مؤتمر الحوار الوطني يواصل أعماله بمناقشة العولمة وفقدان الهوية

غياب المسؤولين وقيادة المرأة للسيارة والخصوصية الثقافية الهاجس العام للمؤتمر

TT

طغى هاجس العولمة وفقدان الهوية الإسلامية على جلستي اليوم الثاني، من مؤتمر الحوار الوطني، السادسة والسابعة «الشباب والعمل، والشباب والثقافة» واللتين رأسهما الدكتور راشد الراجح، كما طغى على بعض المداخلات الحديث عن قيادة المرأة للسيارة.

وخصصت جلستا المساء للمداخلات حول المحورين، حيث قال قينان الغامدي في مداخلته:«إن الشباب في ورش العمل حددوا مطالبهم ومشكلاتهم ولم نأت في هذا الحوار بجديد فمشكلاتهم معروفة ومطالبهم محددة، فمن يحاور من؟ نحن لا نمتلك القرار ولا القدرة على تحقيق آمال الشباب».

وأضاف: «كنت أتمنى أن يحضر المسؤولون جلسات هذا الحوار ليعرفوا حجم البركان الهائل الذي يكاد ينفجر». وقال «الحوار كما في كل مرة عن العباءة وقيادة المرأة للسيارة وغيرهما من القضايا الاجتماعية التي تحل كما يقول المتخصصون في علم الاجتماع بالتراكم الزمني والثقافي». وطالب بتخلي وزارة الثقافة والإعلام عن الثقافة والإعلام وترك ذلك للمهتمين بهما.

وقالت ثريا الشهري:«إن هناك خطأ عندما نتحدث عن الهوية وكأنها في خطر وستقع عند أقرب مواجهة». وأضافت: «أن بقاء المجتمعات منوط بالثقافة والمعرفة وليس بالخوف على الهوية والانغلاق».

أما حصة القنيعير، فتقول: «ان لدينا تطرفا حول قضية المناهج فإما أن تكون خالية من العيوب لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها، وإما أن تكون كلها عيوبا ويجب أن نغيرها، وهذان الرأيان لم ينظرا بوضوح إلى ما نحتاج إليه من المناهج وما نريد منها».

بينما جاء تعليق الدكتورسعد البريك عن بعض الممارسات في الحوار، قائلا:«إن العرض بالجملة والتوصيف بالجملة والحل بالجملة إنما هو دوران حول المشكلة». وطالب بتحويل المدارس إلى مراكز ثقافية واجتماعية ورياضية. وتحدث حسن النخلي في مداخلته عن تطور مفهوم الجريمة لدينا حتى أنها أخذت طابع الجريمة المنظمة، وتساءل عن غياب محور الشباب والجريمة عن محاور النقاش. أما عزيزة المانع، فقالت إن مشكلتنا مع العولمة أنها وضعتنا أمام المواجهة مع الثقافات الأخرى من دون أن نتهيأ لذلك.

ويطالب محمود عبد الغني صباغ بإقامة مجتمع المعرفة القائم على أسس المجتمع المدني وبالعودة إلى الدين والبعد عن بعض المصطلحات مثل الخصوصية وغير ذلك من مصطلحات الانغلاق. وتقول علا رجب: «ان الشباب من الجنسين يعيش في مجتمعين منفصلين لا يعرف أحد هما ماذا يريد الآخر»، وطالبت بإجراء بحوث حول الشباب من الجنسين لتقريب وجهات النظر بينهم، وتطرقت إلى قلة الإقبال على الثقافة التراثية الوطنية بين الشباب.

وأيدت أرواد محمد نصر الله اقامة قناة تهتم بأمور الشباب وقضاياهم وطموحاتهم، كما طالبت بتجديد الخطاب الديني والتحول إلى ذلك الخطاب الذي كان في عصر صدر الإسلام الذي كان يبني ولا يهدم.

