تحذيرات الأرصاد تحول بين عشاق جدة وزيارتها.. وإقبال كبير على المواقع التفاعلية

بلدي جدة ينتقد: تطمينات الأمانة انهارت على أرض الواقع

مخاوف من هطول المزيد من الأمطار خلال الأيام المقبلة (إ. ب. أ)
TT

يبدو أن كارثة جدة ستظل راسخة في عقول السعوديين بشكل عام، وليس أهل جدة فقط، وتسببت التحذيرات التي بثتها وسائل الأعلام عن مصلحة الأرصاد وحماية البيئة السعودية في إلغاء الكثير من سكان المملكة حجوزات الفنادق والشقق المفروشة التي يفضلون قضاء إجازتهم فيها، وتغيير وجهاتهم نهاية الأسبوع الحالي.

وسجلت مواقع الإيواء انخفاضا ملحوظا في الحجوزات، بحسب ما أورد خالد النهدي، موظف الاستقبال في أحد الشقق بشارع التحلية، وأضاف: «ألغى بعض النزلاء، خصوصا من سكان المدينة المنورة وجنوب المملكة، حجوزاتهم، معللين ذلك بالتحذيرات التي أصدرتها الأرصاد وحماية البيئة، وخوفا من تكرار حادثة العام الماضي».

ذات الأمر أكده جميل عمودي، العامل في مجمع إسكان تجاري آخر، وأضاف: «قدم إلينا بعض سكان الأحياء الشرقية من جدة متخوفين من هطول أمطار غزيرة، بينما ألغت بعض الأسر حجوزاتها لورود الأنباء حول هطول الأمطار».

وأشار إسماعيل الحيدري إلى تأجيل زيارته إلى ذويه في جدة، وهو الذي يحضر إليهم نهاية كل أسبوع، إلا أنه أورد أن سبب عدم خروجه هو سقوط الأمطار في مكة المكرمة وجدة والطرق المؤدية لهما.

وكانت الأرصاد السعودية بعثت منذ بداية الأسبوع الحالي تحذيراتها عن سقوط أمطار غزيرة على المناطق الغربية من المملكة مصحوبة برياح وعواصف رعدية.

وعلى شبكة الإنترنت ازدحمت المواقع التفاعلية بعشرات الصور والمقاطع التي تحكي وقائع هطول الأمطار في جدة، والمصحوبة بعدد من التعليقات والتحذيرات وسجلت مواقع «فيس بوك» و«تويتر» و«يوتيوب» نسب مشاهدة وتحميل عالية.

وفي الجانب الآخر، وجد بعض الفتيان والشباب في الأحياء الجنوبية في سقوط الأمطار فرصة مواتية للكسب، من خلال دفع العربات المعطلة في الطرق والشوارع الرئيسية، كما أكد فهد هشام وزملاؤه، ووصل قيمة دفع العربات 50 ريالا لمسافة لا تتعدى 20 مترا، بينما قدم آخرون ذلك من باب المساعدة والخدمة الاجتماعية على حد قولهم.

وفي سياق خدمي، تفاعل المجلس البلدي بجدة مع الأمطار الغزيرة التي هطلت أمس (الخميس)، وخرج رئيسه حسين باعقيل، ونائبه المهندس حسن الزهراني، والعضو بسام أخضر، إلى الشارع، وتجولوا في المناطق المتضررة شرق المحافظة، ووقفوا ميدانيا على المعاناة التي عاشها المنكوبون في مجمع أم الخير السكني، والأضرار التي وقعت في حي الأجاويد وقويزة، وتقرر عقد جلسة طارئة عقب صلاة الجمعة اليوم، بمشاركة جميع الأعضاء ومسؤولين عن أمانة جدة لبحث السبل الكفيلة لمواجهة أثار الأمطار والسيول.

وعبر باعقيل عن تضامن رئيس وأعضاء المجلس البلدي الكامل مع كل المتضررين في المناطق المنكوبة، مؤكدا أنهم يشاركون الجميع أوجاعهم ويشعرون بآلامهم بعد أن تجددت مشكلات الكثير من الأسر في شرق الخط السريع، بسبب السيول الغزيرة التي سقطت على المنطقة الغربية بالكامل، وصاحبها رياح شديدة وزوابع رعدية وسحب كثيفة، أدت إلى احتجاب الرؤية وأسهمت في تعطل وصول سيارات الإسعاف لإغاثة الكثير من المتضررين.

