طلاب جامعيون يقومون بتوصيل المعتمرين إلى مكة والمدينة المنورة لتوفير مصاريف الدراسة

مشاوير «الهاي واي» بين مكة وجدة طريقة مبتكرة لتحسين ظروف الحصول على الشهادة الجامعية

TT

هناك من يحصل على الشهادة الجامعية بملعقة من ذهب، وآخرون بملاعق ممزوجة بسنوات الدراسة والكد والعمل وتوفير لقمة العيش وقيمة الإيجار. منذ القدم كان الطالب السعودي المبعوث في الخارج لا يستنكف العمل في المطاعم أو الفنادق أو غيرها، في المقابل لم يكن ليجرؤ على القيام بنفس العمل في مجتمعه المحلي لأسباب عدة أهمها الصورة الاجتماعية للأسرة أو العائلة أمام الآخرين. الآن اختلف الحال، وبات كثير من طلاب الجامعات السعودية لا يستنكفون عن توفير مصادر مادية من أعمال بسيطة تدر عليهم دخلا يعينهم على الوفاء بمتطلبات دراستهم وإقامتهم في المدن الرئيسية التي تضم الجامعات السعودية.

في مدينة جدة، حيث تعد بمثابة الحلم للدراسة والسكن في جامعة الملك عبد العزيز لدى الشباب المقبلين من المناطق والمدن البعيدة، بات من الطبيعي أن تشاهد الطالب الجامعي في الصباح يعمل في مهن صغيرة في فترتي ما بعد الظهر والمساء. وأصبح الاعتماد على المكافأة الجامعية التي تتراوح من 800 إلى 1000 ريال شهريا لديهم، وسيلة ادخار للبعض، فيما يعتمد آخرون عليها في الحصول على الكتب والملازم الجامعية. وأهداف العمل للشباب تنحصر في عدة خيارات أولها استئجار سيارة بمبلغ زهيد والعمل عليها، أو العمل في الكبائن بالفترة المسائية، وهناك من يعمل في الفنادق أو الشركات بوظيفة وقتية، وآخرون اختاروا العمل كمراقبي أمن «سيكورتي» للمباني والمؤسسات الأهلية.

ومع ارتفاع حرارة الخط السريع الذي يصل مطار الملك عبد العزيز بجدة والحرم في مكة المكرمة يشتعل الحماس يومياً، ولا يزيد على السيارات الممتدة على طول الطريق في الحماس سوى مسجلاتها التي تختار شريطاً دينياً في طريق الذهاب، وشريطاً غنائياً في العودة إلى المطار أو المنزل.

يردد نواف حيدر «العزوبية ما أجملها وما أثقلها»، ولكنه يصف أبناء جيله بالعصاميين والمكافحين عكس الاجيال التي سبقتهم في السعودية، ويتحدث عن نفسه قائلاً «عملي على السيارة يبدأ من الخامسة عصراً حتى الثانية عشر ليلاً، أما أيام العطل الأسبوعية فأقضيها بين طريق المدينة وينبع من المطار».

نواف وغيره من الباحثين عن العمل يقفون في منظر يوصف باللاحضاري في مطار الملك عبد العزيز يبحثون عن راكب لداخل المدينة، أو مقبلاً للعمرة ويقصد الأجر والثواب، وهم يقصدون من خلفه الكسب السريع للذهاب للنوم والدوام والجلوس مبكراً على كراسي القاعات الجامعية. وتمتد شقق الشباب في شكل مستطيل تستقر أضلاعه الأربعة من حي الجامعة وبني مالك وفلسطين وتقف في حي الصفا أو الرحاب.

علي مشرف الذي يسدد إيجار شقته وسيارته من وراء «الهاي واي» بين جدة ومكة فخور بنفسه وعمله، ولكنه في نفس الوقت حزين يصف الطريق بالخائن الذي لم يكن وفياً للعشرة وقتل صديقه الذي كان يعمل على نفس الطريق لسداد مصاريفه الدراسية. وعما يتحمله من قسائم مخالفة لنظام العمل يتفق نواف وعلي على أن فترة التسديد تعطي لهما مساحة من الوقت في تدبير الأمور حتى تجديد الرخصة، أما عن جني ثمار هذا العمل فتبدأ من 100 ريال في الأيام العادية صافياً من البنزين ومصاريف الأكل، وتصل في بعض المناسبات الموسمية كرمضان والحج إلى 300 و 400 ريال، ولكنهم في نفس الوقت يصفون قرار التعهد الذي يؤخذ من الطالب على عدم ممارسة أي عمل خلال الدراسة يؤدي إلى حرمانه من المكافأة.

ويقول الدكتور صالح بن عبد العزيز آل كريم عميد شؤون الطلاب بجامعة الملك عبد العزيز ينفي هذا الأمر «الجامعة لا تتدخل في عمل الطلاب، والمراقبة تتم بالأساس على طلاب الدراسات العليا بصورة أكبر»، وعما تقدمه الجامعة لهذه الفئة من الطلاب يعلن آل كريم أن الجامعة صرفت ثلاثة ملايين ريال من خلال نظام الإعانة والقروض والتشغيل الذي تقوم الجامعة فيه بتوجيه الطالب بأحد الأقسام براتب 500 ريال، أو تشغيل الطلاب المتميزين بألف ريال.

ويركز الدكتور صالح على أن الجامعة تحرص على حصر تركيز الطالب في دروسه. وعما إذا كانت هناك نية في عقد مشروع بين الجامعة ومكاتب التأجير لتوفير سيارات يعمل من خلالها الطلاب، ويصف الدكتور صالح الوضع قائلاً «صعب جداً أن تطبق هذه الفكرة لأنها ستكون ظاهرة سيئة للجامعة فيما بعد وأن الطلاب سيفكرون في الدخول للجامعة من أجل العمل وليس العلم، كذلك الالتزامات المالية المترتبة على هكذا مشاريع مع الشركات».

ويدعو عميد شؤون الطلاب أن يوفروا من مكافآتهم والاستفادة من السكن الجامعي الذي هو بسعر رمزي، ويتحدث عن السكن «اعتمدنا في هذا العام خطة خماسية بعشرين مليون ريال لاستيعاب 6000 طالب في السكن الجامعي، واعتقد أن هذا المشروع سيوفر على الكثير من الطلاب الإيجار».