وتوالت التعليقات عن الأزمة الثقافية وفقدان الهوية على المستوى المحلي وعلى المستوى الخارجي والبعد عن تحديد الأولويات الثقافية والمعرفية، ومفهوم العولمة وتحميل الإعلام وزر التقصير في شح المعلومات. وأن الشباب لا يعاني فقراً في القدرات والإمكانات وإنما يعاني فقراً في المؤسسات التي تترجم هذه الأفكار، بل جاءت أغلب المداخلات في صيغة توصيات ومطالبات فمن مطالبة توعية الشباب بالسفر لتوسيع الثقافة، إلى وضع حد لألعاب الكومبيوتر من قبل الرقابة، وفرض نظام على كل المؤسسات الخاصة بالاهتمام بالجانب التثقيفي للمجتمع، مع تفعيل دور عمد الأحياء وشيوخ القبائل والاهتمام بدور هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإعطائهم صلاحيات إضافية.

ولم يفت المشاركات في هذه المداخلات أن ينوهن بإقامة العدالة في التعامل بين الشباب والفتيات، وأن خدمات ودور المؤسسات الشبابية والثقافية انحصرت على الذكور بينما تستثني هذه المؤسسات الفتيات من برامجها وخدماتها وإنشاء مراكز صيفية نسائية وتفعيل دور المرأة في مراكز الأحياء. وضرورة التوسع في مجال دعوة المرأة لأن ليس لها دور في المجال الدعوي. والعمل الخيري. والخطاب الديني كان له النصيب من المداخلات حيث يجب التوسع في فتح دور للأيتام في كل منطقة وتنظيم العمل الخيري، وضرورة تجديد الخطاب الديني بما يواكب العصر وإبراز القدرات الخلاقة والصالحة لبناتنا وشبابنا بضرورة محاربة التطرف اللاديني الذي سبب التطرف الديني ودعم القنوات الهادفة وتفعيل دور جمعيات تحفيظ القرآن والمراكز الصيفية وتعليم الشباب كيفية التعامل مع الانفتاح والعولمة وليس العزل وتفعيل دور المسجد في بناء الثقافة ومشاركتهم في القرارات التي تخصهم وإنشاء مركز وطني للتطوع وإقامة ملتقى سنوي لهم. وإيجاد منبر إعلامي ثقافي للتعبير عن قضاياهم وهمومهم وتطلعاتهم وإقامة منتديات حوارية لهم. وتوعيتهم بالسفر لتوسيع الثقافة وتطوير البرامج في المراكز الصيفية وإجراء البحوث لتطوير المؤسسات الاجتماعية والثقافية المتعلقة بالشباب وضرورة إقامة دورات في الحوار لتعويد الشباب على ذلك.

وبقيت أصداء مداخلة أحد الشباب تتردد حين قال:«الكل يلوم الشباب حتى في هذا المؤتمر الخاص بنا، أخذت علينا الوصاية والكل يتكلم نيابة عنا».

وبدأ المؤتمر الصحافي في الساعة الثامنة والربع وحضره الدكتور عبد الله العبيد رئيس جمعية حقوق الإنسان في السعودية وعضو المؤتمر ورجل الأعمال المشارك في المؤتمر خالد القحطاني ورجل الأعمال المشارك في المؤتمر جعفر الشايب والشاب ياسر العودة.

وفي بداية المؤتمر الصحافي، أوجز الدكتور العبيد ما دار في الجلستين الصباحيتين حيث قال «تناول المشاركون في الجلستين الصباحيتين محوري الشباب والعمل الذي تناول فيه المشاركون القضايا المتعلقة بالشباب مثل البطالة وسوق العمل وذلك بهدف الوصول إلى رؤى مشتركة بين الجميع، وفي المحور الثاني الشباب والثقافة والمجتمع ثم تناول العولمة بكافة جوانبها وجوانب الإصلاح وأهدافه ووسائله، ثم فتح المجال للأسئلة».

وعن نقل توصيات لفتح المجال في الكليات والمعاهد العسكرية لاستيعاب أكبر قدر ممكن من الشباب العاطل عن العمل، قال «هذا الاقتراح بادرت به الدولة قبل أن يعقد المؤتمر وهي تعمل على تحقيقه وعن معقولية طروحات الشباب وأمكانية بلورتها إلى واقع ملموس في القريب العاجل والنتائج الإيجابية لحضورهم وظلم المؤتمر لهم بطرح قضاياهم في ثلاثة أيام فقط».

