مراقبات الأمن في المدن الترفيهية: نستطيع فك الاشتباكات النسوية.. لكننا نحتاج إلى فن «الكاراتيه» لصد فضول الشباب المتطفلين!

TT

تتحصل مناير العتيبي، مراقبة أمن بإحدى المدن الترفيهية بمدينة الرياض، شهرياَ على 1500 ريال، مقابل السهر حتى منتصف الليل والتعرض للسب العلني أثناء المشادات الكلامية، بجانب احتمال التعرض للضرب المبرح أثناء فك الاشتباكات التي تقع أحيانا بين مرتادات المدينة الترفيهية.

وتذكر مناير، 22 عاما، وهي مراقبة منذ 8 أشهر في إحدى مدن الملاهي بالرياض، وترتدي الزي الكاكي وتطوق خصرها بحزام تعلق بطرفه عصا سوداء غليظة ومن الجانب الأخر جهاز لاسلكي، "أن مراقبات الأمن «يواجهن صعوبات جمة في عملهن علاوة على تدني الأجور والتعرض للفصل التعسفي. وأنها وزميلاتها في العمل يتزودن بالصبر على أمل إنصافهن وتعيينهن في وظائف رسمية بعد إثبات جدارتهن بالعمل».

وتبرر «تهاني.ع» وهي حاصلة على شهادة الثانوية العامة، أسباب توجه الفتيات لشغل مثل هذه الوظيفة، لعدم رغبتهن في البقاء عالة على الأسرة، أو في انتظار زوج المستقبل، معتبرة أن ما يؤرقها كمراقبة أمن هو«قفز الشباب الفضوليين والممنوعين من الدخول، من فوق أسوار المدينة الترفيهية مما يصّعب عمل مراقبات الأمن». وتقول «هذه الفئة من الشباب تتميز بالقوة البدنية والفضول ومن المفترض توفير من يقارعها القوة من مراقبات الأمن، ولا يفترض توظيفنا كمراقبات أمن في بيئة للنساء ونصدم باضطرارنا لمواجهة شباب أقوى منا بدنيا وقد نتعرض للمخاطر بسبب لا مبالاتهم وتهورهم خصوصاً مع تكرار القفز وعدم اليأس بالرغم من كافة الاحتياطيات المتخذة».

وتؤكد أمل البدري أن التدريب والتأهيل للعمل كمراقبة أمن، اجتهادي وغير مدروس وهو لا يحميها من اعتداء الآخرين عليها، مطالبة بأن تتجاوز مدة التدريب المتعارف عليها 3 أيام وبأن يشمل التأهيل تعليم وسائل الدفاع عن النفس، مضيفة أن قضية تهريب الممنوعات إلى مدن الملاهي وعلى رأس قائمتها «جوال الكاميرا» والذي تخبئه المخالفات في جيوب مخفية بين الملابس، يصّعب مهمة مراقبات الأمن ويعرضهن، في حالة اكتشافه للتحقيق.

وتطرقت منى محمد، وهي مشرفة مراقبات أمن لبداياتها الأولى في هذه المهنة بأنه لم يعترف بها وبجدارتها الا بعد أن استنزفت 4 أعوام من الانتظار. وقد رسمت في وظيفتها الصباحية براتب شهري (2000) ريال، على أن يقتطع هذا الراتب من صندوق الطالبات وبذلك لا يتوفر لديها عائد مادي أثناء الإجازة مما استدعى أن تبحث عن عمل في القطاع الخاص لتحسين أوضاعها الاقتصادية خصوصا أنها مطلقة وأم لطفل تكفله ماديا.

وتبين منى أن عبء الإخلاء الكامل يقع على عاتق مراقبات الأمن خلال تمشيط مدينة الملاهي حتى ساعة متأخرة من الليل للتأكد من عدم وجود متسللين أو أطفال تائهين عن أسرهم مما يؤخر عودتهم الى المنزل ويعرضهم للإحراج مع أسرهم. موضحة بأن العمل يبدأ أحيانا من الساعة الثانية ظهراً في أجواء الحر الملتهب، وأن مسؤولية تدريب وتأهيل المستجدات من مراقبات الأمن على إجراءات الأمن والسلامة والإسعافات الأولية والإخلاء والإنقاذ تعد من أنواع الاستنزاف لطاقتها وهدر الوقت الذي يؤدي لتراكم المسؤولية من دون جدوى، إذ أن تغيير الكوادر مستمر بسبب سوء المعاملة وصعوبة التكيف مع تعنت الإدارة.

وتؤكد منى أن مراقبات الأمن في كل المدن الترفيهية، تقريبا، يعانين من طبيعة هذا العمل. وهي لا تنصح بالالتحاق بها، لأن التسويف والمماطلة في عدم التوثيق وكتابة عقد يحمي حقوق الفتاة العاملة، هو السائد، الى جانب تعرض مراقبة الأمن لعدم الإنصاف من قبل الإدارة، في حالة حدوث مشكلات تفرضها طبيعة العمل، وتحملها مسؤولية أخطاء الغير بدون مبرر.

وطالبت بتدخل المسؤولين، وإلزام الجهات المعنية تسجيل العاملات في هذا القطاع في التأمينات الاجتماعية لتجنب تداعيات الاستغلال والتعسف، والذي يؤدي ربما لعزوف الشابات السعوديات عن العمل في هذا القطاع مما يضر بخطط الإحلال و«السعودة».

لكن بدرية إسماعيل تختلف مع آراء زميلاتها، وتحدثت عن مهنة مراقبة الأمن بتفاؤل وحب، وتمنت أن تتوفر لهذه المهنة معاهد للتدريب وتطوير أداء العاملات في هذا المجال. مبينة أن المرافق النسائية مستقبلا ستتم سعودتها بالضرورة وستحتاج للحماية والضبط، ومن هنا تبرز أهمية تعليم هذه المهنة مع التأكيد على أهمية تحسين أوضاع مراقبات الأمن السعوديات ممن اضطررن تحت ضغط الحاجة إلى العمل في هذه الوظيفة.

تجدر الإشارة الى أن نظام مؤسسة التأمينات الاجتماعية في حالة إثبات انتماء الموظفة للجهة المعنية حتى لو كانت بعقود شفوية غير مكتوبة، يضمن للعاملات حقوقهن لدى أي جهة بإلزامها الكامل بإعطاء الحقوق، وتبرير قرارات الفصل ان وقعت على الموظفات، على أن توفر هذه الموظفة السندات والإثباتات الموثقة كبطاقة العمل وسند تسلم الراتب الشهري، وبطاقة الدخول وأي مستندات تم التوقيع عليها كسجل الحضور والانصراف، لإثبات المصداقية. وبمجرد إقرار هذه المستندات من قبل وزارة العمل يأتي دور مؤسسة التأمينات لاتخاذ الإجراءات التي تلزم الجهة المعنية بإنصاف الموظفة.