مصدر مسؤول يفسر لـ«الشرق الأوسط»: المياه غمرت طريق المدينة لعدم عمل خطوط التصريف بطاقتها الكاملة

«الشرق الأوسط» ترصد ساعة هطول الأمطار * جدة: سكان يصعدون للأدوار العليا في منازلهم.. وآخرون يخرجون إلى التنزه بـ«حذر»

الخط السريع وقد غمرت المياه معظم الطرق المؤدية له (تصوير: غازي مهدي)
TT

بين رفوف «سوبر ماركت» يقع في شارع بني مالك بجدة، كان الشاب هيثم بن سلطان، وهو موظف يعمل في القطاع الحكومي، يسارع بالتقاط المعلبات وعبوات وافرة من المياه والمرطبات، إلى جانب قائمة تطول، كان يقرأها عبر هاتفه المحمول، ملتقطا الأكياس واحدا تلو الآخر، ودفع للبائع مبلغ 470 ريالا.

وفور انتهائه، أكد بن سلطان (34 عاما)، لـ«الشرق الأوسط»، عزمه المكوث في المنزل ابتداء من يوم أمس، إذ انتقل وأسرته إلى «ملحق» يعلو شقته الكائنة في حي النسيم - شرق المحافظة - على خلفية الأمطار التي هطلت على المدينة الساحلية صباح أمس. ويقول «نقلنا معظم الأجهزة التي نحتاجها في الحياة اليومية، إلى جانب إصرار زوجتي على تأمين الحاجيات الغذائية اللازمة حتى الأحد»، في إشارة إلى رسالة هيئة الأرصاد المحذرة من الأجواء التي ستشهدها المحافظة خلال الأيام المقبلة.

ويبدو أن سكان المناطق التي غمرتها مياه الأمطار في جدة اتخذوا الشيء ذاته، بعد أن ركن غالبية سكان الأحياء المكتظة بالسكان، سياراتهم في أماكن آمنة، وأكدت شريحة واسعة منهم لـ«الشرق الأوسط» شروعهم في ذلك، منذ الصباح الباكر.

إلى ذلك، قاد الهلع والخوف بعض السكان، مما أجبرهم على التزام منازلهم والاكتفاء بمراقبة الأمطار عبر الشبابيك والشرفات موجهين الكاميرات التي خرجت من مخابئها تجاه المتعثرين أو السائرين على أرجلهم ممن منحهم المطر حماما إجباريا.

وفي المقابل، كسر بعض السكان حاجز الخوف بالخروج للتنزه، مكتفين بالدوران بسياراتهم في كورنيش جدة، والحمراء، وأبحر، إلى جانب امتلاء بعض المقاهي بالشبان الذي فضلوا الجلوس في الخارج، للاستمتاع بمنظر المدينة بعد هطول المطر.

وبالعودة إلى ساعة هطول المطر، رصدت «الشرق الأوسط» مآزق واجهتها السيارات العابرة. ويصف الشاب ابن سلطان خلال حديثه السريع، قيادته للسيارة وقت هطول المطر بالقول «حسنا.. هناك أمران لا ثالث لهما ساعة المطر، إما المرور بسلام بسيارتك، أو الانضمام إلى صفوف السيارات المتعطلة على جانبي الطريق.. لأتفادى ذلك، أحرص على تجنب التجمعات المائية، وفي الغالب أحرص على السير خلف السيارة التي تقع أمامي مباشرة، تلافيا للكميات التي ستتلقاها عني». ويضيف «يجب التروي، وعدم الاقتراب من الكباري والأنفاق لأن تجمعات المياه تكثر في تلك المواقع».

وبدا الغالب في شوارع جدة تساوي المياه بالأرصفة، وشهد طريق المدينة «الطالع» انغمارا بالمياه على أثر طفح في أنابيب الصرف الصحي أدى إلى تحول مهمة «فتحات الصرف الصحي» من استيعاب المياه في الداخل إلى نوافير تدفع الماء إلى الخارج، وذلك في المنطقة التي يتقاطع فيها هذا الطريق مع طريق الملك عبد الله إلى الناحية الأخرى من «كبري» طريق الأمير محمد بن عبد العزيز.

وفسر مصدر مسؤول في أمانة جدة، لـ«الشرق الأوسط»، سبب انغمار طريق المدينة بالمياه قائلا «إن طريق المدينة مخدوم بخطي تصريف أمطار تحت الأرض، بقطر ألف ملم، يتوزعان على الطريق المتجه شمالا والآخر المتجه جنوبا». يضيف «إن الإشكالية تكمن في عدم استطاعة خطوط التصريف في الأحياء القريبة العمل بطاقتها الاستيعابية، إلى جانب عدم توافر خطوط مستقلة في بعض الأحياء المجاورة لطريق المدينة».

وجاءت الأمطار التي أعقبت رياحا اسودّت على أثرها الأجواء، وباتت الشمس غائبة تماما عن سماء جدة في ساعات الصباح الباكر، إذ أمطرت السماء في حدود العاشرة.

إلى ذلك، اختفت سيارات الأجرة من الشوارع الغارقة بالمياه، فيما رفعت السيارات المتوافرة منها أجرة الركوب بنسبة 1000 في المائة، إذ حدد البعض مبلغ 100 ريال في مشاوير تتكلف عادة نحو 10 ريالات.

على جانب آخر، أحجمت بعض المطاعم عن تقديم خدمات مطاعم التوصيل المجاني، فيما طالب بعضها بالانتظار لمدة ساعتين بشرط توقف المطر.

كما رصدت كاميرا «الشرق الأوسط» شبانا في أحياء مختلفة، هرعوا للمساعدة في التطوع بتنظيم عملية السير تفاديا للارتباك المروري، الذي تعثر في نقاط متعددة، وسط تعطل سيارات في بعض الشوارع الرئيسية والفرعية. وأسهم الشبان مع رجال الدفاع المدني في مساعدة العالقين.

كما شهدت جدة على خلفية الأمطار سقوط لوحات إعلانية كبيرة، وأشجار ارتمت على بعض الشوارع، فيما سقطت أيضا إشارات مرور في الكوبري المربع وشارع الأمير محمد بن عبد العزيز (التحلية).

إلكترونيا، دأب مستخدمو «فيس بوك» و«تويتر» ومجموعات بريدية، على التحول لمرشدين ناقلين لمجريات الأوضاع، محذرين من الأماكن الخطرة. فيما تداولت الهواتف المحمولة رسائل التحذير التي ظل يبثها الدفاع المدني والأرصاد. بينما أخذ مستخدمون في توجيه رسائل نقد بشكل ساخر تعود بالذاكرة إلى الكارثة الماضية، وأحال بعض المستخدمين صورهم الرمزية في المواقع الاجتماعية إلى الصور التي تحمل شعارات العام الماضي، إذ تشير إلى غرق جدة، أو ضرورة امتلاك «جت بوت» تفاديا للمياه.