نغمات موسيقية تفسد خشوع المصلين أثناء الصلاة

«الجوال» على أبواب المساجد في شهر رمضان

TT

«آمين».. رددها المصلون خلف الإمام في صلاة القيام في أحد مساجد الخبر، إلا أن صوت دعاء المصلين لم يكن موحدا، بل اختلط به صوت نشاز انزعج منه المصلون كان لرنين هاتف جوال، ومما زاد الطين بلة أن صوت هذا الرنين لم يكن رنينا عاديا، بل نغمة موسيقية لآخر أغنيات احد الفنانين، واستمرت الرنة ـ الأغنية ـ متواصلة من دون أي تدخل من صاحب الجوال، وظلت تتصاعد وتشوه تلك الأجواء الروحانية للمصلين وللشهر الكريم، وما أن انتهت وتعوذ المصلون بالله من الشيطان الرجيم، حتى رن هاتف جوال آخر، هذه المرة كانت النغمة الموسيقية لأغنية احدى الفنانات!.

ومع أن أئمة المساجد يهيبون على المصلين بضرورة إغلاق هواتفهم قبل دخولهم لأداء الصلاة، أو على الأقل وضعها على الصامت، بسبب أن هذه النغمات الموسيقية تفسد خشوع المصلين، كما توجد لافتات لإغلاق الهواتف على أبواب المساجد، إلا أن عددا من المصلين مازالوا يواصلون تركهم لهواتفهم من دون إغلاق أثناء أداء الصلوات. وبالرغم من أن المسلمين ينتظرون قدوم شهر رمضان المبارك وتأدية صلاة القيام كجزء من العبادات التي يتوقون إليها، إلا أن رنين النغمات الموسيقية التي انتشرت بصورة كبيرة أخيرا، أصبح يهدد خشوع هؤلاء المصلين أثناء جميع الصلوات، خاصة في صلوات التراويح والقيام.

ولم يعد سماع نغمات موسيقية ـ وليست رنات عادية ـ أمرا غير طبيعي في الفترة الأخيرة، ولم يقتصر عدم مراعاة هذه الفئة من أصحاب الجوالات على المساجد والجوامع فحسب، بل وصل الأمر إلى المسجد الحرام وكذلك المسجد النبوي، ففي أولى ليالي العشر الأواخر من الشهر الكريم وأثناء قنوت الشيخ الدكتور عبدالرحمن السديس إمام وخطيب المسجد الحرام، ارتفعت أصوات هواتف جوالة بنغمات موسيقية لفترات طويلة من دون أن يتدخل أصحابها لإغلاقها.

وكانت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، قد أصدرت فتوى شرعية بتحريم استخدام النغمات الموسيقية في الهاتف الجوال، ووجهت بالاستغناء عن هذه النغمات واستبدالها باستخدام جرس الهاتف العادي.

ويقول الشيخ سامي المبارك رئيس التربية الإسلامية بوزارة التربية والتعليم بالمنطقة الشرقية، وإمام أحد الجوامع الكبيرة بالمنطقة الشرقية، ان هذه الظاهرة انتشرت بصورة كبيرة في الفترة الأخيرة، مشيرا إلى أن أئمة المساجد كثيرا ما ينبهون المصلين إلى ضرورة إغلاق هواتفهم الجوالة قبل دخولهم المسجد، إلا أن هناك كثيرا من المصلين ـ والحديث للشيخ المبارك ـ أصبحوا يتساهلون في إغلاق هواتفهم قبل الشروع بالدخول للصلاة، وهو الأمر الذي يتسبب في تعالي أصوات النغمات الموسيقية في المساجد والجوامع، بصورة غير مقبولة على الإطلاق، ويؤكد الشيخ المبارك أنه من المؤسف أن هذه الظاهرة كانت تسبب الإحراج إلى صاحبها ويسرع في إغلاق هاتفه، أما الآن فإن هناك الكثير ممن يؤذي المصلين بنغمات هاتفه، من دون أن يتدخل بسرعة لإنهاء هذا الإيذاء عن المصلين الآخرين، مشيرا إلى أن المؤذنين والأئمة درجوا في الآونة الأخيرة إلى وضع لافتات تنبيهية على أبواب المسجد بعدم ترك الجوال مفتوحا داخل المسجد، إلا أن كل هذا لم يمنع من استمرار هذه الظاهرة المؤسفة.

ومع استمرار هذه الظاهرة في شهر رمضان ـ وغيره من الشهور ـ بدأت بعض المساجد في الاستعانة بأجهزة متخصصة في قطع الإرسال عن الهواتف الجوالة، وبالرغم من فعالية هذه التقنية الحديثة، إلا أن بعض المصلين أبدا انزعاجه من هذه الطريقة باعتبارها قد تؤذي المصلين بعد ورود أنباء عن بعض الأضرار التي يسببها قاطع الإرسال. وبعيدا عن استخدام التقنيات الحديثة للقضاء على أمر يعتبره الكثير من أخلاقيات المسلم، تبقى المساجد مسرحا واسعا لسماع نغمات موسيقية بكافة أنواعها القديم منها والحديث، وربما لن تنفع أية تقنية لإلغاء هذه الظاهرة طالما لم تتوفر أساسيات التعامل الحضاري والشرعي مع أصحاب تلك الهواتف الجوالة الموسيقية.