط الاستنادية ليشارك في تزيينها أبرز فناني عسير التشكيليين في ذلك الوقت لتأتي بشكل جديد من البروز الفني التراثي الجمالي ولتبدأ الخطوات الأولى لهذه الظاهرة وتصبح ميزة تتسابق عليها المحافظات في منطقة عسير، كل حسب المساحة المتاحة وقدرات من أوكلت إليه تلك العملية الفنية.

جدير بالذكر أن أمانة عسير تحرص على ترسيخ طابع الجداريات والمجسمات الفنية في منطقة عسير بشكل يتلاءم مع الطبيعة الجغرافية والبيئة التراثية بعيدا عن العشوائية والرسوم التصويرية، إلى جانب التميز بظاهرة فنية تشكيلية يشاهدها المئات من أبناء المنطقة والزوار لتصبح بطاقة تعريفية لهوية عسير.