دار رعاية العجزة والمسنين بالأحساء: وزارة الشؤون الاجتماعية أوقفت إعانتها ومليونير تبرّع بـ10 ريالات

TT

الداخل إلى دار رعاية العجزة والمسنين مفقود، وهنا لسنا مجبرين لإكمال العبارة فنقول: و«الخارج منها مولود»، لأنه خارج إلى القبر، وليس في الأمر أي حزن، فموت أحد النزلاء لدار رعاية العجزة والمسنين في قرية المنصورة بالأحساء، هو رحمة لعاجز آخر ينتظر دوره ليكون نزيلا، وهو ربما أكثر حظا من غيره في قائمة الانتظار المليئة بالأسماء الذين ينتظرون دورهم للنزول في هذه الدار لتلقي العناية والرعاية.

وفي العام 1412 هـ غامرت جمعية المنصورة الخيرية للخدمات الاجتماعية بالأحساء في افتتاح دار رعاية العجزة والمسنين كخدمة إنسانية عظيمة تقدمها للمجتمع، وما زالت هذه الدار الوحيدة في الأحساء التي ترعى العجزة والمسنين، ولكن هذه الدار أصبحت وبالا على ميزانية جمعية المنصورة، ففي الوقت الذي تنتظر فيه جمعية المنصورة تبرعات المحسنين لدعم أنشطتها الخيرية، تقوم الجمعية بتسديد مديونيات دار رعاية العجزة من رأس المال الخاص بها، بعد أن تعذّر على أصحاب الخير مساعدة الدار.

ويشير محاسب الجمعية حسين محمد الناصر الى أن إدارة الجمعية رفعت 50 برقية لرجال الأعمال المعروفين في المملكة للتبرع فلم يستجب سوى واحد، ورفعت 2000 خطاب لرجال الأعمال وأصحاب الخير والشركات والمؤسسات التجارية يدويا أو بالبريد، للمساهمة بدفع ما تجود به أيديهم لتيسير أمور الجمعية ودار العجزة، فلم يستجب أحد أيضا، ولكنه يتذكر بمرارة، فيكمل قائلا: «نعم هناك واحد كان أكرمهم استجاب لنا وهو من أصحاب الملايين في الأحساء دفع لنا 10 ريالات فقط».

ويشير مدير دار العجزة علي عبد الله العباد الى أنه في ظل هذا الشحّ من التبرعات اضطرت الجمعية مجبورة الى أن تفرض رسوما على النزلاء بواقع 12 ألف ريال في السنة الواحدة، وذلك غير ملزم لهم، فإن استطاع أهله دفع المبلغ، وإلا فهو يحظى برعاية كاملة كبقية جميع النزلاء.

ويكشف محاسب الجمعية حسين الناصر تفاصيل ميزانية دار رعاية العجزة في السنوات الثلاث الأخيرة، في عام1423هـ الإيرادات 86.837 ريال والمصروفات 428.135 ريال، والعجز المالي 341.29 ريال، وفي عام 1424هـ الإيرادات 83.390 والمصروفات 376.447 ريال، والعجز المالي 293.054 ريال، وفي العام الحالي حتى نهاية شهر شوال الماضي الإيرادات 49.500 ريال والمصروفات 264.000 ريال، والعجز المالي 214.878 ريال، ويشير الناصر إلى أن العجز المالي يتم سداده من رأس مال جمعية المنصورة، موضحا أن الجمعية تحظى بمعونة مالية خاصة من قبل وزارة الشؤون الاجتماعية بقيمة 375 ألف ريال لتغطية مصاريف الجمعية، لأن جمعية المنصورة تضم دارا للعجزة، بالإضافة إلى 50 ألف إعانة خاصة لدار العجزة، إلا أنها توقفت منذ 5 سنوات.

ويشير المشرف على الدار أحمد الوباري إلى أن النزلاء يحظون بزيارات أسبوعية من عوائلهم، ويقوم على خدمتهم والعناية بهم 6 عمال طوال ساعات اليوم، وهؤلاء العمال تعويض لغياب الطبيب والممرض، اللذين تم الاستغناء عنهما للاقتصاد في التكلفة المالية السنوية بعد أن قلّت التبرعات للدار، مضيفا أن العمال غير مؤهلين طبيّا لرعاية المسنين ولا يحملون شهادات بذلك، فهم يقومون بنظافة الدار وعمل الشاي وترتيب الدار، ولكنهم يقومون بعملهم خير قيام.

ويتحدث علي عيسى الوباري نائب رئيس مجلس الإدارة لجمعية المنصورة قائلا: إن الدار منذ تأسيسها قامت برعاية 103 نزلاء، وفي المبنى الحالي يتم رعاية 12 نزيلا، حيث لا يستوعب المبنى أكثر من هذا العدد، وأن التكلفة المالية السنوية للنزيل 24 ألف ريال، وتكلفة جميع النزلاء سنويا تبلغ 240 ألف ريال، بخلاف إيجار المبنى ورواتب الموظفين وغيرها من مصروفات، ويتابع الوباري في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، عن الطموح الذي تحمله الجمعية تجاه هذه الدار، فيقول: «نحلم بأن يكون لدينا دار أكبر من هذه، أو أن تكون الدار في استراحة زراعية; وذلك أفضل للنزلاء من الناحية النفسية والترفيهية»، موضحا: «نحلم باستراحة زراعية لأن منحة الأرض التي حظيت بها الجمعية من المقام السامي في العام 1406هـ يبدو أنها تحتاج إلى سنوات طويلة أيضا كي تتحول إلى واقع، خاصة وأن الأرض واقعة في مخطط ما يعرف بـ «مثلث القرى الشرقية» الواقع بين قرية المنصورة والمنيزلة، وهو مخطط عليه نزاعات كثيرة بين بلدية الأحساء والمواطنين».