إنهم يعذبون الحيوانات... فمن يطلق رصاصة الرحمة؟

في حديقة الطائف شاب يرش عين اللبوة بماء النار.. وآخرون يسرقون الكنغر والسلاحف!

TT

عند دخولك من البوابة الرئيسة لحديقة الحيوانات بالطائف تشعر لوهلة أنك في سجن كبير يقطنه من ارتكبوا أفظع الجرائم.. أقفاص حديدية ملونة محاطة بأكثر من سور لحماية الحيوان من شراسة وفضاضة الإنسان!. «عين النار»، اسم مقترح لأنثى أسد تنظر الى زائري الحديقة بعينين حمراوين إحداها كأنها قطعة من اللحم الأحمر. لها قصة تدمي القلب تلخص مفهوم بعض المستهترين بكيفية الرفق بالحيوانات!.

قبل شهور وفي قفص كبير تبدو أرضيته كمستنقع من المياه الراكدة والذباب يتطاير في أرجاء المكان شاء حظ اللبوة السيىء يومها أن تستقبل أحد زوار الحديقة.. كان شابا مستهترا يخفي بين يديه سرنجة (حقنة طبية) ملأ أنبوبتها بـ«ماء النار». عندما اقتربت منه ضغط على الحقنة ليرشق عينيها بماء النار. لحسن الحظ أصاب عينا واحدة ذابت في الحال.

يقول عيد السواط وهو رجل أعمال قرر أن يستثمر في حديقة الحيوان في الطائف «قبل أشهر قليلة تسلمت مفاتيح الحديقة من البلدية. معظم حيواناتها ماتت وما بقي منها كانت مريضة. وهذه اللبوة أصيبت في حادث سابق. عندما استلمت الحديقة كانت نحيلة وشرسة الطباع. والمحزن أنها كانت لا تستطيع فتح عينها. أحضرنا لها طبيبا بيطريا متخصصا ما زال يعالجها. وقد تحسنت حالتها الآن كثيراً حتى أنها بدأت تستلطف الزوار وعادت شهيتها للأكل». أما سارة العامودي، وهي مصطافة جاءت من مكة المكرمة لتقضي بضعة أيام في أقدم مصائف السعودية، فوقفت دامعة العينين أمام القفص الحديدي وقالت «لا يمكنني تخيل صراخ اللبوة وتألمها وعينها تذوب وهي لا تستطيع الكلام». لم تبق في حديقة الحيوانات الا القليل منها.. أكثر الأطفال يسألون أين الزرافة وأين الأرانب وأين النمر؟. ولكنهم يسيرون مع الناس المتوجهين إلى حيوانات ذات عاهات مثل جمل بثلاث أرجل، وماعز بست أرجل. وقف أحد الأطفال والحزن يرتسم على وجهه أمام الأرجل الزائدة يقول «مسكين هذا الجمل لا يستطيع الوقوف». قفص القرود يحظى بإقبال معظم الأطفال. يركضون إليهم ويتحدثون معهم وهم يضحكون. يحاول طفل صغير بمشقة أن يطعم قرده المفضل حبة موز لكن يده لا تصل بسبب الحواجز المانعة التي فرضتها مشاكل سابقة الى متناول يد القرد الجائع. كان هناك نوع من الحوار والتفاهم بين براءة الطفل ونظرات رجاء القرد إليه بان يبحث عن طريقة حتى يقدم الموزة له. لافائدة .. ظل الطفل واقفا والقرد يسيل لعابه وهو ينظر الى محاولات الطفل، مرة من جهة اليمين، وأخرى من اليسار. انتهت المحاولة الفاشلة بأن التهم الطفل الموز، وترك قرد يلتهم بقايا الطماطم الملقى على الأرض وسط ضحكات الجمهور.

