أطفال على عتبة المراهقة حائرون بين «ممنوع الدخول للرجال» وخوف الأهل عليهم من الضياع

TT

تعاني السعوديات بمجرد اقتراب أبنائهن الذكور من أعتاب سن المراهقة من عدم توفر المرافق الترفيهية التي تحتوي طاقاتهم، كون الأعراف والقوانين تمنع الأطفال من سن العاشرة وما فوق بين النساء من غير الأقارب وفي الأماكن الترفيهية، بالإضافة لمنعهم من دخول المراكز التجارية بدون عائلاتهم.

ومع عدم توفر بيئة احتضان سياحية لهذه الفئة العمرية تتفاقم المعاناة للأمهات والأبناء على حد سواء، إذ تضطر الأمهات لترك الأعمال المهمة والذهاب إلي مراكز التسوق العائلية أو المدن والشاليهات الترفيهية من اجل دخول أبنائهن للعب في الألعاب الالكترونية أو الاستمتاع بالعروض، وعلى مستوى المرافق الترفيهية العائلية. أما المرافق الأخرى الترفيهية القليلة فهي مخصصة لمن هم اكبر سناً من المراهقين، وهنا تكمن الخطورة في وجودهم كأطفال صغار بين فئات عمرية مختلفة.

وانقسمت الآراء وتباينت بين النساء، بين مؤيدة ورافضة لدخول هذه الفئة العمرية سواء بعائلة أو بدون، إذ أعربت منى العبد الله والدة طفل لم يتجاوز الحادية عشرة عن معاناتها مع أنظمة المدن الترفيهية التي ترفض دخول ابنهاء بسبب طوله، الذي يظهره بصورة أكبر من سنه الحقيقي، مما يسبب لها مشكلة وحيرة، مما يضطرها إما أن تعود أدراجها وتلغي فكرة الخروج لمدينة الملاهي وإما ترك ابنها في الشارع أو إعادته وحيداً إلى المنزل.

وقالت منى ان هذه الفئة مهضومة الحقوق كونهم ليسوا كبارا يتركون ليعتمدوا على ذواتهم ولا صغارا نصطحبهم لتلك الأماكن، مطالبة بضرورة إعادة النظر في هذه القوانين. ويتباين رأي منى العبد الله مع والدة صالح الجبر والتي بادرت بالقول إن الشباب لهم أماكنهم الترفيهية التي من خلالها يمرحون بعيداً عن النساء معللة ذلك بأن هذا الطفل على أعتاب المراهقة ويفترض أن لا يوجد بين النساء.

وبسؤالها عن أبنائها وهل مرت بذات التجربة بينت أنها ترفض وجودهم في الأماكن المختلطة لعدم مضايقة النساء والفتيات مشددة على أن الأماكن الترفيهية متوفرة لهم بعيداً عن الأجواء التي يرفض المجتمع وجود الذكور فيها مع الإناث، حتى ولو كانوا صغارا في السن.

رفضت نورة عبد اللطيف «معلمة» هذه الممارسة التي تفصل الأطفال عن عائلاتهم في المدن الترفيهية والمراكز التجارية، إذ قالت «لا يدرك من يرفض هؤلاء مع عائلاتهم خطورة هذا التصرف، والواهم بأن ما يحدث هو للمحافظة على خصوصية المجتمع من خلال إقصائهم لم يوفق في استشعار المسؤولية، إذ أن ابتعاد الأبناء عن أمهاتهم وهم في هذه السن له من الخطورة ما يستدعي أن يبقوا تحت الأنظار»، وتضيف بقولها «إننا نربي هؤلاء الصغار على أن يحترموا قوانين ومشاعر أفراد وفئات المجتمع، في حين لا نراعي نحن مشاعرهم وحقهم في الترفيه بعد عام دراسي حافل بالضغوط ونطالبهم بان لا يخرجوا للشارع وان يكونوا مطيعين بلا مقابل يوفر لهم الشعور بأنهم كما يطيعون يحصدون نتائج لهذه الطاعة من خلال مكافأتهم بالترفيه عنهم».

