الشرقية: 4 قضايا عن «عقوق الوالدين» شهريا.. والأثرياء أبرز الضحايا

الشرطة: «تعاطي المخدرات» سبب رئيسي.. واختصاصية تطالب بتفعيل دور خطباء المساجد

: اختصاصيون يطالبون بتفعيل دور وسائل الإعلام وخطباء المساجد لنشر ثقافة بِر الوالدين والحد من تزايد قضايا «العقوق» («الشرق الأوسط»)
TT

على خلاف ما هو متوقع بأن قضايا عقوق الوالدين تتركز لدى محدودي الدخل والمتعرضين للضغوط الاقتصادية، كشف رئيس لجنة التكافل الأسري بإمارة المنطقة الشرقية الدكتور غازي الشمري، لـ«الشرق الأوسط»، أن كثيرا من حالات العقوق الواردة للإمارة يكون المتضررون فيها من فئة الأثرياء والميسورين، بقوله: «العقوق لا يتعلق بالمادة فقط»، مشيرا إلى وجود حالات لأبناء عاقين من آباء سماهم بـ«مليارديرين»، نتيجة زواج الأب من امرأة صغيرة في السن مثلا، فيسعى الأبناء للتفريق بينه وبين زوجته طمعا في أمواله.

وأفصح الشمري عن أن معدل قضايا عقوق الوالدين الواردة للإمارة يتراوح بحدود 4 قضايا شهريا، مبينا أن لجنة التكافل الأسري قامت أساسا لحل المشكلات الواقعة بين الأزواج، وأضاف: «حالات عقوق الوالدين لم نكن نتوقعها!»، وأفاد بأن معظم الحالات يتم استلامها من قِبل الأمهات، بينما أوضح أن من أسباب هذه الظاهرة «ضعف الوازع الديني وما يبثه الإعلام المرئي من المسلسلات والأفلام»، وتطرق إلى مسؤولية بعض الزوجات في التحريض على ذلك، ودور المسائل المادية.

وعن جدوى إنشاء جهاز خاص لإيواء الآباء والأمهات المعتدى عليهم، يقول الشمري: «دُور العجزة والمسنين هي لمن يعاني من هذه المشكلة، لكن لا يصل الأمر إلى هذا الحد، فالمجتمع أساسا لا يقبل الابن العاق»، ويؤكد ذلك بالقول: «العقوق من الدخيلات على مجتمعنا المحافظ، فهي لا تعتبر ظاهرة منتشرة. صحيح أنها موجودة ولا ننكرها، لكن بالإمكان وضع حلول وعلاجات لها، منها تفعيل دور الإعلام ودور المدرسة والجامعة ودور عمداء الأسر والعائلات».

وبسؤال الشمري عن كيفية علاج قضايا العقوق الواردة لإمارة المنطقة الشرقية، أفاد بأنه يتم أولا استدعاء جميع الأطراف وإعطاء كل ذي حق حقه، مبينا أنه بمجرد تدخل الإمارة يكون هناك جهود لحل المشكلة بصورة ودية، وإن لم يتم ذلك حُلّت إجبارا. واستدرك بالقول: «لكن الغالب يحل بشكل ودّي».

يشار إلى وجود قرار صادر من وزارة الداخلية السعودية في أغسطس (آب) 2007، يعتبر الاعتداء على أحد الوالدين بالضرب «من الجرائم الكبيرة الموجبة للتوقيف»، وذلك في حال لم يحصل التنازل، إلا أن الكثير من حالات العنف والعقوق لا يتم تسجيلها رسميا في المحاكم وهيئة التحقيق والادعاء العام، ويتم حلها وديا داخل الأقسام الأمنية، بناء على رغبة الأهل.

من جهته أوضح لـ«الشرق الأوسط» العميد الدكتور بندر المخلف، الناطق الإعلامي بشرطة المنطقة الشرقية، أن «الاعتداء اللفظي» هو الأكثر انتشارا بين البلاغات المسجلة لدى شرطة الشرقية، مضيفا بقوله: «في حالات معينة وبتأثير المخدرات أو بتأثير الشجار بين الوالدين تكون هناك عينة قليلة تتعرض للعنف البدني».

ولخص المخلف دوافع هذه الوقائع بكونها تأتي نتيجة تعاطي المخدرات من قبل الابن، أو انفصال أحد الوالدين، أو الشجار بين الوالدين الذي يقول إنه «يضع الأولاد في موقف يجعلهم يستصغرون الوالدين، فبالتالي تقل قيمة الأب أو الأم أمام الأبناء، وهنا يسعى الأولاد إلى عقوقهم وعدم طاعتهم». ويشير المخلف كذلك إلى دور البيئة المحيطة بالأبناء العاقين، خصوصا في تأثرهم بأصحابهم في المدارس، الذين قد ينقلون لهم قيما سلبية مما يدفعهم إلى عقوق الوالدين.

وحول هذه الظاهرة تحدثت لـ«الشرق الأوسط» شعاع الجعفري، وهي مستشارة اجتماعية ومديرة الشؤون الإدارية بالقسم النسائي للندوة العالمية للشباب الإسلامي في المنطقة الشرقية، موضحة أن «السبب الرئيسي للعقوق هو خلل في التربية، ما بين التدليل المفرط أو القسوة المفرطة»، وأضافت بالقول: «انتشرت هذه الظاهرة لدينا نتيجة الانفتاح الإعلامي والتقني وكثرة الأسفار، فبدأت ترد إلى مجتمعنا قيم غربية خلطت الحقوق بالعقوق، فبعض ما تراه المجتمعات الغربية حقوقا نراه نحن عقوقا».

وناشدت الجعفري الدعاة وخطباء المساجد بالتوعية من خطر هذه الظاهرة والإرشاد إلى بِر الوالدين عبر الخطب والمحاضرات، وطالبت كذلك بتفعيل دور الإعلام ومواقع الإنترنت لنشر هذه الثقافة بين الجيل الجديد والإكثار من الوعظ وتداول قصص العقوق لأخذ العظة والعبرة منها، مضيفة بقولها: «من المهم أيضا العمل على إحسان تربية الأبناء من قبل الوالدين، فهناك قاعدة مفادها (إذا بررت ابنك في الصغر سيبرك في الكبر)».

في حين ربطت الجعفري بين انتشار ظاهرة العقوق لدى الطبقة الميسورة واستيراد القيم الغربية، بالقول: «إذا أصيب أحد الوالدين بمرض الزهايمر مثلا، وكان ثريا، ففي المجتمعات الغربية يتم طلب حظر أمواله من قبل الابن لأنه يخاف من تفريط أحد الوالدين أو أن تؤخذ بسبب أمراض الخرف، لكن بمجتمعنا لو مرض الأب أو الأم وفكر الابن بالحجر على أحدهما فإن هذا يعتبر من العقوق».