يقول عبد الله الثبيتي وهو المدير الجديد للحديقة إن «الشيخ عيد السواط تسلم الحديقة، وهي في حالة يرثى لها وقد حاول بمجهوده الخاص أن يطور أوضاعها. والى الآن أنجزنا 40 في المائة من خطة التطوير وسنقوم بإنشاء شاليهات للزوار وسيزداد عدد الحيوانات قريباً، لتكون منافسة لحدائق الحيوانات». وأضاف «تواجهنا مشكلة أن الحديقة تستقبل يوميا مئات الزوار ومن كل شرائح المجتمع على اختلاف أذواقهم وعاداتهم وسلوكهم. البعض منهم لا يتورع عن القيام بتصرفات تضر حيوانات الحديقة، وتشكل خطرا عليها وعلى الزوار». وعلى مقربة من المكان يشد نظر الزائر قفص آخر يعيش فيه زوج من حيوان «الكنغر»، لكن اللوحة المعلقة على بوابة القفص مكتوب فيها «حيوان الضب»!. يبرر الثبيتي هذا الخطأ بقوله «كان هناك كنغر ثالث مع رفاقه في قفص خاص بهم في الجهة الأخرى من الحديقة. إلا أن مجموعة من الشباب المستهتر قاموا بحيلة ما وباستخدام أداة حادة بقطع أسلاك الشبك الذي يحيط بالقفص وسرقوا الكنغر, وولوا هاربين». ولم يكن الكنغر هو الحيوان الوحيد الذي سرق من الحديقة فقد سرقت أيضا سلحفاتين أخرجوهما بطريقة ما من بين أسلاك الشباك. يقول السواط «هؤلاء الأشخاص يعيقون عملنا، ويتسببون في تأخير إكمال مشروعنا». أضاف «لن نيأس، سنواصل مهمتنا، فالحديقة تحت التطوير وخلال عامين ستكون الحديقة معلماً سياحياً تضم كافة أنواع الحيوانات النادرة، والمسطحات الخضراء الخلابة».

وأكثر الزوار الآن يحملون الكاميرات بعد سماح الإدارة الجديدة بذلك. حيث كان يمنع في السابق التصوير خوفا من أن تثير لمعات ضوء الفلاش الحيوانات. ومعظمهم يلتقطون لأطفالهم صورا أمام الفيلة الأفريقية الضخمة التي تحظى بمعاملة مميزة خصوصا في مواعيد وجبات الطعام، خوفا من أن تهيج فيما لو قرصها الجوع.

ويبدو أن حديقة الحيوان في الطائف المترامية الأطراف في منطقة الردف السياحية تحتاج الى عمل كبير. ومن الواضح أيضا أنها تحتاج الى تشذيب أعمدة الحديد والأسوار المعدنية التي تعيق مشاهدة الحيوانات. فعند البوابة الرئيسية وبعد دفع رسوم الدخول (خمسة ريالات للفرد) تستقبلك نافورة على شكل وردة وهي محاطة أيضا، بأسوار حديدية تخفي جمالها. ومع ذلك لم تسلم من أيدي العابثين كبارا وصغارا. فحوضها مليء بمعلبات المشروبات الغازية وقراطيس الشيبس الفارغة.

وعلى يمين الزائر هناك قسم للألعاب الكهربائية الترفيهية والتي رصفت أرضها بالخرسانة ولن يفاجأ الوالدان بتعثر أطفالهم وسقوطهم أرضاً وهم يلعبون وينزفون. وعلى أرصفة الحديقة هناك كشكات للكريسبس والذرة بأنواعها المشوية والمسلوقة وحلوى غزل البنات والبليلة، بينما يتنزه المتنزهون باحثين عن الحيوانات هناك بائعو البالونات الذين يسارعون بالتحلق حول كل زائر يصطحب أطفاله. إحدى الزائرات من جدة تقول «فعلا الحديقة فقيرة ولا تستحق أكثر من مبلغ رسوم الدخول». ويرى عبد المحسن وزوجته ذكريات العلي وهما من المنطقة الشرقية بأن مستوى الحديقة عادي وتحتاج إلى تطوير فهي واسعة جدا استغلال المساحات بشكل أفضل.

أما تركي الدوسري (من الرياض) وهو زائر دائم لحديقة الحيوان فيقول «إن تطورا جديدا حدث في الحديقة. لقد أصبحت أفضل مقارنة بالسنوات الماضية».