مسنات سعوديات يقضين باقي حياتهن في «الكلام» يطالبن بإيجاد برامج تأهيلية ونواد لكبار السن

TT

طيلة نهارها تدور وهي حاملة جهاز الراديو الصغير خاصتها تتنقل به ما بين الغرف، واضعة اياه ما بين رقبتها وكتفها المنحني لتسمع بوضوح ما تبثه المحطات من اخبار وأحداث حتى لا يكاد يفوتها أي خبر الى ان يتوقف مؤشر القنوات في نهاية المطاف على قناة القرآن الكريم لترتمي بجسدها النحيل على اقرب كرسي منصتة للآيات في هدوء. هذه هي ام سعود، وهي عجوز في الـ73 من العمر. ويكاد يكون وضعها متكررا في بيوت السعوديين التي توجد فيها مسنات».

ولكن برنامج أم سعود لا يتوقف على سماع القرآن والاستلقاء في الشمس لدقائق كل يوم، اذ تقول «اسعد لحظات يومي اقضيها بين أولادي وأحفادي اثناء تناول الوجبات معهم، كما اني حامية للصغار من قسوة الكبار، وكثيرا ما تشفع مكانتي لدى اولادي لأحفادي الصغارعند ارتكابهم أي خطأ او شقاوة».

وتضيف أم سعود «معظم نشاطي منصب على أولادي وزوجي الذي يشاركني في اشياء كثيرة; اولها الأمراض المتشابهة التي اصبحت قاسما مشتركا بيننا، لذلك فوجبتنا الغذائية وحديثنا يكاد يكون متشابها وواحدا في الغالب».

اما أم محمد، وهي أم لخمسة أبناء وجدة لعشرة أحفاد، فتقول «بعد أن كبر أولادي بدأت حالة البحث عن شغل وقت فراغي الذي تولد بعد أن اعتمد أولادي على أنفسهم حتى اقترحت على إحدى جاراتي والقريبة من عمري أن نشترك في إحدى مدارس محو الأمية، فمنها أن نتعلم شيئا مفيدا ونشغل فترة المساء التي عادة ما تكون طويلة علينا».

من جهتها، تقول أم ماجد (65 عاما) «لا أنشطة تذكر لدي لكنني أتسلى بمشاهدة التلفزيون، وسماع القصص الغريبة التي يقرأها أبنائي لي من الجرائد اليومية. واعتقد أن المسنات فئة منسية لدينا فلا مكان يجمعنا نتحاور فيه ونتسلى من خلال وجودنا بداخله سوى مركز الأمير سلمان الاجتماعي، وهو مركز واحد لا يغطي احتياجات جميع المسنين والمسنات في أنحاء الرياض».

وتضيف «يجب أن ينظر رجال الأعمال من خلال مشاريعهم الى هذه الفئة بعين المسؤولية فاحتياجاتنا لا تقل عن احتياجات الشباب النفسية ولا ننسى أن كل دول العالم تعنى بهذه الفئة عناية كبيرة وقد زرت بعضها أنا وأحد أبنائي، ورأيت كيف يمارس المسنون هناك هواياتهم وانشطتهم حتى أن أمراض الشيخوخة لديهم تختلف كثيرا عما نعانيه من أمراض جسدية مرتبطة ارتباطا كبيرا بالنفسية». وتؤكد الدكتورة ابتسام احمد أخصائية علم النفس الإكلينيكي بمدينة الأمير سلطان الخيرية على أهمية وجود مراكز متخصصة للمسنين تقدم خدمات طبية وبرامج اجتماعية ونفسية للمسنين. وتقول «يجب ان تكون هذه المراكز غير إيوائية وتتوفر بها أندية وانشطة تتوافق مع طبيعة المجتمع الذي يعيش فيه المسن كي يحس من خلالها انه لا يزال عضوا مهما في أسرته ومجتمعه». وأضافت «أن الأمراض النفسية والجسدية التي يتعرض لها المسن، تتحكم فيها عدة عوامل; منها قدرته على التوافق، ودرجة نجاحه في حياته العملية، والأمراض الوراثية الموجودة في أسرته وعلاقته بأبنائه، ولذلك يجب أن تهتم الدولة بإيجاد مراكز ترفيهية للمسنين مرتبطة بثقافة البلد نفسها، وتقدم برامج طبية للتخلص من بعض الاضطرابات الصحية المصاحبة للمسن، مثل الخرف والمشاكل الباطنية حتى يصبح المسن متوافقا مع نفسه وقويا جسديا ونفسيا».