جدة تتجاوز يوما عصيبا.. أعاد للأذهان كارثتها الشهيرة

الأمطار تحتجز بعض الأسر.. وإنقاذهم بالمروحيات والقوارب المطاطية

اسرة احتجزتها المياه في شارع ولي العهد تبرع عدد من المارة لاخراجها من وسط المياه (تصوير: سلمان المرزوقي)
TT

عاشت جدة أمس يوما عصيبا أعاد للأذهان ذكرى كارثتها الشهيرة العام الماضي، بعد هطول أمطار غزيرة على المحافظة أدت إلى احتجاز بعض الأسر في أحد الأحياء الكائنة شرق المحافظة، وأنقذتهم مروحيات الدفاع المدني والقوارب المطاطية، وتم إيواؤهم في «شقق مفروشة».

وقال الهلال الأحمر على لسان علي الغامدي مدير العلاقات العامة فيه: «استقبلنا 42 بلاغا، شملت حوادث مرورية، أدى أحدها إلى انقلاب حافلة في طريق مكة - جدة القديم، أسفر عن 4 إصابات»، مشيرا إلى مشاركة 20 فرقة إسعاف، تتضمن فرق التدخل السريع لمواكبة الأحداث.

من جانبه، أكد العميد عبد الله جداوي مدير إدارة الدفاع المدني في محافظة جدة، تسجيل حالات احتجاز، منها أربع حالات تم نقلها بالطائرات ونحو عشر حالات تم إنقاذهم بالقوارب المطاطية، وكذلك تم إنقاذ حالة في ميدان النجمة كانت محتجزة جراء السيول.

في حين أوضح الرائد عبد الله العمري، الناطق الإعلامي باسم ادفاع المدني بمنطقة مكة المكرمة، أن من بين الحالات التي تم إنقاذها ثلاث نساء وطفلان، عبر الطيران العمودي، وثلاث نساء وطفلتان بواسطة القوارب المطاطية، بينما أنقذت الفرق الأرضية سبعة أشخاص من عائلة واحدة بعد سقوط سيارتهم في بطن وادي. مبينا أن تأثير الأمطار محصور في جدة - حتى إعداد هذا التقرير - في منطقة شرق الخط السريع ووادي قوس، مشيرا إلى أنه يوجد تحرك للسيل وتجمع مياه في وادي مريخ بشكل عام، بالإضافة إلى تجمع كبير للمياه بشرق الخط السريع.

ولفت العمري إلى أن أحد المجمعات السكنية، وهو مجمع «أم الخير» السكني، قد غمرته المياه بجميع أدواره السفلية، واحتجز السكان بالأدوار العلوية، كما تم قطع الكهرباء وفصلها عن المكان كله. مضيفا: «هناك حركة سريعة للسيل في منطقة الحرازات»، مؤكدا «جاهزية فرق إنقاذ الدفاع المدني المنتشرة في جميع المواقع بأفرادها وآلياتها والطيران العمودي والقوارب المطاطية».

اللواء عادل الزمزمي مدير الدفاع المدني بمنطقة مكة المكرمة، أفاد أن فرق الدفاع المدني وآلياته ستبقى مستعدة على مدى اليومين المقبلين وأن الأوضاع تبدو مطمئنة.

من جانبه، طمأن الدكتور سعد محلفي وكيل الرئيس العام للأرصاد بتجاوز العاصفة المنطقية الغربية من البلاد، وأكد تجاوز مرحلة التنبيه بالخطر، وأضاف أن الأمطار التي سقطت على المنطقة تعتبر متوسطة وسجل أعلى منسوب للمياه نحو 50 ملم في منطقة هدى الشام، وتوقع المحلفي هطول أمطار خفيفة على المناطق الوسطى من السعودية في الساعات المقبلة.

وبالعودة لأمطار أمس التي تسببت في إعاقة الحركة الملاحية البحرية والجوية في المدينة، أكد الكابتن ساهر طحلاوي مدير ميناء جدة لـ«الشرق الأوسط» إيقاف الحركة الملاحية تماما في الميناء منذ الثالثة فجرا وإيقاف أي حركة دخول أو خروج لسفن في الميناء.

وأبان طحلاوي أن 10 سفن كان متوقعا وصولها خلال تلك المدة، ومنعت ثلاث سفن من المغادرة حتى حين كتابة التقرير، مؤكدا عودة الحركة بعد انتهاء العاصفة وورود التطمينات من قبل أجهزة الرصد.

