70 ألف ريال.. عيدية لبناني لزوجته بجدة

في مزاد الحكواتي لعيدية الزوجات

الحكواتي أحمد الصياد في السحور الجماعي لمزاد عيدية الزوجات أول من أمس بجدة («الشرق الأوسط»)
TT

فتح حكواتي أثناء حفل سحور جماعي في جدة البارحة الأولى الباب لتنافس الأزواج على تقديم هدية العيد لزوجاتهم، والتي تعرف باسم «العيدية»، لينتهي الحفل بمكاسب مالية كبرى للنساء اللاتي من بينهن واحدة كسبت 70 ألف ريال ختم بها زوجها اللبناني مزاد العيدية.

وفي الوقت الذي يطالب فيه الأبناء آباءهم بالعيدية، فاجأ الحكواتي أحمد الصياد، في حفل سحور البارحة الأولى، الأزواج بمطالبتهم بتقديم العيدية لزوجاتهم. وأثارت هذه المطالبات سعادة الكثير من الزوجات اللآتي حضرن، نظرا لتعمد كل رجل إظهار روح الكرم أمام نظيره، مما أدى لتغيير مسار الاحتفالية، وتحويلها إلى صالة مزاد، تنافس فيها الأزواج، من جنسيات عديدة، على من يقدم أكبر مبلغ عيدية لزوجته.

وأوضح أحمد الصياد أنه أراد من الحضور معرفة من سيقدم عيدية لزوجته، ويقسم على ذلك، وأنه تعمد بذلك أن يذكر الغافلين من الرجال بأنه لا بد من تكريم الزوجة، وإعطائها عيدية تقديرا لها، وإدخالا للبهجة عليها في ليلة العيد، وطلب من الحضور في ذلك اليوم، معرفة المبالغ التي يقدمها الأزواج لزوجاتهم. وأضاف «بعد أن سألت: من منكم سيعطي زوجته هذا العيد عيدية مادية؟ فقام أحد الحاضرين من الجنسية السعودية، وقال إن زوجته أهدته مولودا صغيرا منذ شهر، وإنه مقابل هذه الهدية الجميلة التي أهداها الله ثم زوجته له سوف يهديها عيدية قيمتها 15 ألف ريال، وقام شخص آخر سعودي أيضا، وقال إنه سيعطي زوجته 15 ألف ريال و100، مزايدة على من قبله، وقام رجل لبناني الجنسية وأبهر الحضور بقوله إنه سيعطي زوجته 70 ألف ريال، وبالطبع كان مجال تعجب وشك من الحضور، لكنه قطع الشك باليقين وأكد قوله بإعطائه بطاقة الصراف أمام الحضور لزوجته، وبعد مزايدة هذا الرجل أتت مبادرة متواضعة، لكنها وقتية، من شخص آخر مصري الجنسية لزوجته، حيث قام بفتح محفظته أمام الحضور وأعطى زوجته 4 آلاف ريال، مما جعلها تقوم وتقبل رأس زوجها أمام الموجودين».

ويتنقل أحمد الصياد بذاكرته عبر بوابة الزمن ليروي كيف كانت طقوس العيدية في السابق قائلا «كان الأطفال في السابق يقومون بحملة إعلانية دعائية قبل العيد، من خلال تجولهم داخل الحارات القديمة، في أواخر رمضان، لتذكير سكان الحارة بالعيدية، وكانوا يجمعون بعضهم البعض، ويرددون أثناء تجولهم أهازيج معينة عن العيد، لتقدم لهم النساء في البيوت الحلويات والمكسرات المختلفة، أما أول أيام العيد فيلبس الأطفال ملابس العيد الجديدة، ويتزينون بأجمل ما لديهم، ويبدأون جولتهم داخل الحارة، ويطلق عن هذه الجولة القرقيعان».

وفي السياق ذاته، تتذكر زوجة أحمد الصياد، التي كانت تقوم بطقوس القرقيعان في طفولتها، عندما كانت في المنطقة الشرقية في السعودية تلبس الثياب الجديدة وتطوف مع أطفال الحارة الأزقة والبيوت وهي تردد معهم «قرقيعان وقرقيعان، بين قصير ورميضان، عادت عليكم صيام، كل سنة وكل عام». وتضيف أنه في حال كان لدى أحد قاطني الحي مولود جديد «كنا نذكر اسم المولود ونغني له، بهدف إعطائنا حلويات أو مكسرات وعيدية أكثر».

وتمنت لو أن المجتمع حافظ على هذه العادات القديمة، فهي ترى أن العيد في السابق خاصة عند الأطفال كانت له بهجة وفرحة أكثر من الآن، إضافة إلى أنهم كانوا يجمعون مبلغا كبيرا من العيدية، التي لأجلها كانت الأمهات تحيك حقائب اليد لكل فتاة بمقاس كبير، لجمع أكبر كم من الحلويات والعيديات بداخلها، كما كانوا يحرصون على زيارة البيوت، والتي فيها حفاظ على التواصل الاجتماعي بين الجيران.

وبالعودة للحكواتي يبين من خلال حديثه مدى حرص الأطفال سابقا على العمل الخيري وتخصيص جزء من مبلغ العيدية للصدقة والتبرع بها، لأطفال فلسطين أو للجمعيات الخيرية، مشيرا إلى أن هذه العادات قام بها الأطفال نتيجة حرص الآباء على غرسها بداخلهم، وهذا يبرهن على حرص العائلات في السابق على ترسيخ مبدأ التكافل الاجتماعي، والشعور بالآخر، وإدخال البهجة على الفقراء، في نفوس الأبناء.

ونظرا لما تشهده المجتمعات من تضخم، وارتفاع في الأسعار، لاحظه حتى الأطفال الصغار في السن، اختلفت مظاهر العيدية في الفترة الأخيرة عما كانت عليه في السابق، وأصبح الأطفال يطالبون بمبالغ محددة، كما خصصوا سلما للعيديات، يعتمد على المراحل التعليمية.

من جهته، يرى الدكتور سليمان الطيب أن العيدية يتم الاستعداد لها ووضعها في قائمة ميزانية مصاريف شهر شوال، والتي تزيد بزيادة عدد أطفال العائلة، وكبر سنهم، مبينا أن أطفال العائلة فرضوا سلما للعيدية يعتمد على مراحلهم التعليمية، ويبدأ السلم من المواليد وحتى المرحلة الابتدائية، وخصصوا لهذه الفئة عيدية بمبلغ 50 ريالا، أما من هم بالمرحلة المتوسطة فيكون مبلغ العيدية 100 ريال، والثانوية 150 ريالا، أما المراحل الجامعية فكانت لها الحصة الأكبر والتي وضعت لها تسعيرة 200 ريال.