سيدات عسير يشكلن تكتلات نسوية لتحويل مرافق الأحياء السكنية للترويح الرياضي

في ظل انعدام النوادي الرياضية النسائية واحتكار الشباب «للممشى»

ممارسة رياضة المشي يجب أن لا تخضع لشروط مكانية («الشرق الأوسط»)
TT

دفعت قلة النوادي الرياضية النسائية في منطقة عسير (جنوب السعودية) بعضا من السيدات لاستغلال بعض من المساحات في المخططات السكنية كممشى لممارسة رياضة المشي، وبات هذا النوع من الرياضة ملجأ وحيدا لهن، قاد له احتكار بعض الشباب لمشاريع خصصتها البلديات في بعض المناطق لتنامي هذه الرياضة بين السيدات، ويمكن في الوقت ذاته إقامة تكتلات في ما بينهن، بهدف التشجيع والمنافسة.

«الشرق الأوسط» التقت بعدد من النساء اللاتي جعلن من تلك المخططات مشروعا رياضيا ومتنفسا لهن، وحاولت ملامسة الأسباب الرئيسية التي قادت إلى لجوئهن لهذا الاختيار، فالشابة مي الصالح ترى أن «قلة النوادي الرياضية وضعف الإمكانات دفعت إلى اختيار بعض المخططات السكنية لممارسة المشي، بما يفسح المجال لبعضنا لاصطحاب أطفالنا». وأبرزت مي بعضا من المضايقات التي يتسبب فيها بعض مرتادي هذه المواقع من الشباب، بالإضافة إلى جانب حرية الحركة، فهذا النوع من الرياضة يعتبر ضمن الترويح غير المنظم، باعتباره سلوكا ترويحيا رياضيا».

وتشير مي إلى أن بعضا من الأسر بات يتوجه لهذه المواقع لملامسة عدة فوائد، منها على سبيل المثال، أن يجد الأطفال بعضا من الوقت للترفيه عن أنفسهم في ألعاب وفرتها الجهات الرسمية المنشئة لتلك المساحات، التي بات ينظر لها كمواقع نموذجية، تحاكي توفير عدد من الفوائد للأسرة السعودية. وتضيف مي قائلة: «بعد أن احتكر الشباب بعض الأماكن التي خصصتها البلدية للمشي دون أن تحدد جنسا معينا لممارسي رياضة المشي على أرصفة مشاريعها، بالإضافة إلى قلة النوادي الرياضية النسائية المخصصة، أصبح حتميا علينا كنساء، اختيار بعض من تلك المخططات، التي تجمع في وقت واحد بين الترفيه والرياضة».

وتشارك السيدة مي في الرأي، الشابة سلوى عبيد، التي أكدت لجوءها هي وبعض صديقاتها لوضع جدول رياضي ولمدة يومين في الأسبوع، يطلقن لأنفسهن خلاله العنان ليتخلصن من شبح الوزن الزائد عن طريق رياضة المشي. وتقول سلوى: «نحن نفضل المخططات السكنية عن سواها من الأندية الصحية والممشى المخصص لمثل هذا النوع من الرياضة، حتى نخلق لأنفسنا مساحة أكبر في حرية الحركة، لقضاء نحو الساعة من المشي الذي يتزامن مع تبادل الأحاديث، في حين تعتبر الطبيعة الجغرافية لمنطقة عسير، عقبة أمامنا، تجلت في ارتفاع وانخفاض المخططات السكنية، وهو ما يعتبر مرهقا حال مزاولة المشي».

من جهة أخرى، أبدى رياض المازني ارتياحه من ممارسة زوجته وأخته رياضة المشي داخل تلك المخططات مقارنة بالممشى، الذي يقيد حريتهن في الحركة، فيقترح رياض: «لو أن البلدية خصصت مشاريع تخضع لشروط تخدم المرأة وخصوصيتها، ووفق مساحات وتجهيزات حديثة، كحدائق وأماكن ترفيهية للأطفال، لاتجه النساء لتلك المواقع التي يجدن فيها بعضا من الأريحية والخصوصية التي تحتاجها طبيعة المرأة السعودية في بلادنا».

المازني يرى أن النساء يمارسن المشي كرياضة جادة أكثر من الرجال، ولفت في الوقت ذاته إلى أن تكاليف النوادي الصحية هي التي تقف حائلا دون قيام نواد، تغني ربما أهالي المنطقة عن المساحات العمومية، بالإضافة إلى زيادة رسوم الانضمام لبرامج تلك النوادي، حال قيامها.

وفي السياق نفسه، أبانت الدكتورة هبة سيد، اختصاصية تغذية، أن رياضة المشي في الهواء الطلق، التي في الغالب تكون سببا في زيادة نسبة الأكسجين، وهو ما يعود على الجسم بالراحة، وهذا يعتبر، حسب قولها، أفضل في حال المقارنة بالسير الكهربائي داخل النوادي الصحية، الذي لا ينصح به لمن يعانون زيادة في الوزن أكثر من 30 كيلوغراما، لما له من تأثير سلبي على عملية الضغط الزائد على المفاصل.

ولفتت الدكتورة هبة إلى أن ممارسة رياضة المشي لا تقتصر على إنقاص الوزن، بل هناك، بحسب ما ذكرت، فوائد كثيرة من أهمها الوقاية من خطر الإصابة بأمراض القلب والسكتة الدماغية، بشرط أن يكون المشي سريعا ومنتظما ولمدة لا تقل عن ساعتين في الأسبوع. كما كشفت أحدث الدراسات العلمية أن ممارسة الرياضة تفيد في العلاج والوقاية من بعض الأمراض‏,، ومنها هشاشة العظام والسمنة، خاصة لدى المرأة، لكن مع الالتزام ببعض الشروط عند ممارسة المشي‏، وأكدت الدراسة أن ممارسة رياضة المشي لمدة نصف ساعة يوميا تقي من هشاشة العظام دون الحاجة إلى استخدام العلاجات الهرمونية الصناعية‏.

وأوضحت الدكتور هبة أن ممارسة رياضة المشي يجب أن لا تخضع لشروط مكانية، وأنه من الممكن أن تشعر الشخص بشيء من الملل أو الحرج، بل يجب التقيد بالشروط الصحية التي تنظم رياضة المشي، ومن هنا ساقت اختصاصية التغذية جملة من الشروط حيث قالت: «لا بد من الاعتدال عند البدء في ممارسة الرياضة خاصة في المخططات السكنية التي تخضع لأنظمة جغرافية تجعل من استواء الطريق أمرا غير وارد، لأن المجهود المبالغ فيه قد يعرض الفرد للضرر، لذا لا بد من تهيئة عضلات الجسم قبل الشروع في الرياضة القوية، بالإضافة إلى أن التغاضي عن الألم يعد خطأ يقع فيه كثير من ممارسي الرياضة، حيث لا بد من أن يستمع إلى الإشارات التي يرسلها الجسد، فربما قد يؤدي ذلك الألم إلى تفاقم مشكلة جسدية بدأت ليستمر الألم لفترة طويلة».

‏وتفتقر منطقة عسير للاستثمارات الرياضية النسائية، في ظل مطالبات أعداد كبيرة من النساء بضرورة تنوع الخيارات الرياضية وفق احتياجه وبتجهيزات مطورة، كما هو معمول به في باقي مناطق المملكة، حيث يتوقع كثيرون بأن تلقى هذه النوادي إقبالا شديدا نظرا لارتفاع نسبة زيادة الوزن بين نساء المملكة.