الخدمات الصحية في السعودية تثير جدلا وتواجه «انتقادات بالجملة»

رئيس «حقوق الإنسان» يصف جودتها بـ«الورقية»

TT

توافقت آراء عدد من القيادات الصحية السعودية في انتقاد الوضع الصحي الحالي وضعف مستوى حصول المريض السعودي على حقوقه الصحية بشكل كاف.

وفي الوقت الذي تؤكد فيه وزارة الصحة على مضيها في تطوير خدماتها موضحة وصولها إلى تصنيفات مرتفعة مقارنة بوقت مضى، فإن ذلك لم يشفع لها أمام الانتقادات التي تواجهها في حفظ حقوق المرضى، من قبل جهات صحية وأخرى حقوقية.

وجاءت الانتقادات، في اللقاء العاشر لمنتدى القيادات الصحية، الذي نظمته مدينة الملك فهد الطبية، بالعاصمة السعودية الرياض، تحت عنوان «واقع حقوق المريض والآفاق المستقبلية»، بمشاركة وزارة الصحة، ممثلة في وكيل الوزارة للتخطيط والتطوير، والجمعية السعودية لحقوق الإنسان، ممثلة في رئيسها، إلى جانب جامعة الملك سعود بن عبد العزيز للعلوم الصحية.

وأكد الدكتور محمد خشيم، وكيل وزارة الصحة السعودية للتطوير والتخطيط، أن مستوى الخدمات الصحية في السعودية في ارتفاع ملحوظ، مشيرا إلى أن نظام اعتماد المنشآت الصحية، وهو أحد أهم المعايير التي تقيس مستوى الجودة، يشير إلى تحسن الوضع في الوقت الراهن، إلا أنه يؤكد حرصهم في الوزارة، على الارتقاء بجودة الخدمات الصحية، إلى مستويات أفضل. وأوضح الدكتور خشيم، أنه لا يوجد حد أعلى من الجودة، إلا أنهم يسعون في الوزارة، ومن خلال نظام اعتماد المنشآت الصحية، إلى الحفاظ على حد أدنى من مستوى الخدمات الصحية المقدمة عبر المنشآت الصحية في السعودية.

وأشار وكيل وزارة الصحة، إلى أنهم يعيشون الآن في عصر ذهبي، في ظل الدعم القوي للخدمات الصحية، موضحا ضرورة استغلال هذه الفترة قدر الإمكان، وأكد أن إهدار هذه الفرصة، سيفوت فرصة كبيرة في تطوير الخدمات الصحية في البلاد.

ولا ينف الدكتور خشيم، وجود عدد من الشكاوى التي تصلهم في الوزارة، إلا أنه أكد أنها انخفضت بشكل ملحوظ عن الوقت السابق، مشيرا إلى أن السنوات الخمس المقبلة، ستشهد كثيرا من التطورات الإيجابية في هذا القطاع.

وكان الدكتور مفلح القحطاني، رئيس الجمعية السعودية لحقوق الإنسان، قد أشار إلى أن نظام الحكم ألزم بتوفير الخدمة الصحية للمواطن، إلا أنه وصف حق المواطن في الحصول على حقه الصحي بـ«الضعيف»، منتقدا عددا من الخدمات الصحية، كاشفا عن وجود كثير من الشكاوى التي وردت للجمعية، التي تنتقد الخدمات الصحية المقدمة لها. وأشار الدكتور القحطاني، إلى أنهم ومن خلال الجمعية، رصدوا كثيرا من الحالات في عدد من المنشآت الصحية، وتبين لهم من خلال عمليات الرصد عدد من نقاط الضعف في الخدمات الصحية؛ من بينها الخدمة السيئة في أقسام الطوارئ بالمستشفيات، إلى جانب عدم توفر أسرة كافية، إضافة إلى عدم توافر العلاج.

إلا أن الدكتور خشيم، وكيل وزارة الصحة، أكد أن جميع الأدوية اللازمة متوفرة في وزارة الصحة، مشيرا إلى أن عدم توفرها لدى المستشفى، لا يعني عدم وجودها على الإطلاق، وكشف أن ميزانية الأدوية في الوزارة، ارتفعت من 700 مليون ريال في وقت سابق، إلى 5 مليارات ريال في الوقت الحالي، وأوضح في الوقت ذاته، إلى أن جميع الحالات التي لا تستوعبها أقسام الطوارئ في المستشفيات، تتحمل الوزارة مسؤولية تحويلها إلى المستشفيات الخاصة، كحل مؤقت قبل أن يتم علاج هذه الأزمة بشكل كامل.

