«عشرة آلاف ريال تمنحك الدكتوراه»: تجارة الأبحاث العلمية الجاهزة تنتعش في السعودية والطلاب «يسهلون» الوساطة مقابل عمولة

TT

«عشرة الاف تمنحك الدكتوراه»، جملة تخدش الذوق وتهدم جسر الطموح، يروجها بعض العاطلين عن العمل أو هؤلاء الذين تم اقصاؤهم عن التعليم ليجدوا أنفسهم وجها لوجه مع «تجار البحوث الجامعية»، معتمدين في ذلك علي تحايلهم وتكاسل الكثير من الطلاب السعوديين في التعاطي مع مفهوم البحث الجامعي.

صالح الصحافي طالب في جامعة أم القرى بمكة المكرمة يرى أن الظاهرة هي نتاج «تربية اتكالية» تعود عليها بعض الطلاب منذ بداية دراستهم وبتشجيع من المدرسين الذين أصلوا هذه العادة فيهم لتصبح ملازمة لهم حتى مراحل الدراسة العليا. ويعتقد الصحافي أن بعض دور الطباعة تستغل جهل كثير من الطلبة باستخدامات الحاسب الآلي ومن خلالها يقومون بنسخ البحوث التي تردهم لطباعتها ومن ثم بيعها لاخرين بعد عمليات تجميل وترقيع بهدف تغيير ملامح البحث.

الطالب الجامعي حسام الغامدي يقول إن هناك طلابا يمارسون دور الوسيط بين الطلاب وبعض المكتبات المتورطة في هذه التجارة نظير نسب معينة مادية يحصلون عليها من كل عميل على حد وصفه، ويشير الغامدي الى أن تساهل الأساتذة الجامعيين رغم علمهم بالمسألة يساعد الى حد كبير في تفشي الظاهرة حتى باتت بحوث التخرج أقل الامور اهتماما رغم انها تمثل لب الدراسة الجامعية.

غير أن نايف جعفر الطالب في جامعة الملك عبد العزيز يعتبر المسألة مفهومة في اطار المثل العربي «اعط الخباز خبزه ولو اكل نصفه» مرجعا الامر الى عدم تعود الطالب على ماهية البحث وأهدافه وأثره وتطبيقاته واصفا البحوث بغابة من الورق تنتهي دائما الى الارشيف.

وتتراوح أسعار البحوث حسب طبيعة المرحلة الدراسية، حيث تبدأ في بحوث المواد من (200 الى 500 ريال) لكنها تقفز في بحوث التخرج لتصل الى 2000 ريال بينما تتراوح أسعار المساهمة في اعداد رسائل الماجستير والدكتوراه الى مبالغ تصل لـ 20 الف ريال كونها حسب مايقول طارق عمر، وهو أحد العاملين في هذا المجال، تعتمد على أساتذه متخصصين وحملة شهادات عليا في مجالاتهم.

وتحتكر هذه التجارة جنسيات عربية معينة تمارسها تحت غطاء خدمات مكتبية وترجمة وطباعة بحوث وتعمل على نشر هواتفها بطرق مختلفة سواء في الشوارع المحيطة بالتجمعات الطلابية او عبر الإنترنت او من خلال اصطياد الزبائن كما يسميهم طارق عمر في المكتبة المركزية داخل الحرم الجامعي.

الدكتور مبارك الحازمي استاذ الاعلام في كلية الاداب بجامعة الملك عبد العزيز لم ينف المسألة لكنه نفى تورط الأساتذة الجامعيين في هذه العمليات التي يقع الطالب ضحيتها مرتين من خلال استقطاعه لمبلغ كبير هو في أمس الحاجة له وضياع الفرصة عليه للاستفاده من امكاناته الذاتيه في التعاطي مع القيمة العلمية للبحث الجامعي.

الى ذلك، أعطى الفصل الدراسي الصيفي الذي أقرته جامعة الملك عبد العزيز هذا العام انتعاشا لسوق المتاجرة بالبحوث الجامعية التي عادة ما تشهد ركودا في هذه الفترات ويتحول بعض المتعاملين بها الى أسواق اخرى كسوق بيع الجوالات المستعملة، وسوق تركيب الصحون اللاقطة وفك الشيفرات حتى عودة الموسم الدراسي.