وأوضح من جانبه عبد الله بن مشبب الأجهر، مساعد مدير عام الخطوط السعودية للعلاقات العامة، تأثر 25 رحلة في مطار الملك عبد العزيز الدولي بجدة جراء الأمطار الغزيرة التي هطلت صباح أمس خلال فترة محدودة من الساعة التاسعة صباحا وحتى الساعة الثانية عشرة ظهرا فقط، حيث عادت جميع الرحلات وعددها الإجمالي 97 رحلة قادمة ومغادرة من مطار جدة، إلى وضعها الطبيعي.

وعن الإجراءات المتبعة أثناء سوء الأحوال الجوية، أكد الأجهر أن الخطوط السعودية تعطي مبدأ سلامة المسافرين وطائراتها أول اهتماماتها وعنايتها، ومن هذا المنطلق، فإنها تعتمد في اتخاذ القرارات المتعلقة بتسيير الرحلات أثناء تقلبات المناخ على عدة عوامل؛ منها، بيانات الهيئة العامة للأرصاد، والمعلومات التاريخية للرحلات السابقة والمحطات، التي توفرها إدارة الترحيل الجوي بالسعودية، بالإضافة إلى الاستعانة ببيانات ومعلومات الدول الأخرى، وأضاف أنه أثناء عملية إقلاع أو هبوط أي طائرة يلزم أن لا تتعرض الطائرة لاختلاف مفاجئ حاد لاتجاه الريح، وأن تكون رؤية المدرج لا تقل عن ألف قدم، وأن يكون المدرج أو مسار الطائرة خاليا من أي معوقات مثل الثلوج وغيرها.

من جهته، أكد خالد بن عبد الله الخيبري، المتحدث الرسمي باسم الهيئة العامة للطيران المدني، أن الحركة الجوية عادت إلى وضعها الطبيعي في مطاري الملك عبد العزيز الدولي في جدة والأمير محمد بن عبد العزيز الدولي في المدينة المنورة، وذلك بعد أن أدى هطول الأمطار الغزيرة التي شهدتها المنطقة إلى تحويل بعض الرحلات إلى مطارات المملكة الأخرى.

وأوضح الخيبري أن سوء الأحوال الجوية الذي شهدته مدينتا جدة والمدينة المنورة، أدى إلى تحويل عدد من الرحلات إلى مطارات المملكة القريبة الأخرى، وبين أن الهيئة تتابع باهتمام بالغ الأحوال الجوية حفاظا على سلامة الركاب، وقد أعلنت حالة الطوارئ رقم «1»، وهي تعني تأهب العاملين كافة في المطارات؛ من خدمات الإطفاء، والمراقبة الجوية، والعمليات الجوية، للتدخل في حال وقوع أي حالات طارئة، لا قدر الله.

وأضاف الخيبري أنه منذ بداية العواصف الرعدية وهطول الأمطار صباح أمس الخميس كانت الأحوال الجوية سيئة في مطار الأمير محمد بن عبد العزيز الدولي بالمدينة المنورة، وأدى ذلك إلى إعادة رحلة «السعودية» إلى جدة بعد إقلاعها من جدة متجهة إلى المدينة، كما تم تحويل رحلة الطائف التي كانت في طريقها إلى المدينة إلى مطار الملك عبد العزيز الدولي في جدة، ومن الرياض أيضا كانت هناك رحلة متجهة إلى المدينة تمت إعادتها إلى جدة.

وأضاف أن مطار الملك عبد العزيز شهد أيضا إعادة رحلات كانت في طريقها إليه بسبب العواصف الرعدية وهي رحلة «السعودية» القادمة من تبوك، وتمت إعادتها إلى مطار تبوك الإقليمي، ورحلة «السعودية» القادمة من مطار شرورة إلى جدة، وتم تحويلها إلى مطار الملك عبد الله بجازان، ورحلة تابعة لشركة «ناس» كانت قادمة من صنعاء، وتم تحويها إلى مطار الأمير محمد بن عبد العزيز الدولي بالمدينة المنورة.

إلى ذلك، أكد المقدم بحري صالح الشهري، الناطق الرسمي باسم قيادة حرس الحدود في منطقة مكة المكرمة، تنفيذ خطة طوارئ مع الجهات الأمنية لسرعة التدخل السريع من قبل رجال حرس الحدود في إنقاذ المحتجزين نتيجة تجمعات مياه السيول، وأن هناك متابعة دقيقة مع إدارة الدفاع المدني لدعمهم بكوادر بشرية حال تطور الوضع.

