جدة تواجه أمطار أمس بـ«الخوف» وتستعد ليوم عصيب آخر

الأرصاد تحذر.. والأمن يستعد.. والسكان يترقبون

TT

دقت الأرصاد السعودية جرس التحذير من يوم عصيب ستعيشه سواحل غرب البلاد يتوقع أن تتساقط فيه الأمطار بغزارة من شمال الساحل وحتى أقصى الجنوب، وسط تأهب أعلنت عنه السلطات الرسمية في البلاد، وتحذيرات عممتها على مواطنيها بأخذ الحذر والحيطة والتزام التعليمات.

ويأتي ذلك في وقت شهدت فيه جدة أمس هطول أمطار متوسطة في وقت الصباح تسببت في إخلاء عدد كبير من المدارس وحالة ارتباك غير مشهودة في الحركة المرورية في جدة والتي انشغلت لساعات يوم أمس.

وقالت الرئاسة العامة للأرصاد «إنها تتوقع هطول أمطار غزيرة ومتوسطة على المناطق الغربية الساحلية والمحاذية للبحر الأحمر فجر هذا اليوم (الخميس) ومساء أمس نتيجة ما سمته المنخفضات الحركية المؤثرة على أجواء المملكة والقادمة من مصر التي سيبدأ تأثيرها منذ منتصف مساء أمس».

وأوضح الدكتور سعد محلفي وكيل شؤون الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة، لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار التي هطلت صباح أمس على جدة هي تنبيه لأمطار قادمة على كافة المدن الساحلية المحاذية للبحر الأحمر، خصوصا محافظات ينبع ورابغ، التي من المتوقع هطول أمطار غزيرة عليها فيما ستكون الأمطار متوسطة على باقي المدن ومن بينها جدة ومكة المكرمة والمدينة المنورة.

وأكد محلفي أن الرئاسة بعثت تحذيراتها إلى كافة الجهات المعنية لاتخاذ اللازم وأخذ الحيطة والحذر وتم إبلاغ كافة الجهات المعنية ومن بينها وزارة التربية والتعليم والدفاع المدني والأمانات.

وكانت محافظة جدة شهدت صباح أمس هطول أمطار متوسطة تمركزت بشكل كبير على المناطق الشمالية والشرقية منها وتسبب تزامن هطولها مع خروج طلاب المدارس وتوجه أولياء الأمور إلى أبنائهم إلى توقف الحركة المرورية وتوقفت بعض الطرق بشكل كامل لفترات طويلة لقيام الفرق الأمنية وصهاريج الأمانة بسحب تجمعات المياه، خصوصا في شمال طريق المدينة بينما لم تسجل الطرق السريعة الأخرى مثل طريق الحرمين وطريق مكة القديم أي ازدحام مروري بسبب قلة الأمطار في تلك المواقع.

وأطلقت الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة أمس (الأربعاء) 3 تحذيرات وتنبيهات في أوقات متفرقة عن ظهور خلايا من السحب الركامية الرعدية ورياح سطحية تحد من مدى الرؤية الأفقية على منطقة المدينة المنورة والأجزاء الساحلية منها، خاصة محافظة ينبع ومنطقة مكة المكرمة، وتبعتها بتحذير آخر من سحب رعدية مصحوبة بأمطار متوسطة إلى غزيرة مصحوبة برياح نشطة قد تصل سرعتها إلى 70 كم على وسط الكورنيش بجدة وارتفاع الموج.

وتوقفت على أثر تلك التحذيرات حركة الملاحة الجوية والبحرية في مدينة جدة، خصوصا مع بداية هطول الأمطار عند نحو الحادية عشرة صباحا وشهدت المدينة حركة ارتباك ملحوظ في الطرقات.

ورفعت في حينها الأجهزة الأمنية والخدمية جاهزيتها واستعداداتها لمواجهة أي آثار للأمطار وذلك على خلفية تواصل التحذيرات التي أطلقتها الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة لهطول أمطار على مواقع متفرقة على مستوى المملكة ومنها محافظة جدة حيث أشارت إلى نزول أمطار خفيفة تتحول إلى أمطار رعدية غزيرة اليوم (الخميس) وهو ما استدعى رفع تلك الجاهزية إلى أعلى درجاتها.

اللواء عادل الزمزمي مدير الدفاع المدني بمنطقة مكة المكرمة أكد في حديث خاص لـ«الشرق الأوسط» أنه تم وضع فرق الدفاع المدني في حالة تأهب لليومين المقبلين بعد ورود تحذيرات رسميه من الأرصاد بهطول أمطار على المنطقة، مشيرا إلى أنه تم نشر الفرق الميدانية والمعدات في كافة المواقع، داعيا السكان إلى أخذ الحيطة والحذر وعدم النزول إلى الأودية واتباع إجراءات السلامة.

