الجيل الجديد من السعوديين أكثر اهتماما بالقراءة لفهم ما يعيشه من أحداث

الحوار الوطني والإرهاب والانتخابات البلدية حفزت حب الاطلاع

TT

يقرأ طالب في كلية العلوم كتاباً عن التاريخ ويربط الماضي بالحاضر، فيما يعيش طالب آخر في كلية الاداب في حالة من الهيام بين كتب تشرح له الصخور الأرضية ليحاول مقارنتها بتلك الموجوده في بلدته الممتدة على الطريق الصحراوي. هكذا أصبح حال طلاب جامعة الملك عبد العزيز، لم يعد ذهابهم للمكتبة يتلخص في تصوير أغلفة الكتب وإرفاقها مع ورقة بيضاء يكتب عليها اسم الكتاب ومؤلفه وتاريخ نشره وطبعته. والتنافس داخل المكتبة التي تمتد على مساحة 15.500 متر مربع بين الكتاب والكومبيوتر أيضاً في عدد زوارهما.

محمد العبيدي (طالب جامعي) يجلس في ركن هادئ وفي يده كتاب عن التاريخ، مشحون الحواس لدرجة انه لم يلاحظ اقتراب أحد منه، وفجأة يضرب على ركبته ويقول «التاريخ يعيد نفسه». الفضول يدفعك لسؤاله إن كان يدرس التاريخ، فيجيب «لا، أنا طالب في كلية الهندسة»، طالب في كلية الهندسة وتقرأ كتابا عن التاريخ؟ يجيب: دراستي العلمية البحتة هي سبب إقبالي على المكتبة منذ سنتين بمعدل ثلاثة أيام في الاسبوع لقراءة كتب مختلفة، والهدف رفع سقف المخزون الثقافي لدي، وفهم ماضينا لنعيش حاضرنا.

الزحف الطلابي على مكتبة الجامعة دفع إدارتها الى تزويدها مؤخرا بـ12 ألف كتاب في اللغة العربية، و11 ألف كتاب في اللغة الانجليزية. ويؤكد الدكتور فيصل إبراهيم اسكندرني، عميد المكتبات في الجامعة، ذلك بقوله «ازداد عدد زوار المكتبة من طلاب الجامعة، ففي شهر رمضان الماضي بلغ عددهم خمسين ألفا خلال عشرين يوما بمعدل 2000 زائر، يشكل الطُلاب والطالبات في الجامعة نسبة 80%».

ويرجع سبب الاقبال في نظر الدكتور اسكندرني إلى الحركة الفكرية والمشاركة الشبابية في الحوار الوطني والانتخابات البلدية التي تتطلب وعيا ثقافيا، يحاول الشباب اكتسابه من خلال القراءة، كما يعتبر أن الحاسب الآلي في المكتبة سهل عملية البحث للطلاب عن الكتب التي يحرصون على الاطلاع عليها، ويضيف الدكتور اسكندرني «ولا تنسى أن هناك 13 فرعاً مكتبياً في الجامعة وجميعها تستقبل زوارا وبصفة مستمرة». واللافت أن المساحة الوقتية بين العاشرة والثانية عشرة ظهرا، التي تعتبر فترة راحة بين المحاضرات لكثير من الطلاب، تحولت إلى رحلة ذهاب وإياب بين المكتبة والكلية. بعدما كانت في الماضي تستغل للتجول بين ممرات الأسواق التجارية القريبة من الحرم الجامعي للبحث عن العواطف الخيالية وتذوق الكابتشينو.

ويعتبر إبراهيم برناوي مسؤول قسم الإعارة في المكتبة، الذي يعمل منذ 15 عاماً فيها، أن السنوات الاخيرة وبالتحديد مع بداية الألفية الجديدة مختلفة تماماً عن السابق، ويقدر برناوي عدد زوار المكتبة في العام الفائت بنحو 634820 زائرا، وأن عدد الكتب المستعارة في الشهر الواحد يبلغ نحو 2700 كتاب تقريبا.

يقول «يسعدنا أن يكرس الطلاب اهتمامهم بمصادر العلوم التي يدرسونها، وانا سعيد بالاحصائيات التي أكدت تزايد اعدادهم وإقبالهم على المكتبة بوتيرة متنامية، وهذا مؤشر جيد. على أن ما هو موجود في الساحة من قضايا مختلفة عن الارهاب والحوار الوطني والاصلاح ساهم في تنمية روح البحث لدى الشباب والتوسع والخروج من دائرة المعلومات المستقاه من وسائل الاعلام، ان قراءة طلاب كليات العلوم لمواضيع ذات طابع أدبي وتاريخي مؤشر مهم جداً على الارتقاء الثقافي المصاحب لهذا الأمر، كذلك بالنسبة لطلاب الاداب الذين يبحثون في كتب الجيولوجيا والعلوم التي تنمي ثقافة الصحة والوعي لدى الشخص».

ويعلق الدكتور أبو بكر أحمد باقادر، أستاذ علم الاجتماع، على الموضوع بقوله «لا بد من الإشارة إلى أن 40 وحدة إنترنت موجودة في المكتبة ساهمت في ملامسة متطلبات الشباب، وإغرائهم لتجعلهم يتحولون من المشي بين الاسواق إلى المشي بين رفوف المكتبة لترقص الكتب بين أحضانهم فرحا».