وأوضح الناطق الرسمي باسم قيادة حرس الحدود أنه يتوقع سوء في الأحوال الجوية بازدياد في سرعة الرياح وتدني مدى الرؤية الأفقية مع عواصف ترابية وهطول أمطار رعدية ويصحبها انخفاض في درجة الحرارة.

وشهدت الطرق الرئيسية في جدة ازدحاما كبيرا، وتسببت الأمطار في ارتفاع منسوب المياه في بعض الأنفاق أرجعه المركز الإعلامي لأمانة جدة إلى زيادة المياه عن طاقة المضخات؛ الأمر الذي أعاق حركة السير في تلك المواقع.

وأوضح العميد محمد حسن القحطاني، مدير مرور محافظة جدة، أن «منسوب المياه أمس كان أكثر مما كان عليه أول من أمس، هذا الأمر اضطرنا إلى أن نغلق عددا من الطرقات والميادين، حيث قمنا بإغلاق طريق الحرمين من كبري الملك عبد الله إلى كبري فلسطين بسبب ارتفاع منسوب المياه بشكل كبير جدا، خاصة المياه المقبلة من الأحياء الشرقية، حيث قمنا بتحويل الحركة إلى شارع علي مرتضى وشارع فلسطين، كذلك تم قفل عبارات السامر، وكذلك تم إغلاق ثلاثة أنفاق (الملك عبد الله) و(الستين) و(الكورنيش)».

وعن الازدحام الذي شهدته الحركة المرورية أمس في أغلب الطرقات والشوارع، بين القحطاني أنه «نظرا لارتفاع المياه في أغلب الشوارع والميادين، فالحركة كانت بطيئة، نظرا لتعطل السيارات، خاصة الصغيرة؛ مما جعل هناك عرقلة للحركة، ونحن لا نغفل أن كثيرا من الشركات الخاصة لديها نصف دوام، لذلك هناك كثافة سير، وطبيعي جدا كأي مدينة أو دولة أن تكون هناك ربكة في الحركة المرورية، بالإضافة إلى وجود بعض العائلات خارج منازلهم لقضاء حاجاتهم خلال عطلة الأسبوع. ولكن أود أن أشير إلى أن الطاقة المرورية كافة؛ البشرية والآلية، موجودة ميدانيا، وتباشر أي حدث بشكل سريع نوعا ما، خاصة أن الدرجات النارية وضعها سلبي في ضل وجود الأمطار، فتم نقل الأفراد إلى سيارات من نوع (جيب)، خاصة أن السيارات الصغيرة أيضا تعطل بعضها جراء ارتفاع منسوب المياه».

وأكد القحطاني أن «هناك عددا من الأعمدة سقطت، والإشارات تعطلت، وتم رفع تقرير للجهات المعنية، وهناك تقرير يرفع أولا بأول إلى إمارة منطقة مكة المكرمة، خاصة أن هناك متابعة مستمرة من قبل الأمير خالد الفيصل، وكذلك وجود الأمير مشعل بن ماجد محافظ جدة ميدانيا، ومواصلة التأكيد على أهمية سلامة المواطن بالدرجة الأولى، مما أعطى الدعم المعنوي للأفراد كافة العاملين في الميدان. وأضاف العميد القحطاني أن «إدارة المرور قد لجأت إلى الوجود الميداني ونشر الفرق المختصة في الشوارع والاستعداد لاستقبال أي بلاغات أو حالات طوارئ في جميع أنحاء المحافظة، وذلك لضبط إيقاع حركة السير والعمل على تهدئتها، والتدخل لمواجهة أي طارئ»، وأكد أن هناك عمليات مشتركة موجهة من الإمارة ومتابعة من محافظ جدة تربط المرور والأمانة والدفاع المدني بعدد من الجهات المعنية للاتصال السريع.

الشؤون الصحية بجدة وعلى لسان مديرها الدكتور سامي باداود، أعلنت حالة الاستنفار الكبرى في المستشفيات كافة التابعة لها، ووضعت، بحسب باداود، نحو 450 طبيبا ومسعفا على أهبة الاستعداد، ورفعت حالة الاستنفار في المستشفيات الحكومية كافة وفي ثلاثة عشر مستشفى خاصا لمواجهة أي طارئ.