وأضاف «أن أمطار البارحة لم تشهد أي عمليات إخلاء أو احتجاز في كافة المواقع وتم تطبيق خطة الأمطار والسيول بمشاركة كافة الجهات المعنية من خلال غرفة العمليات المعدة، التي تشرف عليها إدارة الدفاع المدني».

إلى ذلك، أوضح لـ«الشرق الأوسط» العميد محمد القحطاني مدير مرور جدة أن «تزامن هطول الأمطار مع خروج طلاب المدارس وتوجه أولياء الأمور إلى أبنائهم في وقت واحد خوفا عليهم من تداعيات سيول متوقعة أدى إلى توقف الحركة المرورية وتوقفت بعض الطرق بشكل كامل لفترات طويلة وذلك لقيام الفرق الأمنية وصهاريج الأمانة بسحب تجمعات المياه، خصوصا في شمال طريق المدينة بينما لم تسجل الطرق السريعة الأخرى مثل طريق الحرمين وطريق مكة القديم أي ازدحام مروري بسبب قلة الأمطار في تلك المواقع».

وأضاف القحطاني «تم إغلاق عبارة السامر بسبب ارتفاع منسوب المياه»، مشيرا إلى أن الازدحام المروري في جنوب جدة كان أقل منه في شمالها بسبب زيادة الأمطار في شمالها، مضيفا أن إدارته لم تسجل أي حوادث مرورية غير طبيعية وذلك بسبب تأخر حركة السير نتيجة الزحام.

من ناحيته، قال العميد عبد الله الجداوي، مدير الدفاع المدني في جدة «تلقينا تحذيرا من الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة كان يشير إلى احتمال نزول الأمطار، وتم التعامل مع هذا التحذير فور تلقيه حيث تم نشر الكثير من فرق الإنقاذ والطوارئ واستدعاء جميع الضباط للتعامل مع التحذير مع توجيه التعليمات إلى كافة المراكز والفرق الميدانية للاستعداد».

وقال «تلقت غرفة العمليات عدة بلاغات بسيطة عن وقوع حوادث ماس كهربائي في مواقع بسيطة وتم مباشرة الكثير منها والتعامل معها. وأضاف «تم توجيه فرق أخرى لبعض المواقع التي أشير إلى وجود تجمعات مائية أعاقت حركة السيارات بها».

من جهة أخرى، أوقفت الخطوط السعودية رحلاتها لنحو ساعة نتيجة الأجواء الجوية والتحذيرات من الأرصاد، وشهدت الحركة الملاحية في ميناء جدة الإسلامي توقفا بسبب سقوط الأمطار كما أوضح الكابتن ساهر الطحلاوي مدير ميناء جدة الإسلامي، الذي بين أنه تم إيقاف الحركة الملاحية بعد تلقي التحذيرات من الجهات المعنية، وذلك بالتنسيق مع برج المراقبة بالميناء.

وأضاف الطحلاوي «بعد توقف الأمطار تم تسيير الحركة الملاحية وتم رفع الجاهزية والاطلاع على التحذيرات الصادرة من مصلحة الأرصاد، وذلك لمراقبة الوضع والتدخل عند الحاجة».

من جهته، أوضح خالد الخيبري، الناطق الإعلامي بالهيئة العامة للطيران المدني أن «مطار الملك عبد العزيز الدولي بجدة لم يشهد أي حالة تأخير أو تأجيل للرحلات المغادرة من المطار أمس (الأربعاء) في حين شهد المطار تحويل مسار الكثير من الرحلات القادمة إليه حيث تم تحويل 6 رحلات كانت قادمة إلى مطار جدة إلى عدد من المطارات الأخرى في المدينة وجازان والدمام».

وأضاف الخيبري أن الرحلات ستعود إلى مسارها الطبيعي بعد استقرار الأحوال الجوية، مؤكدا أن السلامة والأمن هما الشعار والعنوان الذي تتخذه الهيئة في تشغيل العمليات بمطار الملك عبد العزيز بجدة.

وفي السياق ذاته، أعلنت الإدارة العامة للتربية والتعليم في جدة خلو مدارسها من أي حوادث أو تأثيرات سلبية على مبانيها بعد هطول الأمطار صباح أمس، حيث أوضح مدير عام التربية والتعليم بجدة عبد الله بن أحمد الثقفي أن «تنسيقا جيدا جرى بين إدارته وإدارة الدفاع المدني وتم الإخلاء التدريجي لجميع مدارس جدة حيث تم صرف كافة الطلاب فور حضور أولياء أمورهم»، مشيرا في ذات الوقت إلى أن مديري المدارس منحوا صلاحية كاملة لاتخاذ الإجراء المناسب والمتوافق مع الأجواء وتقلباتها، معتبرا أن هذه الصلاحيات ساهمت بشكل كبير في تسهيل إجراءات الإخلاء.