ورأى العبيد أن معظم ما يطرحه الشباب من توصيات كانت متوافقة مع الدوافع. وفي هذه التوصيات شيء من الطموح أو النظرية ولكن هناك توصيات معقولة وعملية ويمكن أن ترى النور قريباً. وأضاف: «المكسب هو سماع صوت الشباب ومشاركتهم وإيصال صوتهم من دون وسيط». ورأى أن الوقت يكفي لمناقشة قضايا الشباب لأن هذه القضايا من الأمور المتجددة ولا يمكن أن تنتهي. وقال عن عدم دعوة المسؤولين حضور الحوار: «يمكن أن يحضر ممثلون للوزارات وينقلون التوصيات إلى وزاراتهم كما أن هذه التوصيات ستصل إليهم بعد رفعها إلى ولي العهد، وهذا هو المهم. ورداً على سؤال عن فكرة لإنشاء فروع لمركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني، أوضح أن هنالك توصية بذلك وإن كان يرى القائمون على المركز أنه ليس مؤسسة حكومية بيروقراطية فهو مركز لإشاعة الحوار وثقافته في المجتمع وليس وزارة أو دائرة حكومية حتى تكون له فروع.

أما عن غياب المؤتمر عن الشباب والجريمة، فعلل العبيد أن: «الجريمة مرتبطة بالغلو والتطرف وقد عقد مؤتمر بهذا الخصوص وسيطرح هذا المحور في محور الشباب والمواطنة».

وقال عن عدم وجود مشاركة للشباب في الإصلاحيات: «الأساس ألا يدخل الشخص السجن إلا بثبوت جرم قام به وفي هذه الحالة قد يكون رأيه متأثراً بوضعه ولكن عندما تنتهي محكوميته ويخرج ويصبح في حالة نفسية أفضل فما المانع من مشاركته».

وعن استياء بعض المشاركين من عدم إتاحة الفرصة لهم لإبداء آرائهم، علل ذلك بسبب كثرة المشاركات، ورأى «أن علاج هذه المشكلة اداري، فكثير من المشاركين في المؤتمر تحدث في كل الحلقات وعدد المشاركين كبير فلا بد من تنظيم عملية المداخلات والقضية ليست إسمعوني و إلا سأنسحب وعلى المشارك أن يعمل كل ما لديه ليسمع صوته للآخرين».

وعن النقطة التي أثارت الجدل عن قيادة المرأة للسيارة، قال الدكتور العبيد:«لم أسمع أحدا من المشاركين طالب بقيادة المرأة للسيارة والمعارض والمؤيد لذلك يعبر عن رأيه الشخصي والقضية طرح اجتماعي وهي تخضع للمتغيرات التي تفرض على الناس أفكاراً ورؤى معينة في كل زمان، والمشكلة في ضيق الوقت ليس في قيادة المرأة للسيارة من عدمها، لذلك تجد كل مشارك يريد أن يتحدث في كل الأمور عندما يأتي دوره».

ليتدخل جعفر الشايب قائلاً: «كل كان يعبر عن وجهة نظره كما في كل القضايا الاجتماعية الأخرى».

أما عن دور القطاع الخاص في توظيف الشباب ومدى استيعابه للفكرة فقد تكفل خالد القحطاني بالرد حين قال:«كلنا نعمل في منظومة واحدة الإعلام والمؤسسات الرسمية والقطاع الخاص. والقطاع الخاص له دور مهم في التخلص من البيروقراطية متى ما أعطي الدور والمساحة المناسبة، وأن رجال الأعمال استوعبوا الفكرة لكن الحديث عن استيعاب سوق العمل حديث يطول.

ما نحتاجه هو نمو اقتصادي يفوق النمو السكاني نحتاج إلى تدعيم ميزاتنا التنافسية ومن ضمنها الثروة البشرية المنتجة والمبتكرة».

وعن دور المنتديات الثقافية في توعية الشباب رد الشايب:«دورها كبير ونحن في منتدى القطيف الأسبوعي نلتقي مع نخب ثقافية واجتماعية على مستوى المملكة. المهم هنا هو توسيع هذه المنتديات ودعوة الشباب إلى حضورها والمشاركة فيها، ولكن ماذا بعد الحوار».