خليجيون يعالجون من «إدمان المخدرات» في السعودية.. بحثا عن «السرية»

مشرف مجمع الأمل بالدمام لـ«الشرق الأوسط»: السعوديات «أقل» نساء العالم في نسبة الإدمان

TT

في إطار البحث عن «السرية» والخصوصية، يفضل بعض مدمني المخدرات من دول الخليج (أو ذويهم) تلقي العلاج في المستشفيات السعودية، خاصة المنطقة الشرقية؛ نظرا لقربها الجغرافي، وذلك بحسب ما يؤكد مسؤول طبي، وهو ما أرجعه إلى علاقات «الأخوة» بين أبناء الخليج، إلى جانب قوله: «نحن سبقنا دول مجلس التعاون الخليجي بهذا المجال منذ أكثر من 25 سنة»، إذ يوضح أن «بعض الدول المجاورة لم يكن لديها برامج متكاملة في الفترة القليلة الماضية، بحكم تعدادها السكاني».

وكشف لـ«الشرق الأوسط» الدكتور محمد الزهراني، المشرف العام على مجمع الأمل للصحة النفسية في الدمام، بأن عدد مرضى إدمان المخدرات الخاضعين للعلاج في المجمع يبلغ 160 مريضا، وأفاد بأن حجم الخليجيين بينهم يقل عن حدود الـ10 مرضى في الفترة الحالية، مشيرا إلى وجود توجيهات عليا بأن تتم معاملة كافة مواطني دول مجلس التعاون الخليجي بنفس معاملة السعوديين. وبسؤاله عن التوزيع الجغرافي لهؤلاء المرضى، اكتفى بالتأكيد على أنهم يمثلون مختلف دول الخليج.

وفيما يخص النساء، أوضح الزهراني أن المجمع لا يضم حاليا سوى مدمنة واحدة تخضع للعلاج، مؤكدا أن نسبة تعاطي السعوديات للمخدرات هي الأقل بين النساء على مستوى العالم، وأفاد بأن عدد الحالات النسائية قد لا يتجاوز حالة إلى حالتين فقط على مدى أشهر طويلة، مضيفا «يمر علينا أحيانا شهران أو ثلاثة دون أن يتم تسجيل أي حالة»، وأوضح أنه بقياس التناسب بين حجم الذكور والإناث في البلاد فإن عدد النساء المدمنات لا يكاد يُذكر.

في المقابل، أفصح المشرف العام على مجمع الأمل للصحة النفسية، بأن الطاقة الاستيعابية للمجمع تصل إلى الاكتفاء حاليا بإجمالي 300 مريض، أكثر من نصفهم يعانون من إدمان المخدرات، والبقية يعانون من أمراض نفسية مختلفة، مشيرا إلى أن أي حالة جديدة يتم تسجيلها في «قوائم الانتظار». وكشف الزهراني أنه يجري حاليا العمل على زيادة مدة برنامج العلاج من إدمان المخدرات إلى 4 سنوات بدلا من سنة ونصف السنة المعمول به الآن، وذلك بما يشمل الحالات التي تعاني من مشكلات كثيرة، بهدف احتوائها وتقديم دعم مضاعف لها.

يأتي ذلك في ظل ما تفصح عنه أحدث الأرقام الرسمية من تفاقم ظاهرة تعاطي المخدرات، حيث كشفت المديرية العامة لمكافحة المخدرات، في وقت سابق، عن تسجيلها ما يزيد على 30 ألف قضية ضبط مخدرات خلال العام الماضي 2009. بينما سجلت السعودية خلال الأعوام الثلاثة الماضية، 2007 و2008 و2009، أكثر من 88 ألف قضية مخدرات، حيث لامست في السنة الأولى حاجز الـ31 ألفا، بينما انخفضت في السنة الثانية بواقع 4 آلاف قضية، لتعود إلى الارتفاع في السنة الثالثة لتقترب من الرقم المسجل في السنة الأولى وهو 30.7 ألف قضية. وعودة للزهراني، فبسؤال «الشرق الأوسط» عن حالات الانتكاسة ورجوع المدمنين إلى بؤر التعاطي مرة أخرى، يقول «مشكلة الانتكاسة تكاد تكون في كل برامج الإدمان على مستوى العالم»، وعن أسبابها، يضيف: «الإدمان يصيب كل حياة المدمن، الاقتصادية والنفسية والاجتماعية، فكل شيء بحياته يتأثر، ونحن نتعامل مع بعض الجوانب، وهناك جوانب أخرى يخرج المدمن ويجد أنه ما زال فيها خلل، لذا يختار العودة للتعاطي والهروب إلى الإدمان لكون ذلك أسهل طريقة، فينتكس»! وشدد مشرف مجمع الأمل للصحة النفسية على ضرورة تعاون كافة الجهات الحكومية والأهلية في دمج المتعافي من الإدمان في المجتمع؛ بما يحميه من خطوة الانتكاس، قائلا: «نحن نحتاج تكاتف جهات أخرى غير المستشفى، مثل إيجاد فرص عمل للمرضى، والتهيئة على تقبل المجتمع والأسر لهم، فهناك جوانب كثيرة من حياة المدمن بحاجة لأن تجد حلولا ودعما لها من قِبل الآخرين».

يذكر أن مجمع الأمل للصحة النفسية في الدمام دشن مطلع هذا الشهر هاتفه الاستشاري (0515245107)، الذي يجيب على استفسارات المرضى أو الأسر، سواء في مجال الإدمان أو الصحة النفسية، ويقدم طرقا للعلاج الأمثل إلى جانب المقترحات الوقائية، حيث يتم استقبال الاتصالات من الساعة الواحدة ظهرا وحتى الثالثة مساء، طيلة الأسبوع؛ ما عدا يومي الخميس والجمعة.

وتأتي هذه الخطوة استكمالا لفكرة غير مسبوقة أطلقها المجمع هذا العام، ممثلة في فريق «التحفيز»، الذي يتواصل مع المهتمين عبر شبكة «فيس بوك» على الإنترنت، ويهدف الفريق إلى تفعيل التحفيز الذاتي الكامن لدى الموظف واستنطاق قدراته وإمكاناته، ومن ثم تحفيز الآخرين، وذلك من أجل مواجهة الإحباط والمشاعر السلبية، ولتحسين درجة الرضا الوظيفي ومن ثم رفع مستوى الأداء الوظيفي، الأمر الذي ينعكس إيجابا على الخدمة المقدمة للمريض أو المراجع.