أزمة داخل البيوت بسبب الإجازة الصيفية .. الأبناء والزوجات يطالبون بحقهم في السفر والأزواج يتملصون لدواعي العمل

TT

تصر كثير من ربات البيوت في السعودية على قضاء إجازة الصيف، التي تبقى لها أقل من 40 يوما، خارج البلاد أو خارج المدينة، ولا يتنازلن عن هذا الحق مهما تعذر رب الأسرة بوضعه المالي أو انشغاله أثناء إجازة المدارس. ولا ترى بعض الزوجات مانع من استقطاع مبلغ شهري منذ بداية العام ليعينهم على تكاليف الرحلة مهما كانت، بل أن بعض الزوجات يرين أن عدم قضاء الإجازة في الخارج ذنب لا يمكن غفرانه. وعندما تسأل إحداهن عن هذا الإصرار يقولن إنه لهيب الصيف المحرق، إذا لا بد من التجديد والرفاهية وكسر الرتابة اليومية، حيث أن الأطفال والزوجات ينتظرون الإجازة الصيفية بفارغ الصبر، لكن رب الأسرة يترقب حلول الإجازة الصيفية بقلق وانزعاج شديدين خوفا من عدم قدرته على تلبية رغبة أفراد الأسرة بقضاء الإجازة خارج البلاد أو القيام برحلات داخلية بسبب عوائق مادية أو وظيفية تمنعه من اقتطاع إجازة صيفية له ولأسرته.

وترى أم نواف أن عمل الزوج لا يعد عائقا كبيرا يمنع رب الأسرة من أخذ إجازة لقضائها في الخارج مع أسرته، إذ أن للأطفال والزوجة حقا كبيرا في هذه الإجازة من أجل كسر الرتابة والروتين، التي طالما عانت الأسرة منها طوال العام الدراسي. وتضيف أم نوف أن تواضع المقدرة المادية لا تمنع من اقتطاع أيام قليلة لقضائها داخل الوطن، معتبرة قضاء العطلة في الخارج أو الداخل محفزا كبيرا للزوجة يشجعها على مواصلة الاعتناء وتلبية احتياجات ومتطلبات أسرتها بكل نشاط وحيوية، كما تعطي الأطفال دفعة معنوية قوية إلى الإمام تجعلهم يستقبلوا العام الدراسي الجديد بمعنويات جديدة.

أما زوج أم نوف فيرى أن ما يمنعه من تلبية رغبات أسرته هو عمله التجاري الذي ينشط موسمه في فصل الصيف، معتبرا التطلع بإصرار وحتمية لقضاء العطلة الصيفية في الخارج ظاهرة جديدة على المجتمع السعودي، لم تكن موجودة من قبل. ويعزو أبو نوف أحجام بعض الأزواج والآباء عن قضاء العطلة الصيفية في الخارج إلى العجز المادي، الذي يعد أكثر الأسباب التي تمنع الأسر من قضاء الإجازة في الخارج. أما أبو إبراهيم فيرى أن المصايف والسياحة الداخلية تقارب كلفة السفر للخارج، لذلك فهو يفضل في حالة توفر مبالغ جيدة، التوجه للخارج لقضاء العطل الصيفية بحثا عن التجديد والتغيير. وتطالب ريم. س، وهي أم لخمسة أطفال الأزواج بتنظيم كافة الشؤون الأسرية المتعلقة بقضاء الإجازة الصيفية، والإعداد لها منذ البداية عن طريق تخصيص وقت معين، واقتطاع مبلغ محدد شهريا لتغطية التكاليف المتطلبة لقضاء عطلة صيفية مميزة من دون عناء أو مشاحنات أسرية. وتري أهمية أن تكون الإجازة الصيفية استثنائية وغير تقليدية سواء للزوجة أو للأطفال، ولا تستثني رب الأسرة الذي يحتاجها بشكل كبير، حيث تعد مكافأة سنوية لجميع الأطراف على مجهودهم وعناءهم اليومي.

وترفض ريم أي أعذار تمنعها هي وأسرتها من قضاء إجازة صيفية مميزة سواء كانت داخل أو خارج السعودية، أو حتى في ذات المدينة، مبررة ذلك بوجود أنشطة متنوعة ومختلفة بتكلفة مادية متواضعة تستطيع الأسرة من خلالها أن تحدث بعض التجديد خلال إقامتهم في ذات المدينة.

من جهتها تقول وفاء مصباح شماء باحثة اجتماعية إن العديد من الأسر تتجاهل مدى أهمية الإجازة الصيفية في تغيير الحياة الرتيبة وتجديد العلاقة الزوجية، إضافة إلى الالتقاء الأسري في مكان واحد الذي يساعد في تغيير جو الأسرة النفسي، مؤكدة أهمية وضع وتحديد برنامج سنوي أسري خاص للإعداد والترتيب للإجازة الصيفية، وذلك من خلال تخطيط مالي مسبق حتى لا تتراكم ديون مالية على كاهل الزوج بعد العودة من السفر، كما يجب عدم تجاهل طبيعة الدول التي سيتجهون لها ومدى ملاءمتها من ناحية المعتقدات والموروثات الاجتماعية إضافة إلى البعد الأخلاقي.

وتؤكد شماء على أهمية اختيار المكان بدقة شديدة بقولها (لا بد أن تعتبر رحلة استكشافية تشمل كل أفراد الأسرة وتجمعهم في مكان واحد إذ يجب أن تكون مناطق تستقطب الأسر والعوائل كاملة إضافة إلى مناسبتها لمختلف الأعمار).

وتؤكد شماء أن الإجازة لا تعني فقط حمل الحقائب والتنقل من مطار إلى آخر، إنما هي أخذ الراحة والتخلص من الضغوط والارتباط العملي وتجمع أفراد العائلة في الوقت نفسه والمكان ذاته. وتعارض شما سفر الأم مع أبنائها منفردين لارتباط رب الأسرة بعمل، إذ تحتاج المرأة إلى من يرعى مصالح الأسرة، وهي لن تتمكن لوحدها من تحمل مسؤولية الأبناء خلال فترة السفر، الى جانب أن ذلك يعرضها الى عدم تمتعها هي أيضا بالإجازة السياحية.