ودعت العبد اللطيف الآباء الى الاستشعار لمسؤولياتهم الضخمة والمتمثلة في السعي لإيصال أصواتهم للمسؤولين لوضعهم في الصورة وتوضيح مدى معاناة الأهل في احتواء طاقات فئة عمرية لا يمكن تركها بلا حماية أو حبسها في المنزل أو اشتراط خروجها مع العائلة بهذه الصورة التقنينية المبالغ فيها.

من جانبها ذكرت ماجدة الفضل أن إنشاء المشاريع الترفيهية التي توفر أجواء اختيارية للعائلات السعودية توشك أن تكون حتمية إذ أن المجتمع يعلق كل إخفاقاته في احتواء الآخر على شماعة الخصوصية ولذلك فهي تقترح مستقبلاً الأخذ في الحسبان بتعدد أطياف واختلافات المجتمع الفكرية وان يخصص للعائلات الرافضة لهذه الفئة المراكز التي تراعي متطلباتهم مع تخصيص مشاريع ترفيهية تلائم العائلات الراغبة في اصطحاب أطفالها احتراماً لثقافة الاختلاف وحتى تتوفر البيئة الملائمة بإتاحة الخيارات المتنوعة.

ويقول سلطان عبد العزيز ، 15 عاما، إن ما يتوفر من مشاريع ترفيهية متواضعة لا تلبي الحد الأدني من احتياجاته وانه بمقارنتها مع مشاريع السياحة خارج السعودية يجدها لا تغري على التفاعل، وهو يفضل البقاء في المنزل لمتابعة القنوات الفضائية أو الذهاب إلى مقهى للإنترنت ليقتل الوقت من خلال اللعب في مواقع ألعاب الشطرنج، ويواصل بقوله «إنني عندما أشعر بالملل والاختناق أقدم لوالدتي أو شقيقاتي دعوة إلى احد المراكز التجارية حتى نتسوق ونلعب في الألعاب الالكترونية أنا وزملائي الممنوعين من الدخول إلا بعائلة، لكن ليست والدتي أو شقيقاتي في حالة من التفرغ الدائم لي، ولذلك يصاحبنا الضجر في إجازة الصيف وتمر الأوقات بطيئة».

أما سلمان الجبرين ، 17 عاما، فقد تطرق لنوعية ما يقدم من خدمات ترفيهية تفتقر لمراعاة اهتمامهم كأجيال تفضل الألعاب الإلكترونية وألعاب التحدي والمسابقات، إذ يقول «عندما أقارن بين ما يوفر من ألعاب داخل السعودية وما يقدم في الدول التي نسافر إليها سنوياً أشعر بأن الوسائل الترفيهية المتوفرة لا تحترم ذكاءنا وليست مدروسة بصورة توحي بتفهم ماذا نحب وماذا نريد». ويتابع «حتى السفر خارج السعودية لا يلغي أننا كشباب نعاني من عدم توفير مراكز ترفيهية تعنى بما نحبه من ألعاب بطول العام، فالمشكلة ليست مرتبطة بالصيف بل تمتد في اجازات نهاية الأسبوع اثناء العام الدراسي».

في ذات السياق يبين عبد الخالق الغامدي، باحث اجتماعي ، أن هذه الفئة العمرية محيرة لكونها مرحلة انتقالية من مرحلة الطفولة إلى المراهقة. مبيناً أنها قضية عالمية وتحتاج لمزيد من التركيز والتكريس لفهم ماذا تريد هذه الفئة وما هي اهتماماتها.

ودعا الغامدي الى ضرورة وضع الخطط المدروسة من خلال تظافر جهود كافة القطاعات المعنية، مشدداً على أهمية عدم رفض دخول هؤلاء الأطفال للمراكز والمدن بدون توفير البدائل لهم، حتى لا يتعرضون للشعور بالرفض والنبذ من قبل المجتمع، مؤكداً على أن وعي المجتمع هو خط المواجهة الأول لحماية هذه الفئة من أي مخاطر قد تواجههم وتكون سببا في عدم توفير المناخ الترفيهي الذي يساهم في إطلاق الطاقات بدون تكبد خسائر نفسية أو اجتماعية.