تغييرات جذرية تحول شكل الشماغ السعودي الكلاسيكي لمواكبة صرعات الموضة والتجديد لموسم العيد

TT

لم يعد اللون الأحمر الذي عرف به الشماغ واللون الأبيض الذي عرفت به «الغترة» وأشكالها وخطوطها التي ظلت لأكثر من 60 عاماً بشكل واحد، هو المعيار الأساسي لدى السعوديين لاختيار شماغ أو غترة في ظل تغيرات أذواق المجتمع وخصوصاً في اللباس إذ أن الجميع أصبح يبحث عن التجديد ويهرب من كل ما هو تقليدي. وطلبا للتجديد تطال صناعة الغترة والشماغ في السعودية تغييرات جذرية تصل إلى تغيير شكل الخيوط عرضاً وطولاً وتعدد أشكالها التي على أطراف الشماغ.

ويشهد سوق الملابس الرجالية في السعودية منافسة حادة بين الشركات والمؤسسات المصنعة للشماغ السعودي حيث أصبحت تحرص على ابتكار رسوم وخطوط بأشكال مختلفة على الحدود السفلى والجانبية للشماغ والغترة. وشرع عدد من الشركات والمؤسسات المتخصصة في صناعة وحياكة الأشمغة والغتر في السعودية أخيرا بسحب عدد من موديلات وأصناف كانت قد طرحتها قبل قرابة شهر ونصف في الأسواق لتحل بدلاً عنها موديلات جديدة في الأسواق نظراً لقرب موسم العيد.

وأجمع عدد من العاملين في سوق الملابس الرجالية بالسعودية على أن ظاهرة الاهتمام بطرح موديلات جديدة من الأشمغة تتمثل في رسم خطوط وأشكال مختلفة على أطراف الشماغ من قبل المصنّعين هي ظاهرة تلقى استحسان شريحة كبيرة من المجتمع السعودي الشباب والكبار على حد سواء، مشيرين في الوقت نفسه إلى أن غالبية كبار السن يفضلون شراء الشماغ القديم الذين يلقى قبول بعض الشباب الراغبين في التميز بلبسهم للشماغ القديم.

وأكد عدد من العاملين في السوق أن هناك موديلات من الأشمغة القديمة تشهد ارتفاعا في الأسعار بالرغم من ظهور الموديلات الجديدة وأشكالها الجذابة، ولكن تلك القديمة تلقى الإقبال نظراً لجودتها ورغبة من بعض المستهلكين بالالتزام بالشماغ الأصيل الذي لا يحتوي على رسومات وخطوط متعددة لأنه من وجهة نظرهم يفقد الشماغ تميزه وجاذبيته.

ونشطت أسواق ومعارض بيع الشماغ والغترة في العاصمة السعودية بشكل ملحوظ خلال هذه الأيام وسط إقبال كبير من السعوديين على أحدث ما طرح في السوق من أشمغة، وفي المقابل كثف أصحاب المباسط نشاطهم خارج أسوار تلك الأسواق ليستفيدوا هم أيضاً من حركة الإقبال على الأسواق نفسها. وأشار العاملون إلى أن بعض الأشمغة المقلدة والتي تأتي ضمن الدرجة الثانية والمستوردة من شرق آسيا والتي تم إغراق السوق السعودية بها رغم تأثيرها البسيط على السوق، إلا أن الأشمغة الأصلية والتي تحمل ماركات كبرى هي المسيطرة الآن في السوق وهي التي يثق بها السعوديون ويستهلكونها بشكل كبير.

ويقول العاملون إن في السوق الآن أكثر من 130 نوعاً من الأشمغة بتصاميم وأشكال مختلفة يفوق عددها 90 تصميماً، تتراوح أسعارها من 65 ريالا (17 دولارا) إلى 200 ريال (53.3 دولار).

وقال باسم الصويلحي، بائع، إن الأشمغة ذات الخطوط المتعددة (الموضة الجديدة) هي التي تستحوذ على النصيب الأكبر من مبيعات الأشمغة بالسعودية نظراً لأن 60 بالمائة من زبائنه هم من الشباب الذين يرغبون في التجديد بشكل مستمر، مشيرا إلى أن موديلات الأشمغة التي طرحت قبل قرابة شهر أو شهرين قد تم سحبها من الأسواق بسبب طرح الموديلات الجديدة قبل فترة بسيطة مضيفاً أن المصنعين سيعيدون طرح هذه الأشمغة التي تم سحبها بعد قرابة 14 يوماً وبسعر أقلّ.

واضاف الصويلحي بأن الشماغ الذي يتميز بخيوط طويلة تتدلى من أطرافه وهو ما يعرف على نطاق واسع باسم شماغ «أبو هدب» قد تهاوى ولم يعد الإقبال عليه إلا في المناسبات الرسمية كالأعياد واحتفالات الزواج. من جانبه يرى سالم العلي، بائع، أن الوقت الراهن يتطلب الإسراع في عملية تطوير الشماغ من ناحية الشكل والجودة مفيدا أن تنافس المصنعين على ابتكار الجديد في عالم الشماغ سيعود لصالح المستهلك الذي سيتوجه للشماغ الجديد ذي السعر الرخيص، مطالباًَ في الوقت نفسه بتشديد الرقابة على ما يصل منتجات رديئة بأسعار رخيصة تؤثر على مبيعات الشماغ الأصلي في السعودية. وأفاد العلي أن فئة الشباب تتفاعل بشكل سريع وكبير مع ما تقدمه شركات الشماغ وخاصة تلك التي لها علاقة باللمسة العالمية كأسماء بعض الماركات الشهيرة أو بعض الزخارف المعروفة كما هو الحالة مع نقشة «فيرزاتشي» التي يقبل عليها الشباب بشكل ملحوظ. ويرى الدكتور منصور بن عسكر أستاذ علم الاجتماع بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية أن التغيير الشكلي الذي طال الشماغ السعودي يعبر عن نقلة يعيشها المجتمع السعودي، مؤكداً أن التغيير إيجابي في غالبه لا سيما أنه يرسخ مفهوم الزي السعودي في نفوس الأجيال الجديدة، ويشير العسكر إلى أن السعوديين وخصوصاً جيل الشباب كان سابقاً يحرص على أن يمثّل مجتمعه أو قريته ومدينته من خلال ردائه الذي يلبسه ولا يمكن إحداث أي تغيير في هذا الرداء الذي يعبّر عن قرية كاملة أو مدينة.. في حين أنه خلال الوقت الراهن أصبح هناك نوع من «النزعة الفردية» لدى الشباب السعودي وبات كل شاب يمثل نفسه، بخلاف السابق، وبات من المعتاد أن تتجه فئة كبيرة من السعوديين نحو كل ما هو جديد ومطوّر.