«نزاهة» تطلب من «الشورى» تقييد الأنظمة التي تحتوي على استثناءات

رئيس هيئة مكافحة الفساد يطرح تأسيس مدونة للسلوك توزع على طلاب الجامعات

تسعى الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد لاستثمار طاقات الشباب الجامعي عبر توعيتهم بأوجه الفساد ومخاطره المتعددة («الشرق الأوسط»)
TT

طرح محمد الشريف، رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، أمس، مقترحا على وزارة التعليم العالي لتأسيس مدونة سلوك، توزع على طلاب الجامعات السعودية، تحض على النزاهة ومكافحة الفساد، واستحداث جوائز رمزية للطلبة الناشطين في ذلك، ونشر صورهم في المجلات والمنشورات من أجل تشجيعهم على بذل المزيد.

وأوضح الشريف لدى إقامة وزارة التعليم العالي، أمس، حلقة تهدف للتعريف بالاستراتيجية الوطنية لحماية النزاهة ومكافحة الفساد، أن عمل الهيئة يتطلب تضافر الجهود من المؤسسات الحكومية والخاصة ومؤسسات المجتمع المدني كلها، للتثقيف بمخاطر الفساد وأثره على التماسك الاجتماعي وتنمية الموارد الاقتصادية.

من جانبه، أفصح الدكتور عبد الله العبد القادر، نائب رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، عن طلب خادم الحرمين الشريفين من جهاز الهيئة تسمية الأشخاص الذين لا يتعاونون مع تساؤلات «نزاهة» التي تسعى لإذكاء النزاهة في التعاملات الحكومية بشكل عام، وذلك في إطار دعمه المستمر لتمكين الهيئة من القيام بدورها على الوجه المطلوب.

وقال إنهم حمدوا الله حين أدانت المحكمة أمينا سابقا لجدة في قضية السيول، مشيرا إلى أن تأخر البت في القضايا، من المعوقات التي تواجه أعمال النزاهة، واصفا «التشهير» بالأداة الرادعة، «إلا أنه يحتاج إلى حكم قضائي ينص عليه». وطالب العبد القادر مجلس الشورى بتقييد أي نظام حكومي يحتوي على استثناءات يمكن أن تكون ضمن مداخل الفساد.

وأكد أن الحديث عن الفساد شيق بالنسبة لنزاهة ومزعج لغيرهم من الجهات الحكومية، وأضاف أن الهيئة بدأت أعمالها بعد إقرار الاستراتيجية الوطنية لحماية النزاهة ومكافحة الفساد، وهو ما منحها دفعة إيجابية في أعمالها خلال العامين الماضيين، بعكس هيئتي السياحة والاستثمار التي لم تنشأ استراتيجيتهما إلا بعد انطلاق أعمالهما.

وذكر العبد القادر أن الفساد معوق للتنمية ولا بد من الاعتراف به من أجل درء خطورته، واعترف بأن أنظمة مكافحة الفساد الصارمة تجد في المقابل متلاعبين يتوصلون لوسائل جديدة للالتفاف عليها، مبينا في الوقت ذاته أن نزاهة تعول على البلاغات التي تصل إليها من المواطنين التي تصل يوميا إلى 80 بلاغا، وهي ملزمة بالمدافعة عن المبلغين في حال تعرضهم لضرر مادي أو معنوي في جهاتهم التي يعملون بها.

وأشار إلى إقرار دبلوم لمكافحة الفساد يتاح للدارسين في معهد الإدارة العامة، وهو ما يمنح الخريجين صفة أخصائيي مكافحة الفساد، معترفا في سياق متصل بأن الهيئة وكوادرها لم يكن لديهم الدراية الكافية بحجم الفساد في البلاد قبل عامين، وهو ما دعاهم للتوجه نحو جامعة الملك سعود وإيكالها بإجراء بحث واسع عن مدى انتشار ظاهرة الفساد، ومن بين ذلك المناطقية والمحسوبية والرشوة وإساءة استعمال السلطة، وسوء التصرف في المال العام، وأضاف أن ذلك البحث سيقود لمؤشرات وطنية في مجال الشفافية وسينتج عنه تسلسل للجهات الحكومية في هذا الإطار.

وانتقد تقاليد المجتمع السعودي التي تمجد الفاسد في بعض الأحيان، من خلال الانتفاع بالمال العام، وقيامه بتوظيف أقاربه دون مراعاة شروط العدالة، مؤكدا أنهم يسعون للتوصل لتصنيف قضايا الفساد جغرافيا من خلال رصد إحصاءات الأجهزة الرقابية، إضافة إلى تشجيع التعاملات الإلكترونية داخل الدوائر الحكومية وتجنيب المواطن الاحتكاك بموظف الخدمة العامة. ولفت إلى أنهم يهتمون بمحتوى الإعلام الجديد والحراك الاجتماعي الذي تشهده المواقع الإلكترونية، وما تحتويه من أطروحات وملاحظات، إضافة إلى الاهتمام بمخاطبة شريحة الشباب التي تشكل 60 في المائة من سكان البلاد وتعزيز مبادئ النزاهة لديهم.

من جهته، كشف عبد العزيز المجلي مدير المتابعة والبحوث والناطق باسم هيئة الرقابة والتحقيق عن القيام بـ7170 جولة خلال العام الماضي لقياس مدى انضباط موظفي الدولة في الحضور لأعمالهم، مشيرا إلى أن تلك الجولات رصدت عدم انتظام 15 في المائة من الموظفين. وأفصح عن ضبط 9100 قضية جنائية، و900 قضية مالية في القطاع الحكومي، لافتا إلى أن مجموع الدعاوى في كارثة سيول جدة التي جرت إحالتها للقضاء بلغت 29 قضية، وأحيل 99 متهما بشأنها للقضاء، وصدرت أحكام بالسجن وصلت في مجملها إلى 117 عاما، إضافة إلى غرامات مالية بـ12 مليون ريال. وأشار إلى أن الهيئة تتحرى بدقة تنفيذ المشروعات الحكومية، أهمها 26 مشروعا للإسكان، و28 مشروعا تابعة للهيئة الملكية للجبيل وينبع، إضافة إلى 1400 مشروع لوزارة الصحة، عادا أن سبب انتشار الفساد في الجهات الحكومية يعود إلى قدوة الموظف ومديره في القطاع، لافتا إلى أن بعض الجهات تصل نسبة الغياب فيها إلى 20 في المائة بسبب عدم انتظام المسؤول، مشددا على أن أي استثناء في النظام يسهم في نشر الفساد.