مهنة الميكانيكا تعود لصباها في السعودية وتتحول من هواية إلى مصدر للقمة العيش

TT

يبدو أن أغلب المهن الحرفية والبعيدة عن المكاتب الوثيرة والمكيفة والتي منها مهنة الميكانيكا عادت إلى صباها في السعودية في الآونة الأخيرة بعد تحولها من هواية إلى طلب للعيش والرزق، في ظل تزايد نسب البطالة التي أصبح يعاني منها المجتمع.

وتعد مهنة الميكانيكا التي عرفها المجتمع السعودي بداية الستينات بعد تخليه عن الأبل في ترحاله ومعيشته إلى السيارات، والتي كان يطلق على من يمارسها في ذلك الوقت بـ«المهندس»، والتي كان يقوم عليها أشخاص ذوو دراية بالسيارات وخاصة من السائقين في تلك الفترة، إذ يحملون معهم كامل معداتهم في «شنطة حديدية» وفي حال تعطل سيارتهم أو سيارة أحد رفاقهم قاموا بإصلاحها، ولتتطور العملية بفتح ورش صغيرة في ذلك الوقت ليقوموا باصلاح السيارات المتعطلة وخاصة إذا كان العطل كبيراً ولا يمكن إصلاحه بالأدوات المتوفرة في تلك «الشنطة».

ومع النمو الاقتصادي والطفرة التي عاشتها السعودية مع بداية الثمانينات وبدأ استقدام العمالة الوافدة تخلى الكثير عن هذه المهنة على الرغم مما تدره من مبالغ كبيرة واستثمارات تقدر بالمليارات من الريالات، إلا أن العمل الحكومي والتجارة البعيدة عن العمل الحرفي استهوت الكثير منهم ليتخلوا عن مهنة الميكانيكا لتبقى في أيدي العمالة الوافدة.

وياتي إبراهيم محمد المويعزي أحد خريجي الكلية التقنية بمدينة الدمام قبل نحو سنتين والذي أنهكه الإعياء في البحث عن وظيفة له ليجد ضالته في ورش الميكانيكا في المدينة الصناعية بالدمام ليبدأ عمله كفني ميكانيكي، وما مرت سنة حتى تمكن من إنشاء ورشة صغيرة يدر من خلالها أعماله.

ويقول إبراهيم «إن مهنة الميكانيكا قد تكون في السنوات السابقة من المهن التي لا يرضى بها الشاب السعودي لكونها تعد من المهن المجهدة والتي تتطلب جهداً كبيراً وفي ظل ظروف واماكن متسخة بالزيوت»، إلا أنه يؤكد ان إيمانه بالمقولة «مهنة بيد أماناً من الفقر».

وقد تكون احلام إبراهيم بسيطة لكونه يحلم بورشة أكبر من ورشته يمارس من خلالها عمله، إلا أنه يشكو من قلة الزملاء الذين سيساعدونه في عمله مما دفعه للتوجه للعمالة الوافدة التي ما زالت ترهقه بالتدليس والخداع أحيانا مما دفعه للعمل في ورشته لوحده.

ولعل السنوات المقبلة قد تحمل الكثير في ظل توجه الشباب السعودي للعمل الحرفي لما فرضته الظروف الحالية لنقص الوظائف وزيادة اعداد البطالة، خاصة مع مبادرة الحكومة السعودية بإنشاء العديد من المعاهد والكليات التي تهتم بالمهن الحرفية والتي منها الميكانيكا، ولتأتي الاتفاقيات التي أبرمت أمس بين صندوق تنمية المواد البشرية مع 7 شركات وكلاء للسيارات لتوطين 222 وظيفة للشباب السعودي كفنيين لصيانة السيارات.

ويأتي دور صندوق الموارد البشرية والذي انشأ عام 2001 بقرار من مجلس الوزراء السعودي داعماً للقطاع الخاص ومرغباً في توطين الوظائف للشباب السعودي لكونه يتحمل نحو 75 في المائة من تكاليف طالب الوظيفة أثناء فترة التدريب و50 في المائة من راتب الموظف بعد التحاقه بالوظيفة لمدة سنتين مما يخفف العبء عن القطاع الخاص واستقطاب الشباب السعودي وخفض نسب البطالة، إذ تمكن الصندوق حتى 20 سبتمبر (ايلول) الماضي من توظيف أكثر من 34 ألف شاب سعودي.