لا «مقورن» ولا «مسوبع»: تنهدات البدو على زمن «التغزالة» و«المغزل»

TT

تتنهد أم عبد الله، 60 عاما، وهي تتذكر أيام غزل بيوت الشعر، حيث تتجمع النسوة ويتجاذبن أطراف الحديث وكل واحدة تحمل في يدها «ميبر» ـ إبرة سميكة جدا يصل طولها إلى نحو 10 سم ـ وألسنتهن تتحرك مثل ابرهن من دون أن ترتفع أعينهن عن مغزلهن. ولا تنسى الفترات التي تقوم بها النساء في إنزال البيوت وجمعها ثم وضعها على المراحيل «الإبل» المخصصة لنقل بيت الشعر حيث أن النساء في تلك الفترة يجتمعن لمساعدة بعضهن في البناء والهدم. وكثيراً ما تروي لأحفادها عن ذلك الزمن الذي كانت تمارس فيه حياة البداوة قبل أن يستقر بهم الحال في الهجر التي خصصت لتوطين البدو. وتشير أم عبدالله إلى أن بيت الشعر، المصنوع من شعر الماعز بالدرجة الأولى، يحتاج إلى عناية خاصة فمن الممكن أن يتقطع إذا لم يجد شخص ملم بعملية البناء والهدم إضافة إلى أن الطقس حين يتحول إلى عاصفة يعمد قاطنو البيت إلى إغلاق منافذ الهواء لكي لا يقطع الهواء أجزاء البيت الذي جمعت مادة تصنيعه الأساسية وهي شعر الماعز بين الضعف والقوة. وتقول: «كانت صناعة بيوت الشعر في السابق تتم من خلال نساء القبيلة اللائي يتولين حياكة الشقاق وهي عبارة عن مسطحات من الغزل تخاط مع بعضها لتعطي مكونات البيت، أما عن المراحل التي يمر بها الشعر المكون الرئيس للبيوت ففي البداية يؤخذ الشعر من الأغنام والإبل ومن ثم يغسل عن الأوساخ بالماء الفاتر بعد ذلك تقوم المرأة بوضعه بين قطعتي خشب فيهما أشياء مشابهة للمسامير يمر عليها الشعر أو الصوف، بعد ذلك يوضع الغزل على تراب ناعم خالي من الشوائب أو على فرشة نظيفة ومن ثم يضرب بالخيزران حتى يشتبك ويصبح ناعما بعدها يبرم الشعر حتى يصبح كأنه مخدة عند ذلك تقوم المرأة بأخذ الصوف وتغزله وكل مغزلين يطلق عليها نمية ويبلغ حجمها كغ واحد تقريبا بعد ذلك تأتي مرحلة الإبرام وهو دمج خطين معا ليكونا فيما بعد القطع المصنعة لبيوت الشعر». والأدوات التي تستخدم في عملية حياكة الشعر «المدراة» وهي قطعة خشبية توضع بين طرفي النسيج لرقعها وهناك «المدري» وهو مسمار حديدي معقوف الرأس وله مقبض خشبي تغرز به خيوط النسيج والمشيع وهو قطعة خشبية يلف عليها نسيج الخيوط من اجل أن تمسك الشعر و«المغزل» وهو يتكون من صفيحة خشبية طولها 15 سنتمترا وعرضه 7 سنتمترات وفي منتصفها ثقب يوضع به متر خيزران في رأسه سيم حديدي يمسك الغزل عند غزله وكذلك «التغزالة» وهي عبارة عن متر ونصف المتر من الخيزران.

وتقسم البيوت إلى أقسام تعرف بربعة الرجال «مجلس الرجال» ومماثلة لها مخصصة للنساء وتحدد الأعمدة التي تحمل البيت من الوسط مسمى البيت فالذي يحمله عمودان يسمى المقورن وثلاثة مثولث وهكذا حتى المسوبع وكلما كبر المنزل دل على مقدار صاحبه في قبيلته من ناحية الوجاهة أو المال.