لجنة الاستقدام لـ«الشرق الأوسط»: كسر احتكار العمالة الإندونيسية بالتعاقد مع دول جديدة

البداح: السماسرة استغلوا تعرض خادمة للضرب للابتزاز وقاموا برفع الأسعار

انقسامات مكاتب العمالة في إندونيسيا ستلقي بظلالها على وجود العاملات الإندونيسيات في السعودية («الشرق الأوسط»)
TT

في تطور جديد لمشكلة توقف وتأخر العمالة المنزلية الإندونيسية إلى السعودية، كشف سعد البداح، رئيس اللجنة الوطنية للاستقدام لـ«الشرق الأوسط» في أول تصريح صحافي له بعد انتهاء مباحثات اللجنة في إندونيسيا، بأن اللجنة سوف تقوم بفتح المجال لدول جديدة لأول مرة، لتوفير عمالة منزلية للأسر، في محاولة لكسر اعتماد السعودية على دولة إندونيسيا في عملية الاستقدام، وهو ما قاد المكاتب الإندونيسية لرفع الأسعار.

وأضاف البداح أن «السماسرة استغلوا الحالة الفردية التي تعرضت لها خادمة في المدينة المنورة من ضرب من قبل سعودية كانت تعمل معها، في تعطيل عمليات الاستقدام وتأخر وصولها للسعودية، واستغلت الحادثة في تشويه مطالب جميع الأسر السعودية ومكاتب الاستقدام، عبر وسائل الإعلام الإندونيسية». وأردف: «أرى عدم الاستعجال في الحصول على عمالة من إندونيسيا، لحين توفير بديل للعمالة أو إنهاء مشكلات المكاتب المعترضة، من قبل مكاتب توفير العمالة في إندونيسيا، لأنهم يحتاجوننا وليس نحن من نحتاجهم لرغبتهم في توفير فرص وظيفية كبيرة لرعاياهم».

ورفض البداح التصريح عن جنسية العمالة التي يتم التفاوض لاستقدامها وما إذا كانت هناك دول عربية من بينها، مفضلا التصريح عن هذا المجال خلال الأسابيع المقبلة.

وبين البداح أن الشركات المعترضة لا تتجاوز 7 مكاتب، وهناك مكاتب تتبع لجانا عمالية ويجري التعامل معها بشكل نظامي خلال الأشهر المقبلة لتوفيرها في السعودية، وحل جميع مشكلات التأخر، وتوحيد الأجرة، والحد من تلاعب شركات العمالة والسماسرة.

وحول مطالب رئيس لجنة العمالة الإندونيسية، يونس محمد يماني في حوار نشر في «الشرق الأوسط» برفضه التعامل مع اللجنة الوطنية للاستقدام ممثلة في رئيسها سعد البداح وأعضائها، ومطالبته بالتعامل مع ممثلي الجهات الحكومية ذات العلاقة، رد سعد البداح بقوله: «إن يونس يماني يمثل اتحادا يعتبر جزءا من ثلاثة اتحادات، نرفض التعامل معه، بسبب وجود انقسامات لديه وعلامة استفهام كبيرة في المكاتب التي يتبعها، وهي السبب في رفض ورفع أسعار الاستقدام، وهو ما جعلنا نتوجه لاتحادات أخرى منظمة».

وكان رئيس اتحاد العمالة في إندونيسيا يونس محمد قد أفصح عن رغبته في توقف الاستقدام عن السعودية لأسباب تتصل بالسوق وتتعلق بتخفيض رسوم الاستقدام في السعودية بـ400 دولار، وهو ما يحرم أكثر من مليوني عاملة توجد في السعودية حاليا.

ويرجع السبب بحسب ما أكده يماني إلى رفض أكثر من 450 مكتبا عماليا (سماسرة ودلالين لتوفير العمالة) هذه التسعيرة، بينما يحصل السماسرة على مغريات كبيرة من جميع دول العالم بعد فتح المجال رسميا وعرض أسعار مرتفعه، في حين أن السعودية هي الدولة الوحيدة في العالم التي خفضت قيمة التسعيرة لديها. وبين يماني أن هذا الرفض ساهم في تأخر الاستقدام لأكثر من 60 ألف تأشيرة وجميع السماسرة رفضوا البت فيها، وهو ما دعاه إلى المطالبة بضرورة إشراك الجهات الحكومية ذات العلاقة في التباحث مع لجنته لإيصال مقترحاته بعد أن وجد صعوبة في مقابلة مع أعضاء اللجنة السعودية.

وكانت خادمة تعمل في المدينة المنورة قد تعرضت للضرب من قبل سيدة سعودية مما أدى إلى إصابتها في قطع في شفتها وكدمات في أجزاء مختلفة من الجسم، قد شغلت الرأي العام في السعودية وإندونيسيا. وهو ما جعل بعض مكاتب الاستقدام في إندونيسيا تتحفظ على التعامل مع السعودية في مجال العمالة، وقامت مكاتب برفع أسعار الاستقدام بشكل كبير، وخرجت بيانات رسمية تستنكر تصرف السيدة واستغلت الشركات ذلك في ابتزاز السعوديين لرفع أسعار الاستقدام.

