متطوعون يعملون لاستبدال أشرطة الكاسيت الغنائية بالدينية

TT

اختارت مجموعة من الشباب تكريس وقتهم في العمل على استبدال أشرطة الكاسيت الغنائية بتسجيلات دينية، طمعا في التقرب الى الله بـ«عمل صالح» في أيام شهر رمضان الكريم. وكشف هذا الجهد التطوعي، عن أزمة صامتة بين مؤسسات الإنتاج الموسيقي، وبين عدد من الجمعيات الخيرية العاملة في المملكة. يقول خالد العويني، وهو مشرف اللجنة الاعلامية لمشروع استبدال الشريط الغنائي بالإسلامي، ان فكرة المشروع الذي يرعاه المكتب التعاوني للدعوة والارشاد في مدينة الرياض، جاءت قبل نحو ثلاث سنوات بدعم من أحد فاعلي الخير الذي تحمس لأهداف المشروع وقرر تبنيه. وأبان أن كمية ماتم استبداله في السنة الأولى بلغ نحو 30 ألف شريط، لتزيد في السنة الثانية إلى 70 الف شريط، وارتفعت هذا العام الى نحو 130 ألف شريط تم استبدالها في شهر رمضان فقط من كل عام.

المشروع يقوم على عمل متطوعين لنشر أهدافه، وغالبيتهم من الشباب المتحمسين لفكرة المشروع. أبو أحمد أو «فتى الاسلام» كما يحب مناداته أحد المتعاونين مع اللجنة الإعلامية للمشروع يقول انه متعاون بشكل طوعي في خدمة المشروع الاسلامي من خلال توزيع النشرات الدعوية لفكرة المشروع عبر وسائل الاعلام المتاحة وشبكة الانترنت، مبديا حماسه في خدمة الفكرة لتصل إلى كافة المدن والقرى السعودية. وأشار العويني إلى أن المشروع حقق العديد من أهدافه في الوصول إلى شرائح مهمة مستهدفة كطلاب المدارس في مراحل التعليم العام الذين تفاعلوا مع المشروع من خلال بعض مدراء تلك المدارس الذين أبدوا تجاوبا مع اعلانات المشروع وقاموا بجهود مركزية في بعض الأحياء مثل حي «الشفا» و«العريجاء» لجمع كميات كبيرة من الأشرطة الغنائية ومن ثم إبدالها بأشرطة دينية منتقاة من اللجنة القائمة على المشروع في مسجد عبد الله بن مسعود بحي خنشليلة (جنوب الرياض).

وبدأت فكرت استبدال 5 كاسيتات أغان وأشرطة أفلام فيديو مقابل كاسيت أو فيديو (واحد) ديني على يد مؤسسة الحرمين الخيرية، التي أعلنت السعودية عن حل أعمالها الشهر الماضي، على خلفية مكافحة تمويل الإرهاب الدولي.

يقول حسن الأهدل الذي كان يعمل في قسم المبيعات بمؤسسة الحرمين في الطائف «كان الهدف من هذا المشروع، هو التخلص من الأوبئة الصوتية، حسب وصفه، «فبدلا من أن يقضي الشاب وقته في سماع أغان لا تجلب له غير الهم والغم، نتيح له فرصة استبدالها بكاسيت ديني يستفيد منه في دنياه وآخرته».

واستشهد الأهدل بقصة شاب هرع الى فرع المؤسسة، وهو يحمل نحو 450 شريط فيديو لأفلام متنوعة وخليعة تخص شقيقه المصاب بمرض نفسي، طالبا من المؤسسة القيام بحرقها اعتقاداً منه أنها سبب الأزمة النفسية التي يعاني أخوه منها.

ويؤكد الأهدل قيام المؤسسة بحرق الأشرطة، ويقول «هذا مصير كل تلك الأشرطة التي تصل إلينا. نحن نفعل ذلك في سبيل الله، ولا عائد ماديا يدر علينا من وراء ذلك». واستطرد: «أحيانا نقدر قيمة كل 100 شريط فيديو بـ100 ريال. على أن يختار الشاب أو الفتاة ما يريدونه من منتجات المؤسسة مقابل قيمة الأشرطة بهذا المبلغ المقدر أدوات مدرسية، أو أشرطة أفلام كرتون للأطفال أو غيرها من المنتجات». وعن أكثر الأشرطة الدينية التي تجد إقبالاً من التائبين (على حد وصفه) هي القصص الدينية التي تحمل العظة والعبرة. أما النساء أو الفتيات فهن يفضلن استبدال كاسيتات الأغاني والفيديو بأقراص (C.D) عن المواد العلمية أو الثقافية أو تلاوات لسور من القرآن الكريم لأشهر القارئين. وتؤكد الداعية (أنيسة) وهي المسؤولة عن القسم النسائي بالطائف (قبيل حل المؤسسة) «نحن لا نبحث عن أحد. فهؤلاء الشباب والفتيات، على اختلاف أعمارهم، يأتون إلى مقر الجمعية ويستبدلون ما يرون بقرار من ذاتهم، ودون تدخل أحد».

وبالعودة الى العويني المشرف الإعلامي على مشروع استبدال الشريط الغنائي بالإسلامي في الرياض، والذي كشف أن 40 مادة اسلامية بين تلاوات قرآنية لكبار القارئين ومحاضرات دينية وأناشيد اسلامية مشهورة هي حصيلة استقراء رغبات الجمهور في مواد معينة حرصت ادارة المشروع على توفيرها لراغبي الابدال.

من جهته، قال مسؤول كبير في شركة «صوت الجزيرة» للانتاج والتوزيع الفني في جدة «(فضل عدم ذكر اسمه) «إن الشركة تعمل وفق توجيهات من رئيس مجلس ادارتها في دعم الأعمال الخيرية وتعمل جنبا إلى جنب مع العديد من المؤسسات الخيرية في السعودية وإن فكرة إبدال أشرطتهم الفنية بأشرطة دينية وتحريض الشباب على هذا الأمر باستغلال البعد الديني ونمط المجتمع السعودي المحافظ يعكس صورة سلبية عن الشركات الفنية والقائمين عليها»، مضيفا أن اعتبار الفن كحالة تعميمية هو مفسدة يجب اقتلاعها فيه تجن كبير على الفنانين المحافظين على انتمائهم الوطني ومساهمتهم في خدمة مجتمعاتهم وتمثيل بلدانهم بشكل مشرف في المحافل الدولية.

وأكد محمد علي، وهو موزع أشرطة غنائية في أحد المحلات بجدة أن الاقبال من محلات الكاسيت على انزال كميات كبيرة من الاشرطة الغنائية لم يعد كالسابق بسبب ما وصفه بهيمنة الفضائيات العربية وانتشار القنوات والإذاعات المتخصصة في الأغاني ، وهو ما انعكس على القوة الشرائية لدى المستهلكين في ظل الاختيارات المتنوعة التي أمامهم. وقلل علي من تأثير تبني المؤسسات الدينية لفكرة «الابدال»، مطالبا إياها بتطوير موادها حتى تلقى الرواج لدى فئات صغار السن والشباب.