الدباسي مدير مؤسسة الحرمين المستقيل لـ«الشرق الأوسط»: ليس كل ما يعرف يقال وبدأنا من لاشيء.. وأصبحنا كل شيء.. ثم عدنا إلى لا شيء

الحكومة السعودية لم تغلق مكاتبنا في الخارج.. نحن أغلقناها طواعية * أمانة الجامعة العربية طلبت مساعدتنا في السودان.. واسألوا العقيل عن الـ300 مليون ريال

TT

أرجع دباس الدباسي مدير «مؤسسة الحرمين الخيرية» المستقيل، أسباب الجدل المثار حول نشاط المؤسسة، الى سرعة ازدهار أنشطتها الخيرية في 75 دولة خلال عقد من الزمان، وتوجهها القوي نحو التعليم العام، وخاصة في مسألة العقائد وكثرة المنتسبين لها من المتطوعين، مما أثار الأجهزة الأمنية على مستوى العالم.

وقال الدباسي في حديث خاص لـ«الشرق الاوسط» إن الوثائق الرسمية تؤكد على أن المؤسسة كسبت كل القضايا الأمنية والقضائية التي رفعت ضدها. وإن فريقا من المحامين يعملون تحت اسم «أصدقاء الجمعيات الخيرية» يواصلون العمل لدحض التهم الموجهة لها. وتابع «في كل بلد تثار حولنا قضية.. نكسبها».

وأكد الدباسي، الذي استقال من منصبه اول من أمس نتيجة لتجميد حساب المؤسسة داخليا، أن هناك قرارا حكوميا بإعادة فتح الحساب، وأنه تلقى تأكيدات من مؤسسة النقد السعودية بذلك. الا أن الإجراءات لم تنته وأن المشرف العام على المؤسسة ،وزير الشؤون الإسلامية الدكتور صالح آل الشيخ، يعمل على إنهائها.

ونفى أي دور للمؤسسة في إثارة القلاقل داخل بعض المجتمعات الإسلامية بفرض رؤية دينية مناهضة لثقافاتها المحلية، مشيرا الى ان العالم الإسلامي يمر بعاصفة يجب أن «ننحني لها ليس خضوعا وإنما كتعامل شرعي ودبلوماسي ازائها». وهنا نص الحوار:

* مؤسسة الحرمين الخيرية هي أكثر المؤسسات السعودية الخيرية إثارة للجدل. وهي الوحيده التي أغلقت مكاتبها في الخارج، وجمدت أرصدتها في الداخل. الى ماذا تعيدون كل هذا ؟

ـ بداية أود أن يوجه هذا السؤال الى من أثار هذا الجدل. وما أقوله هنا إن المؤسسة نمت بسرعة وازدهرت خلال عقد من الزمن، وعملت في 75 دولة من لاشيء الى كل شيء، ثم الى لاشيء مرة أخرى. وهذا ما جعلها مثار موضوعات لكثير من الصحف والمسؤولين. ولم تقدم لنا أي وثيقة اعتراضيه، سواء أمنية أو قضائية حتى يومنا هذا، بل على العكس كل القضايا التي رفعت ضدنا كسبناها ولدينا وثائق بذلك. وعرض بعضها للصحافة في الصومال وبنغلادش والبوسنة. وفي كل بلد تثار حولنا قضية نكسبها. وفي رأيي فإن من بين تلك الأسباب، ربما توجه المؤسسة القوي نحو التعليم العام وخاصة في مسألة العقائد، ونزولها بقوة في أماكن الكوارث والمحن خاصة في الحروب، وتقديمها للمساعدات بشكل فوري ومباشر، كما أن إجراءاتها لا تأخذ وقتا طويلا. وكذلك كثرة المنتسبين إليها، خاصة من المتطوعين، وربما يكون ذلك من الأسباب التي أثارت حفيظة الجهات الأمنية على مستوى العالم. أضف الى ذلك وضعنا تحت المجهر من عدة دول غربية وخاصة الولايات المتحدة، ونشر المقالات الصحفية والبيانات حتى أصبحت مؤسسة الحرمين حديث المجالس.

* بحكم وجودكم في مناطق الحروب. هل كنتم طرفا في تمويل بعضا من الحركات العسكريه مثلا في الشيشان او البوسنة ومناطق أخرى في أفريقيا؟

ـ لا لا.. في أفريقيا قليل، وربما على مستوى اوروبا والشيشان وجورجيا وأفغانستان وهو ما جعل الدول الغربية تضع مؤسسة الحرمين أولوية في القضاء عليها.