وكانت وزارة العمل السعودية قد أعربت عبر بيان رسمي عن أسفها لما حدث للعاملة الإندونيسية «سومياتي سلام»، التي تعرضت للضرب من قبل كفيلتها السعودية. وأوضح المتحدث الرسمي لوزارة العمل، حطاب بن صالح العنزي، حينها، أن الوزارة ممثلة في إدارة رعاية العمالة الوافدة، تتابع قضية العاملة المنزلية التي تعرضت للإيذاء، وانتقلت على أثر ذلك إلى مستشفى الملك فهد بالمدينة المنورة لتلقي العلاج اللازم. وأكدت الوزارة أنها ليست بمعزل عن قضايا العمل والعمال، وما يحدث من خلافات ونزاعات وتجاوزات من أطراف يسيء للعلاقة التعاقدية بين الأطراف المعنية. واعتبر حطاب الواقعة فعلا فرديا لا يجب تعميمه على الجميع. وأردف: «بيوت المملكة تحتضن بداخلها أكثر من 670 ألف عاملة منزلية من جميع الجنسيات، يحظون بكل الحقوق، لكن الأمر لا يخلو من تجاوزات بعض الحالات الفردية التي تسيء للجميع». وشدد على أن جميع العمالة الوافدة النظامية في المملكة تحميها نصوص نظام العمل، وكذلك القرارات الوزارية الصادرة بهذا الشأن، واصفا ذلك بالإخلال بالالتزامات التعاقدية والاستخدام غير الإنساني، والمعاملة غير الإنسانية وغير الأخلاقية. ودعا أعضاء في مجلس الشورى واقتصاديون لـ«الشرق الأوسط» إلى إيجاد حلول وبدائل لاعتماد السعوديات الموظفات على الخادمات الأجنبيات، عقب الجدل الدائر مؤخرا في الاستقدام، الأمر الذي اعتبر ابتزازا من مكاتب توفير العاملات من الخارج. فيما اعتبر اللواء متقاعد صالح الزهراني رئيس اللجنة الأمنية في مجلس الشورى في حديث سابق لـ«الشرق الأوسط» ممارسات المكاتب الأجنبية ابتزازا للسعوديين. وقال: «هذا الأمر مرفوض لأنه استغلال لحاجه الأسر، وهو ما يوجب على اللجنة الوطنية للاستقدام فتح المجال لعدد أكبر من الدول لاستقدام العمالة المنزلية حتى تضع خيارات المواطن لتحد من التلاعب في الأسعار».

وكان الشيخ عبد العزيز آل الشيخ مفتي عام السعودية قد وجه انتقادا عنيفا في خطبته يوم الجمعة الأسبوع ما قبل الماضي لبعض مكاتب الاستقدام العاملة في بلاده، متهما بعضها بـ«المتاجرة» بالعمالة. وطالب المفتي، وهو رئيس هيئة كبار العلماء ورئيس اللجنة الدائمة للإفتاء، الجهات المختصة، بتنظيم الأوضاع الحالية لمكاتب الاستقدام، الذي قال إن بعضها «يتصف بالكذب». ويأتي حديث مفتي عام السعودية عن ملف العمالة المهاجرة، في وقت تواجه فيه الرياض انتقادات من بعض المنظمات الدولية على خلفية حادثتي التعذيب اللتين تعرضتا لهما خادمتان إندونيسيتان، إحداهما لقيت حتفها جراء عمليات عنف. وهنا، انتقد الشيخ عبد العزيز آل الشيخ، الرجل الأول في المؤسسة الدينية الرسمية، سوء التصرف الذي يحدث من البعض تجاه العمالة، ويفضي إلى وقوع أعمال جنائية. وقال المفتي: «إن كثيرا من القضايا إنما مصدرها غالبا سوء تصرف بعض أرباب العمل، سوء تصرفهم حتى يحدثوا من هذا التصرف السيئ ظلما يترتب عليه جنايات كبيرة». لكن رئيس هيئة كبار العلماء في السعودية، رأى في خطبة الجمعة في جامع الإمام تركي بن عبد الله وسط العاصمة الرياض، أن مكاتب الاستقدام، تتحمل جزءا كبيرا من الأخطاء التي تقع في ملف العمالة المستقدمة. وأكد المفتي أن بعض مكاتب الاستقدام تمارس المتاجرة بالأشخاص، واستفزازهم بأمور غير مشروعة. وقال: «مكاتب الاستقدام أحيانا تتصف بالكذب بالمواعيد، والإخلال بها، والغش فيما يأتون به. هناك كذب فيما يقولون، يعدون ويكذبون، ويخبرون بأن العامل سيأتي بعد يوم أو يومين أو شهر، وإذا بهم يمارسون الكذب والزور والإخلال بالمواعيد، وغشهم أحيانا بأن يأتوا بعامل، والمواصفات المطلوبة بالعمل المطلوب غير متحققة في العامل، فيظلمون العامل المسكين ويظلمون رب العمل». وأضاف مفتي عام السعودية في إطار حديثه عن الأخطاء التي تقع فيها مكاتب الاستقدام قوله: «ومن أخطائهم، متاجرتهم بأولئك (العمالة)، وتأجيرهم بمبالغ زائدة، ثم لا يعطون العامل إلا جزءا منها، ويتلاعبون بأموالهم ويستفزونهم بأمور غير مشروعة، كل هذا من أخطائهم». وأشار الشيخ آل الشيخ، إلى موضوع المبالغ المرتفعة التي تضعها مكاتب الاستقدام مقابل تأجير العمالة، ثم لا تعطي العامل سوى نصف المبلغ، بينما يستحل النصف الآخر. وقال: «فليتق المسلم ربه ولتكن معاملته بالصدق والأمانة والوفاء، إن كثيرا منهم (أصحاب مكاتب الاستقدام) يؤجرون العامل بـ1500 ولا يعطيه إلا نصفها، والباقي يأخذه، فبأي حق يستحق تلك الأموال».