بنوك الدم تفقد بعدها الإنساني بعد أن حولها البعض إلى تجارة

TT

القاعدة المعروفة في المستشفيات الحكومية هي ألاّ تـُباع أكياس الدم للمريض، بل تقدم إليه مقابل أن يتبرع بها شخص قريب منه، أو أن يقدم المريض شخصاً آخر يتبرع بدمه للمستشفى مهما كانت فصيلته، فتحفظ في «بنك الدم» لتغطي العجز.

أما في بعض المستشفيات الخاصة فهناك من يبيع دمه «خاصة من الجاليات الآسيوية» بأسعار تتراوح ما بين 300 و500 ريال. فيما أصحاب الفصائل النادرة مثل (O-) فتتجاوز أسعار دمائهم 700 ريال. بعد ذلك يبقى على المستشفى البحث عن المريض المناسب الذي تبيعه كيس الدم بـ1500 ريال، بحسب ما قاله موظف في المختبر الطبي في احد المستشفيات الخاصة، مفضلاً التعريف عنه بالرمز (ن.م).

ويضيف الموظف أن الصفائح الدموية قد يتجاوز سعرها في بعض الأحيان 4 آلاف ريال أحياناً، موضحاً أن ذلك يعتمد على علاقة المستشفى بمريضها، وبالتالي فإن السؤال الذي يطرح نفسه هو هل أصبح مفهوم «بنك الدم» يوازي بنك المال؟ ويقول الدكتور هشام شمس الدين مدير مختبر احد المستشفيات الخاصة بجدة إنّ مصطلح البنك في حالة الدم يعني «تخزين» وليس«استثمار»، مضيفا أنّ وظيفة بنك الدم في المستشفيات هي«تخزين الدم بطرق وقواعد صحية». ويُعدّد شمس الدين أنواع المتبرعين، فيوضح أنّ هناك المتبرع بدمه بمبلغ (بائع)، والمتطوع بمعنى متبرع بدمه لبنك الدم من دون مقابل، «من باب الإنسانية»، وهناك المتبرع بدمه للمريض الذي يعرفه، والمريض الذي يتبرع بدمه لنفسه قبل إجراء العملية الجراحية. أما عن الصفقات التجارية التي تجرى في بنك الدم بين العميل والمستثمر في بعض المستشفيات الخاصة فيقول «معظم هذه المستشفيات لا تبيع الدم بالمعنى المباشر ولكن تُسجل قيمته في فاتورة... وفيما لا تجبر أحداً على بيع دمه فهي تشتري من الراغبين في التبرع». يقول (محمد. م) الموظف في قسم بنك الدم بمستشفى الملك فهد بجدة إنه في معظم المستشفيات الحكومية لا يتم البيع والشراء، فهذه عادة تجري خلف الكواليس بين المريض وبين المتبرع (البائع) من دون تدخل المستشفى، أي يبحث المريض عن متبرع بدمه ويدفع له مبلغا معينا وقد يتجاوز الألف ريال. أما أم أيمن فتقول إن المتبرع يلعب على «الوتر الحساس» للمريض، إن كان يملك فصيلة الدم المرجوة. وتروي قصتها قائلة إنها كانت في حاجة إلى متبرع فتعرفت على امرأة اشترطت أن أدفع لها 1000 ريال لأن «دمها صافي» بسبب كون غذاؤها صحيا!. ويعود الدكتور هشام ليعلق على الموضوع قائلاً «في أميركا وكل الدول المتقدمة المسألة منظمة، حيث يتم التبرع بالدم فقط إلى الصليب الأحمر التي تقوم بتوزيع الدم إلى المستشفيات»، ويضيف «لقد زُرع منذ الصغر في أنفسهم أهمية التبرع بالدم»، ويقترح الدكتور أن يكون هناك بنك دم مركزي خاصة هنا بجدة لتفادي ظاهرة بيع الدم. يذكر أن هناك موقعا إلكترونيا يدعى «بنك الدم» يهدف إلى توعية المجتمع بأهمية التبرع ويحث على هذا العمل، كما تحدثت تقارير عن مشروع قائم لإنشاء مركز دم خيري بجدة رغم كثرة الجدل حوله، إلا انه يبقى مركزا خيريا.