من جانبه، أوضح الدكتور محمد الخازم، عميد كلية العلوم الطبية التطبيقية بجامعة الملك سعود بن عبد العزيز للعلوم الصحية، أن السعودية تحتل المرتبة الخامسة عشرة عربيا، في مقياس التنمية البشرية، الذي يرتكز على مجالات الصحة والتعليم والدخل، محملا قطاع الصحة، مسؤولية هذه المرتبة المنخفضة.

وأكد الدكتور الخازم، أن المنشآت الصحية، لا تقدم الخدمة الكافية للمواطن السعودي، مشيرا إلى أن إحصائيات مركز الحوار الوطني، قد كشفت أن 80 في المائة من المواطنين يعتقدون أن الواسطة والمحسوبية لهما دور في الحصول على الخدمة الصحية.

وأوضح الدكتور الخازم، أنه لا توجد ثقة لدى المرضى في حصولهم على حقوقهم، مؤكدا على ضرورة وجود قنوات وآليات واضحة ومجدية يستخدمها المريض في حال عدم حصوله على حقوقه، لافتا إلى أن 75 في المائة من المواطنين لا يثقون في اللوائح النظامية في متابعة الشكاوى.

وأشار الدكتور القحطاني، إلى أنه يتمنى الوصول إلى الهدف المنشود في مستوى الخدمات الصحية، الذي وصفه بأنه «تحقيق الخدمة المناسبة، في المكان المناسب، وفي الوقت المناسب»، في الوقت الذي يشير فيه الدكتور الخازم، إلى وجود نقص كبير في مستوى تلبية وحفظ حقوق المرضى، واصفا أن ما يتوفر حاليا لا يفي بالحاجة، مشيرا إلى ضرورة وجود تخطيط على المستوى المناطقي، بحيث تستقل كل منطقة ماديا وإداريا، لافتا إلى صعوبة أن تدار مئات المستشفيات من العاصمة الرياض فقط.

وانتقد الدكتور الخازم، إنتاجية القطاع الصحي، واصفا إياها بغير المتناسبة مع الميزانيات المرصودة لها، مؤكدا عدم وجود مقياس حقيقي للإنتاجية الصحية. وفي هذا الخصوص، يصف الدكتور القحطاني مستوى الجودة في المنشآت الصحية بأنها «جودة ورقية».

ويتابع الدكتور القحطاني سرد ما تم رصده من قبل جمعية حقوق الإنسان، حيث يشير إلى أن الخدمات الصحية المقدمة للمواطن لا تجد الرضا والقبول لديه، كما انتقد عدم توافر الكوادر الصحية الكافية خاصة في أطراف البلاد، حيث يتحتم نقل المرضى إلى المدن الرئيسية، وهذا في حد ذاته، يواجه إشكاليات أخرى، حيث يصف القحطاني عمليات نقل المرضى، بأنها غير ملائمة، وغير مهيأة بالشكل اللازم، موصيا بضرورة أن تكون خدمات النقل تحت إمرة الجهة التي يتبعها المريض.

وأكد رئيس جمعية حقوق الإنسان، أن بعض المستشفيات التي تابعتها الجمعية، تحتاج إلى تطوير كبير، أو استبدال بالكامل، لعدم قدرتها على تقديم الخدمات الملائمة، كما أشار أيضا، إلى الإشكاليات التي يسببها التأخير في المواعيد لدى القطاع الصحي، الأمر الذي يؤدي إلى تفاقم الحالات الصحية في بعض الأحيان، وانتقد الدكتور القحطاني، ما تواجهه القطاعات الصحية المختلفة من سوء في التنظيم، الأمر الذي ينعكس سلبا على صحة المريض.

إلى جانب ذلك، أكد الدكتور محمد خشيم، وكيل وزارة الصحة للتخطيط والتطوير، أن السنوات الخمس المقبلة، ستشهد تطورا كبيرا في مجال الخدمات الصحية، حيث سيتوفر 13 مستشفى مركزيا، تتوزع في مناطق السعودية، إلى جانب إيجاد 5 مدن طبية كبرى، في المناطق السعودية الخمس، الوسطى والغربية والشرقية والجنوبية والشمالية، الأمر الذي يضمن مستوى أعلى من الخدمة الصحية للمواطن، إلى جانب ضمان عدم تنقل المريض من منطقة لأخرى، وبقائه ضمن حدود منطقته.