* هل يعني حديثكم هذا تأكيد لهذا الدور الذي قمتم به؟

ـ ليس لي دور، ولكن أقول أن الجمعية تأتي في هذا الوقت العصيب الذي يتطلب وجود تمويل مادي قوي، وتقديم إغاثة ورعاية صحية وطبية لهؤلاء المشردين والمهجرين والضحايا. فمن لهؤلاء إذا لم تكن مؤسسة الحرمين أو أي جمعية إسلامية إلا الجمعيات التنصيريه. وهذا رأيناه في البوسنه والشيشان ودول البلقان وكوسوفا،كل ما هناك منظمات تنصيرية تأتي بقضها وقضيضها ولاتقدم سوى نزر بسيط من الغذاء والدواء.

* حقيبة "العفة"

* الحكومة السعودية أعلنت إغلاق مكاتبكم الخارجيه فهل يعني هذا ثبوت تورط الحرمين في تحويلات مشبوهة أو خلافه ؟

ـ لا، وأقولها بكل فخر فان الحكومة السعودية لم تغلق لنا أي مكتب. نحن من أغلق مكاتبنا في الخارج بناء على قناعات المؤسسة بأنها الآن مستهدفه وأن العالم الإسلامي يمر بعاصفة يجب أن ننحني لها وليس معنى ذلك خضوعا لهذه العاصفة إنما تعامل شرعي ودبلوماسي معها. وبما أن أكثر الضغوط على مؤسسة الحرمين، فنقول إن كونها توقف عملها في الخارج فترة وتلتحق بالهيئة الجديدة التي أعلن عنها خير من أن تصنف باستمرار.

وأشير هنا الى أن آخر مرة وصلني فاكس قبل التصنيف الأول الذي ذكر في البيان المشترك السعودي الأميركي في 7 يناير (كانون الثاني) الماضي ونحن خاطبنا الأمم المتحدة بخطاب رسمي لـ كوفي عنان الامين العام للامم المتحدة نطلب منه أي وثيقة أو إدانة، أو ما هو الضابط او المعيار الذي يتم فيه مثل هذا التصنيف، أو قبول مثل هذا الطلب. إذا كنا نحن بمنأى ونحن اصحاب الشأن لا نعلم به، ولم تقدم لنا أي ورقة حول هذه القضية.

* تتهم المؤسسة بأنها تسببت في إحداث قلاقل داخل مجتمعات اسلاميه أخرى عبر محاولة فرض رؤية معينة للدين مناهضة للثقافات المحلية لتلك البلدان. مثلا مشروع «حقيبة العفة» الذي يتعلق بالزي النسائي؟

ـ هذه تهمة باطلة من أساسها. لأن مؤسسة الحرمين موجودة في كل الدول الإسلامية ولديها خطابات شكر منها. وآخرها خطاب جاءنا من جامعة الدول العربية تطلب تقديم مساعدات للمتضررين في السودان. ما معنى ذلك إلا أنني أمثل قوة اغاثيه لا يستهان بها، لدرجة أن الأمانة العامة في جامعة الدول العربيه تطلب مني الدخول كبقية الدول في تقديم هذه المساعدة. الجمعية مرغوب فيها، ومرحب فيها، والمسؤولون في المؤسسة يستقبلون من رؤساء الدول.

* ماذا حدث بشان القضية المرفوعة ضدكم في ما يتعلق بأحداث 11 سبتمبر(ايلول)؟

ـ الى الآن لم تنته مع مجموعة كبيرة وصلت حتى الآن الى 320 جهة. وكل يوم يزيد عددهم بالعشرات، حتى ان منهم من كبار المسؤولين في الدولة والبنوك والجمعيات الخيرية، لكن العمل المشترك من المحامين ومجموعة (فوكا) ،وهي جماعة أصدقاء الجمعيات الخيرية، تواصل عملها وتنسيقها في ذلك.

* رفع تجميد حساب المؤسسة

* ماهي الإشكالية الأخيره التي تسببت في تجميد حساب المؤسسة داخليا؟

ـ لا أعلم، وأرجو ان يوجه هذا السؤال إلى كل مسؤول يتحمل وزر إقفال هذا الحساب.