وأضاف في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أنه «لم ترد للإدارة أي تقارير عن حوادث أو إصابات في مدارس جدة حيث تمت عملية الإخلاء بطريقة انسيابية»، موجها شكره لمديري مكاتب التربية والتعليم ومديري المدارس والمعلمين بجدة لما بذلوه من جهد وما أبدوه من حرص ومتابعة لوصول الطلاب إلى منازلهم، كما وجه شكره لأولياء أمور الطلاب لتفهمهم هذه الظروف وتفاعلهم مع إدارة التعليم.

وأكد مدير تعليم جدة أنه «تم إخلاء بعض المدارس وذلك عقب تلقي التحذيرات والتوجيهات من الدفاع المدني، الذي أوصى بالإخلاء التدريجي للمدارس باعتبارها موعدا لصرف الطلاب والطالبات للحفاظ على الأرواح في حال نزول أمطار غزيرة، وتمهيدا لعدم إحداث أي عرقلة للحركة المرورية لحظة نزول الأمطار».

من جهة أخرى، وجه مدير الشؤون الصحية الدكتور سامي باداود، كافة المستشفيات لتكون في حاله جاهزية كاملة، وكذلك فرق الطوارئ لتكون على أهبة الاستعداد حيث تم حصر أسرة العناية المركزة، بالمستشفيات ووحدات الدم مع تجهيز سيارة تموين طبية متنقلة للتوجه السريع إلى أي موقع حسب الاحتياج.

وأكد باداود «أن مديرية الشؤون الصحية في محافظة جدة لديها خطة طوارئ خاصة لاستعداد المستشفيات والفرق الطبية، حيث يتمثل خط الدفاع الأول لصحة جدة في المستشفيات الثلاثة، مستشفى الملك فهد، ومستشفى الملك عبد العزيز، ومستشفى الثغر، حيث إن هذه المستشفيات مجهزة بالكامل تحسبا لأي طارئ، كما أن خط الدفاع الثاني المتمثل في المستشفيات التخصصية التابعة لوزارة الصحة، بالإضافة إلى مستشفيات القطاع الخاص، جميعها موصولة في غرفة عمليات طوارئ صحة جدة، التي من خلالها يتم إيصال كافة بلاغات الدفاع المدني إلى جميع المستشفيات ومسؤولي صحة جدة».

وفي الجانب الخدمي، قالت أمانة جدة عبر بيان رسمي أصدرته أمس «إنه جرى تحديد مواقع تجمع مياه الأمطار في الشوارع الرئيسية وتوجيه وايتات وتناكر الشفط إليها».

وأشارت إلى أن وحدة تصريف مياه الأمطار والسيول باشرت أعمالها في فتح الشبكات وتسهيل دخول مياه الأمطار، وأنه تم الاستعانة بالوايتات حيث وجدت أكثر من 30 ناقلة تابعة لإدارة الحدائق والتشجير والمرافق البلدية وأكثر من 60 ناقلة من وايتات الأهالي، بالإضافة إلى 25 ناقلة تابعة لشركات النظافة بخلاف المكانس والمضخات، حيث تم توفير 20 مضخة مبدئيا، فضلا عن 6 شيولات، وجرى توزيع المعدات على المناطق التي تم حصرها خاصة في شمال ووسط جدة».

واستطرد البيان «فور سقوط الأمطار باشرت إدارة المياه بتشغيل فتحات تصريف مياه الأمطار في المناطق المغطاة بشبكة تصريف، وما يزيد على 70 مضخة موزعة في أنحاء مختلفة من مدينة جدة».

وأفاد البيان، الذي حمل توقيع المركز الإعلامي «بأن محطات الضخ موزعة على عدة مناطق بجدة؛ منها 4 مضخات في محطة البلد، مضختان في محطة نفق الكورنيش، ومضختان في نفق محطة البيعة، ومضخة واحدة في نفق محطة العلوي، ومضختان في محطة نفق تقاطع الملك فهد مع طريق المدينة، ومضختان في محطة نفق الملك عبد الله مع تقاطع طريق المدينة، ومضخة في محطة الواحة، و38 مضخة في محطة الإسكان، و12 مضخة بمحطة الزهراء، و3 مضخات بمحطة الخالدية، و3 مضخات بمحطة نفق السلام، ومضختان في نفق الزهور».

واستطرد «أنه منذ تلقي بلاغ الرئاسة العامة للأرصاد بهطول أمطار على جدة، أعلنت حالة التأهب وتطبيق خطة الطوارئ للأمطار، التي تتضمن تحديد المواقع الحرجة في المدينة، وأماكن تجمع المياه سواء كانت في الشوارع الرئيسية أو الفرعية أو أمام الجهات الحكومية والمدارس والمساجد، ونشر فرق ميدانية للبلديات الفرعية بها والعمل على معالجة سلبياتها في أسرع وقت ممكن، وتوزيع دوريات السلامة وفرق الإنقاذ على الشوارع والميادين المسجلة لدى غرفة العمليات مسبقا، التي تتجمع فيها مياه الأمطار، للتدخل في الحوادث وتقديم المساعدة».