وقال رئيس بلدي جدة: «نحمد الله قبل كل شيء أن الأضرار البشرية لم تكن كبيرة، خصوصا أن الدفاع المدني قام بدوره على أكمل وجه، ونصح الجميع بتوخي الحذر وعدم الخروج من المنازل، علاوة على التحذيرات المبكرة من الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة، لكن عدم اكتمال مشاريع تصريف مياه الأمطار والسيول أدى إلى خسائر مادية في أم الخير والأجاويد وقويزة، وأدى إلى تجمع المياه فترات طويلة في أغلب شوارع جدة، وبات واضحا أن التطمينات الكثيرة التي حصلنا عليها في الفترة الماضية انهارت كلها على أرض الواقع».

وعبر المهندس حسن الزهراني، نائب رئيس المجلس عن أسفه الشديد للأضرار والخسائر التي خلفتها الأمطار في جدة أمس، وقال: «حدث ما حذرنا منه خلال الفترة الماضية من خلال ورش العمل التي استضافها المجلس بمشاركة الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة والدفاع المدني وأمانة جدة وأصحاب الرأي والاختصاص، وشددنا خلالها على أهمية الانتهاء من مشاريع تصريف مياه الأمطار والسيول، والتحرك بسرعة لدرء الأخطار المحتملة على جميع الأحياء التي تقع بجانب مجرى السيل، ووضع كل الاحترازات الممكنة لعدم تكرار مأساة العام الماضي».

وأشار الزهراني إلى أن المجلس البلدي حصل على تطمينات كثيرة من المسؤولين عن إدارة درء مخاطر الأمطار والسيول في أمانة جدة.. وقال: «أبلغونا أنهم تسلموا الميزانية المعتمدة من وزارة المالية، وأن العمل يجري على قدم وساق لمواجهة أي أخطار، وأنه سيتم تنظيف عبارات المياه الموجودة بطول طريق مكة المكرمة القديم، ومن جانبنا قمنا بعدد من الزيارات الميدانية لكل الأماكن المتوقع تضررها، وسجلنا الكثير من الملاحظات والمقترحات ورفعناها للأمانة».

من جانبه، ألقى بسام بن جميل أخضر عضو المجلس البلدي باللائمة على أمانة جدة ووزارة المالية في زيادة الأضرار التي وقعت شرق الخط السريع، وقال في أعقاب مشاهدة الأضرار الجسيمة في مخطط أم الخير: «كان بالإمكان تجنب الكثير من النكبات التي حدثت للناس أمس، لو نفذت الدراسات التي اعتمدتها هيئة المساحة والجيولوجيا السعودية بالاشتراك مع جامعة الملك عبد العزيز، حيث تأخر البدء في إطلاق المشاريع نتيجة بطء الإجراءات وتأخر وزارة المالية في صرف الاعتمادات المقررة.

وأضاف: شعرنا بالألم والحسرة ونحن نشاهد نفس المشاهد التي حدثت في العام الماضي تتكرر أمس، وكأننا لا نريد أن نستفيد من الدرس، والغريب أننا حذرنا وبح صوتنا من الحديث عبر ورش العمل التي جرت قبل عيد الأضحى المبارك، وعبرنا عن مخاوفنا من تكرار المأساة في ظل عدم الانتهاء من أي مشروع.

وتابع: سمعنا كلاما كثيرا وتعهدات كثيرة وأرقاما كبيرة، لكننا لم نجد على أرض الواقع أي شيء جرى إنجازه بالفعل، حيث ظلت عبارات المياه في طريق مكة القديم معطلة والمسؤولية ضائعة بين أمانة جدة وشركة المياه الوطنية، وتعثر إنجاز مشاريع إنشاء قنوات تصريف المياه في شرق جدة لأسباب تتعلق ببطء عمل المقاول وتأخر الاعتمادات المالية ووجود بعض الخدمات الأرضية.. وفي النهاية غرقت جدة تحت المطر.