* هل تجميد الحساب في الداخل بعد قرار إغلاق الحسابات الخارجيه يعني أن المؤسسة أصبحت في نظر السعودية مرفوضة داخليا أيضا؟

ـ أبدا، وما وصلنا، أن ولاة الأمر أصدروا قرارا بفتح الحساب منذ فترة. لكن اجراءات الترتيب مع مؤسسة النقد لم تنته، ويعمل عليها المشرف العام، وزير الشؤون الإسلامية السعودية، وهناك مخاطبات في ذلك وأخبرونا أن الأمر جاء بفتح الحساب.

* إذا كيف تفسر حديثك بأن تجميد الحساب وعدم مقدرتكم على صرف المستحقات للمستفيدين منها، أنها سبب استقالتك؟

ـ أقول ان ليس كل ما يعرف يقال. لكن الأمر جاء من ولاة الأمر بفتح الحساب وأعتقد أن هناك ترتيبات مع المشرف العام في هذا الخصوص.

* ما هو وضع الأسر المستفيدة من مساعدات المؤسسة خلال فترة تجميد الحساب. هل توقف تقديم المساعدات لهم؟

ـ هذا هو أحد أسباب استقالتي. فمن لهؤلاء الفقراء والأيتام اذا اغلق هذا الحساب. يجب فتح هذا الحساب تحت أي ضابط للصرف، أو أي ضوابط إدارية وماليه. فليغيروا الأفراد والأشخاص، وليغيروا المدراء لكن المهم لدينا أن تستمر تلك المساعدات. نحن تحت السمع والطاعة بكل ما ينظم هذا العمل، ولكننا ضد مثل هذا الإيقاف بدون مبرر.

* هل تطلعنا على وضع مؤسسة الحرمين الحالي، وما تقوم به في الوقت الراهن؟

ـ الوضع الآن عمل إداري فقط، وليس هناك أعمال تقام. فجميع الحسابات مغلقة باستثناء الأعمال المدفوعة أموالها مسبقا والمشاريع التي خرجت أموالها قبل إغلاق الحساب، أو المستودعات التي تمت تعبئتها قبل أن يتم الإغلاق.

* قصة الـ 300 مليون ريال

* إقالة سلفكم عقيل العقيل كانت غامضة ولم تعلن أسبابها.. برأيك ماهي أسباب ذلك؟ ـ لا أعلم، وأتمنى ان تسألوا عقيل العقيل مباشرة أو المشرف العام.

* ولكن يتردد أنه وجد في حساب المدير السابق بعد اقالته مبلغ 300 مليون ريال تخص المؤسسة. ما مدى صحة ذلك؟ ـ اسألوا الشيخ مباشرة.

* إجابتك هنا لا تنفي ذلك. هل يفهم من هذا الرد ما يؤكد صحة هذا الكلام؟

ـ ليس كذلك، ولكن كون الاستثمار وما يخص ممتلكات المؤسسة واستثماراتها كان يشرف عليه العقيل، فربما هذا أحدث هذه الزوبعة حول وجود المبلغ في حسابه، وهو لاستثمار المؤسسة. وهي ليست مسروقة كما يقال، وإنما أعتقد أن الوضع الإداري يحتاج إلى وقفة حتى يتم إنهاء هذه الأمور.

* لكن هل يفترض أن يكون هذا المبلغ في الحساب الشخصي للمدير أم في حساب المؤسسة؟ ـ هذا من ضمن الترتيبات التي تم الرفع فيها للمسؤولين والمشرف العام وبعض الجهات لتدارك مثل هذا الوضع.

* هل تمت استعادة مبلغ الـ 300 مليون ريال الى حساب المؤسسة؟ ـ لا أعلم بذلك. لأن موضوع الاستثمار سحب للمشرف العام على المؤسسة. تعتبر مؤسسة الحرمين الخيرية إحدى المؤسسات السعودية التي تعمل في المجال الدعوي والإغاثي. وشرع في تأسيسها على مرحلتين. الأولي في عام 1988 بجهود عدد من رجال العمل الخيري. أما مرحلة التأسيس الفعلي فكانت في يناير (كانون الثاني) 1992 في مدينة الرياض. وللمؤسسة 46 مكتبا في داخل المملكة موزعة على مختلف مناطق المملكة. كما تنتشر مكاتبها، ومندوبيها في الخارج في أكثر من خمسين بلدا حول العالم.