سوق الأسهم يتحوّل إلى «زير نساء» يغري السعوديات بـ«الـربح السريع» وحرية إدارة أموالهن والاستقلالية

TT

فيما يتجه الكثير من الرجال صباحاً إلى مكاتبهم، تتحضر بدورها مجموعة من الشابات والسيدات لبدء أعمالهن. لكن عمل أعضاء هذه المجموعة لا يتطلب منهن مغادرة المنزل، فلا مكاتب لهن وكل ما يلزمهن هو جهاز كمبيوتر في المنزل متصل بشبكة الإنترنت. عمل هذه المجموعة من النساء هو بيع وشراء الأسهم الذي هو قطاع لا تزال تطغى عليه حتى اليوم الصبغة الذكورية. لكنهن لسن وحدهن، فهناك أخريات يعملن في وظائف مكتبية ـ وخصوصاً البنوك ـ يشاركن في عملية الـ«مضاربة» من مقار أعمالهن لينافسن بدورهن المستثمرين الرجال.

ولعل «سوق الأسهم» هو من أماكن العمل القليلة التي يختلط فيها النساء بالرجال دون إثارة تحفظ أحد أو دفعه إلى إلقاء المواعظ وتوجيه الانتقادات. والسبب بسيط وهو ان هذا المكان يسبح في فلك افتراضي تحكمه الأرقام والعرض والطلب، يراقبه المضاربون من خلال أجهزة الكمبيوتر الخاصة بهم، أو في صالات التداول في البنوك.

الرجال لا يعارضون مشاركة النساء لهم في هذا القطاع، لكنهم يحذرون أنه في الـ«بيزنس» "لا توجد رحمة»، كما قال أحد المتعاملين في السوق، مضيفاً فيما يشير إلى شاشة عرض الأسهم «هنا... يحكم قانون الغاب والبقاء للأقوى». وفيما يبقى هذا القطاع غامضا ويدفع البعض إلى تجنب الاستثمار فيه بسبب عدم معرفتهم بالاقتصاد او بالاستثمار، يشع في نفس الوقت «جاذبية براقة» لمن لهن خلفية بسيطة في إدارة الأعمال أو في أسواق المال. وتقول المصرفية ياسمين محمد ان عملها في البنك سهل لها فهم الأرقام وبالتالي قراءة حالة السوق وأداء الشركات. تضيف أن عالم الأسهم يستهويها لأنها تكون «حرة» فيه بالفعل بالمقارنة مع بقية قطاعات العمل الحرة. وتقول «أستطيع أن اشتري وأبيع كما أشاء أما لو فتحت متجراً فذلك يحوي الكثير من التعقيدات ومن ضمنها وجود وكيل». وتشترك ياسمين مع مصرفية أخرى اسمها دانة عبد الله في أسهمهن المفضلة وهي اجمالا تلك المطروحة من قبل البنوك أو شركة الاتصالات. وتقول دانة إن هذه الأسهم تشعرها بالأمان أكثر من غيرها كونها «أسهما قوية» لها «سقف» ولها «حد أدنى». وتوضح دانة أنها تلجأ إلى مساندة زميل لها يعمل في البنك نفسه كـ«وسيط» عندما تحتاج إلى نصيحة معينة حول عمليات التداول. وإلى جانب المصرفيات فإن جاذبية سوق الأسهم المتمثلة في مفهوم «الربح السريع» تروق لسيدات الأعمال كذلك. هذا ما أكدته الدكتورة نادية باعشن رئيسة مركز «خديجة بنت خويلد لدعم صاحبات الأعمال السعوديات» مشددة على أن أكثر المهتمات بسوق الأسهم هن من «الجيل الجديد». وتضيف ان معدل عمر معظم المشاركات في الدورات التدريبية التي يعقدها مركزها هو 25 عاماً. وذلك لكون هذه الفئة العمرية أكثر قدرة على التعامل مع الإنترنت واستعياب المفاهيم الجديد. لكن الدكتورة توضح أن الأمر يعود أساساً إلى وجود كمية كبيرة من السيولة المالية في متناول السعوديات، وتستند إلى تقارير سابقة أفادت أن الجنس اللطيف له 70% من حجم السيولة البنكية التي يمتلكها البنوك. أما حجم الاستثمارات الأنثوية في سوق الأسهم المحلي فيقدرها الاستشاري الاقتصادي السعودي عبد الرحمن الصنيع بأنها بين الـ 15% والـ 20%. ويضيف «حصة السعوديات ضئيلة جداً في سوق الأسهم مقارنة بما تمتلكه النساء في القطاع الخاص». ويقول إن سبب تقاعس الكثيرات عن اقتحام السوق هو نقص خبرتهن وعدم وجود الخلفية المناسبة لمشاركتهن.

وتوافق الدكتورة باعشن على رأي الصنيع، وتعتبر أنه طالما بقي هناك غموض يلف سوق الأسهم فإن السعوديات لن يقتحمنه بالشكل المطلوب. لكن الدكتورة توضح أن بعض السعوديات قد يلجأن إلى سوق الأسهم في ظل استمرار التعقيدات المفروضة على فتحهن لأعمال خاصة. وتعتبر باعشن أن القطاع المفضل للسيدات يبقى هو العقار لما يمثله من «أمان واستقرار» مفترضين.

ويعود الاقتصادي عبد الرحمن الصنيع ليؤكد على أهمية دور المرأة في الاقتصاد الوطني. يقول «لا بد من دعم المرأة في كل شكل ممكن» وتدريبها وحثها على المشاركة في نهوض اقتصادنا». وتعلق الدكتور باعشن بقولها أنها تفضل تسهيل استثمار المرأة في المشاريع المباشرة مثل المتاجر والمصانع. تضيف «بذلك تشغل نفسها في مهنة بدلاً من غرقها في الفراغ»، وفي الوقت نفسه «تهيئ فرص عمل جديدة لمواطناتها وتزيد القوة الشرائية وتساهم في تحريك العجلة الاقتصادية».