بعض الأسر السعودية تفضل حفلات زواج تفتقد إلى مظاهر الفرح وتقتصر على احتساء القهوة والشاي

TT

لجأت بعض الأسر السعودية إلى أساليب جديدة في توجيه رقاع الدعوة لحضور حفل زواج أبنائها وبناتها من خلال توزيع أشرطة دينية إلى المدعوين، مرفق بها اسم المدعو وعبارات الدعوة وكروكي موقع الزواج.

وفوجئ كثير من المدعوين لحفلات الزواج صيف هذا العام بأن الدعوة لحضور حفلات زواج أقاربهم أو معارفهم أو أصدقائهم اختلفت عن الأسلوب التقليدي المتعارف عليه والذي كان سائدا طوال العقود الماضية، إذ تلقى المدعوون أشرطة كاسيت احتوت على مواد دينية طبع على وجهها الأول ما تضمنه الشريط من موضوعات أو أناشيد.

وحرص أصحاب الدعوة عن ذكر بعض المشايخ الراحلين والباقين الذين شاركوا في إعداد مواد الشريط ولعل أبرزهم الشيخ محمد بن عثيمين والشيخ فريح العقلا وناصر الأحمد وسعيد بن مسفر وإبراهيم الدويش، في حين كتبت في الوجه الثاني للشريط عبارات الدعوة التي لا يخرج أسلوبها عن أسلوب كتابة رقاع الدعوة لحفلات الزفاف من خلال بطاقات الأفراح، وتضمن الحرف الثابت من الشريط دعوة لحضور زواج فلان بن فلان.

يشار إلى أن بعض حفلات الزواج في السعودية شهدت تغيرًا ملحوظا في أسلوب احيائها منذ نحو عقدين من الزمن، إذ اختفت مظاهر الفرح فيها، والتي كان من أبرزها الدف للنساء أو إحضار مطربة أو شريط غنائي نسائي، كما اختفت من أغلب مراسم حفل الزفاف (التشريعة) التي تعني ظهور الزوج والزوجة أمام النساء وجلوسهما للحظات وتصويرهما مع أقارب العروسين.

ومنعت أيضا أجهزة التصوير من دخول قاعة النساء حتى لو كان غرضها تصوير الزوجين أو احدهما أو الزوجة أثناء دخولها قاعة النساء، كما افتقد الحضور من الرجال جلسات السامري التي كانت تقام داخل قاعات حضور الأفراح، وكذلك محاورات الشعراء وجلسات الرد.

وأصبحت حفلات الزواج تقتصر على شرب الشاي والقهوة ثم تناول طعام العشاء، ويتخلل بعض الحفلات توزيع أشرطة دينية على المدعوين.

ويقول عبد الله الصالح، إن حفلات الزواج في الرياض بل وعموم مناطق السعودية لم تعد هي قبل عقدين، فقد افتقدت هذه الحفلات التي تقام في قاعات ذات أسعار عالية لأي مظهر من مظاهر الفرح، بل إن الإنسان الذي يحضر هذه الحفلات يشعر بأنه يحضر مأتمًا وليس فرحًا.

ويضيف: في المآتم يقدم للمعزين الشاي والقهوة ثم يتناول المعزون طعام العشاء الذي يتكفل بإحضاره قريب أو صديق للأسرة التي فقدت احد أبنائها أو بناتها أو أحد الوالدين، والشيء نفسه ينسحب على حفلات الزواج، فالمدعوون يحضرون بمشالحهم وبأحسن لبساهم، والنساء يشترين أفضل الفساتين وبأسعار خيالية ليأتين إلى قصور الأفراح بكامل زينتهن بعد أن تقضي بعضهن عدة ساعات في مراكز التجميل، أو ما يسمى محلات الكوافير، لتتفاجأ كل امرأة حضرت الحفل بأنها أمام مأتم وليس زواجًا، وخصوصًا إذا تم توزيع أشرطة تتناول عذاب القبر، وهو توقيت غير مناسب لتوزيع مثل هذه الأشرطة.

ويشير ناصر البدر إلى أنه لم يحضر أي زواج لأقاربه أو معارفه منذ 20 عاما، مبررًا ذلك بأن حفلات الزواج افتقدت طابعها المميز الذي كان لافتا في السابق، مذكرا بأن حفلات الزواج الحالية تشبه تجمعات العزاء، فليس بينهما فرق سوى أن الحضور في حفلات الزواج يرددون «بارك الله لكما وعليكما وجمع بينكما بخير»، في حين يرددون لذوي المتوفى عبارة «أحسن الله عزاكم وأجبر مصيبتكم ورحم الله موتاكم».

ويشدد محمد السعيد على أن حفلات الزواج يجب أن تأخذ طابع الفرح والابتعاد عن أي مظهر يوحي بالحزن، مذكرا في هذا الصدد بالأحاديث النبوية التي تحث على إظهار الفرح في النكاح، ومنها إعلان ذلك بضرب الدف ومنها قول الرسول صلى الله عليه وسلم لعائشة عندما زفت امرأة إلى رجل من الأنصار «يا عائشة ما كان معكم لهو، فإن الأنصار يعجبهم اللهو»، وما رواه شريك بخصوص بعث جارية في الزواج تضرب بالدف وتغني وتقول «أتيناكم أتيناكم، فحيانا وحياكم، ولولا الذهب الأحمر ما حلت بواديكم، ولولا الحنطة السمراء ما سمنت عذاريكم».