وأكد باداود أن «مديرية الشؤون الصحية في محافظة جدة لديها خطة طوارئ خاصة لاستعدادات المستشفيات والفرق الطبية، حيث يتمثل خط الدفاع الأول لصحة جدة في المستشفيات الثلاثة؛ مستشفى الملك فهد -مستشفى الملك عبد العزيز - ومستشفى الثغر، حيث إن هذه المستشفيات مجهزه بالكامل تحسبا لأي طارئ، كما أن خط الدفاع الثاني متمثل في المستشفيات التخصصية التابعة لوزارة الصحة، بالإضافة إلى مستشفيات القطاع الخاص جميعها، موصولة في غرفة عمليات طوارئ صحة جدة التي من خلالها يتم إيصال بلاغات الدفاع المدني كافة إلى جميع المستشفيات ومسؤولي صحة جدة.

وفي الجانب الخدمي، تفقد أمين محافظة جدة الدكتور هاني بن محمد أبو راس أمس الشوارع والأحياء التي شهدت هطول أمطار، ومنها طريق المدينة، شارع الملك عبد العزيز، الأندلس، نفق الملك عبد الله، وأحياء شرق الخط السريع، ووقف على الطبيعة على الأعمال التي تقوم بها الإدارات المعنية بالأمانة.

وأشار المركز الإعلامي للأمانة إلى أن وحدة تصريف مياه الأمطار والسيول باشرت أعمالها في فتح الشبكات وتسهيل دخول مياه الأمطار، مضيفا أنه تم الاستعانة بـ«الوايتات»، حيث وجد أكثر من 30 ناقلة تابعة لإدارة الحدائق والتشجير والمرافق البلدية، وأكثر من 60 ناقلة من «وايتات» الأهالي، بالإضافة إلى 25 ناقلة تابعة لشركات النظافة، إضافة إلى المكانس والمضخات، حيث جرى توفير 20 مضخة مبدئيا، فضلا على 6 «شيولات»، كما جرى توزيع المعدات على المناطق التي تم حصرها، خاصة في شمال ووسط جدة. وفور سقوط الأمطار، باشرت إدارة المياه تشغيل فتحات تصريف مياه الأمطار في المناطق المغطاة بشبكة تصريف، وما يزيد على 70 مضخة موزعة في أنحاء مختلفة من مدينة جدة.

وأفاد المركز الإعلامي أن محطات الضخ موزعة على عدة مناطق بجدة؛ منها أربع مضخات في محطة البلد، ومضختان في محطة نفق الكورنيش، مضختان في نفق محطة البيعة، مضخة واحدة في نفق محطة العلوي، مضختان في محطة تقاطع نفق الملك فهد مع طريق المدينة، مضختان في محطة نفق الملك عبد الله مع تقاطع طريق المدينة، مضخة في محطة الواحة، 38 مضخة في محطة الإسكان، 12 مضخة بمحطة الزهراء، 3 مضخات بمحطة الخالدية، 3 مضخات بمحطة نفق السلام، ومضختان في نفق الزهور.

وأكد أنه منذ تلقي بلاغ الرئاسة العامة للأرصاد بهطول أمطار على جدة، تم تطبيق خطة الطوارئ للأمطار، التي تتضمن تحديد المواقع الحرجة في المدينة، وأماكن تجمع المياه؛ سواء كانت في الشوارع الرئيسة أو الفرعية أو أمام الجهات الحكومية والمدارس والمساجد، ونشر فرق ميدانية للبلديات الفرعية بها والعمل على معالجة سلبياتها في أسرع وقت ممكن، وتوزيع دوريات السلامة وفرق الإنقاذ على الشوارع والميادين المسجلة لدى غرفة العمليات مسبقا، التي تتجمع فيها مياه الأمطار، للتدخل في الحوادث وتقديم المساعدة.

وتتضمن خطة الأمانة تحديد مسؤوليات وواجبات كل إدارة وعمليات التنسيق مع الإدارات المعنية خلال تلك الفترة مثل: الشرطة، الدوريات الأمنية، الأرصاد وحماية البيئة، المرور، الدفاع المدني، فرع وزارة المياه والكهرباء، وزارة النقل، وشركة الكهرباء. ووضعت الخطة برنامج العمل خلال فترة التنفيذ، بالإضافة إلى تحديد أسماء المسؤولين في كل الإدارات على مدار اليوم، وحسب نظام الورديات، وبمعدل 8 ساعات لكل وردية.

ويعمل على تنفيذ الخطة مديرو عموم الإدارات المعنية، ورؤساء البلديات الفرعية وموظفوها وعمالها، بالإضافة إلى المسؤولين والعاملين في الشركات العاملة مع الأمانة ومندوبي الإدارات الأخرى المشاركة، وقد تم حشد الطاقات البشرية والمالية وتجهيز المعدات اللازمة والمتوفرة لدى الأمانة ومقاوليها لتنفيذ خطة عمل الأمانة بالمستوى المطلوب.