فخاريات وأوانٍ حجرية تتحول إلى متحف مفتوح على طريق الساحل الغربي

TT

عندما تسافر، عبر خط الساحل الغربي الى الجنوب، وتمر بالعديد من القرى والمحافظات الصغيرة، فأنت على موعد مع سوق من الفخاريات والأواني الحجرية الذي يمتد بشكل طولي في قرية (أم القعايد) التي تبعد كيلومترات قليلة من محافظة صبية.

وسميت القرية بهذا الاسم لكثرة ما كانت تباع فيها قديما (أسرة النوم) التقليدية. ويدهش الزائر لهذه القرية بسوقها المفتوح بالقرب من الطريق العام الذي تعرض فيه أدوات الطبخ والشرب المصنوعة من الفخار والحجر التي يظن بعض الناس أن أمرها انتهى في زمن الأواني النحاسية والمعدنية بأنواعها الحديثة.

لكن الباعة في السوق يؤكدون أن هناك من لا يزال يفضل الطبخ والشرب بها، وأن الكثير من نساء منطقة الجنوب وقراها يستخدمن هذه الأواني، ولا يرضين بديلا عنها، خصوصا من أهالي منطقة عسير. محمد عمر، وإبراهيم علي إبراهيم، وهما في العقد الثاني من العمر، احتالا على أشعة الشمس الحارقة بقبعات مصنوعة من سعف النخيل، وينتظران بلا ملل وبابتسامة تعبة، الراغبين في شراء بضاعتهما من الفخاريات التي يتراوح سعرها ما بين (30 ـ 150 ريالا) للقطعة الواحدة.

يقول إبراهيم «نحن نكسب أربعة أو خمسة ريالات عند بيع أي قطعة من هذه الفخاريات، أحيانا نستطيع جذب المسافرين ممن لا يستخدمون هذه الأواني في طريق عبورهم على خط الساحل لشرائها كقطع ديكور للأدوات التقليدية يزينون بها منازلهم. ولكن هناك من يشتريها ليستخدمها، فالطعام المطبوخ بها يكون ذا نكهة مميزة لذلك فإن العسيريين وسكان منطقة جازان وصبية والجنوبيين لا يستغنون عنها في إعداد وجبات طعامهم».

ويعدد محمد عمر طرق استخدام بعض الفخاريات والحجريات المعروضة والتي حولت المكان إلى متحف مفتوح ينبض بجمال المعروضات الملونة. يقول «المشربية المصنوعة من الفخار تجعل الماء باردا حتى مع حرارة الصيف، و(النيفا) تخبز فيها أقراص العيش وتشوى بها قطع اللحم والسمك وهي مصنوعة من الفخار ويصل سعرها إلى مائة وعشرين ريالا. وكذلك ( المحلاّ) لخبز العيش الرقيق الذي يسمى (اللحوح) و(المبخرة) لحرق البخور والعطريات، أما بعض الأواني الحجرية مثل (المغش) فهو يستخدم لطبخ الإدامات والمرق. وتستخدم (المقلى الحجرية) وهي قطعة منحوتة من الصخر وتشبه المقلاة العادية لقلي وطبخ أصناف عديدة من الطعام».

ويقول عمر إنه وصديقه إبراهيم يصنعان بعض الأنواع التي يعرضانها من الفخاريات بالطرق التقليدية القديمة «والبعض الآخر نأتي به من اليمن وبالتحديد من جبل إب، وهي حجارة يتم نحتها بعدة أشكال متنوعة ولاستخدامات مختلفة».

ويرفض محمد عمر، الذي يحمل شهادة الابتدائية، استبدال مهنته الشاقة بأي مهنة أخرى. يقول، والعرق يتصبب من جبينه، «لا أجيد عملا سوى هذه المهنة التي اكتسبتها وتعلمت أسرارها. وعلي أن أتحمل ضريبتها من أجل أن أطعم أخوتي الصغار وحتى أتمكن من تعليمهم في المدارس، فلا أريدهم أن يكونوا مثلي غير متعلمين ويحترقوا تحت لهيب هذا الحر».

أما إبراهيم، الذي يجيد القراء والكتابة فقط، فقد اكتفى بالقول وابتسامته تعلو محياه «لا يمكن أن نعرض هذه الفخاريات في المدن لأن الإقبال عليها قليل، ولا بديل عن هذا المكان الذي لا نعرف سواه».