من يحمي أسرار البنات في ورش إصلاح أجهزة الكومبيوتر؟

مهندس صيانة وعظ فتاة لأن صورها فاتنة.. وآخر تطفل على مشاريع بحوث علمية

TT

من يحمي أسرار البنات في ورش إصلاح أجهزة الكومبيوتر؟ سؤال قاد للمطالبة بفتح محلات صيانة لأجهزة الكومبيوتر التي تخص النساء، على اعتبار أن أغلب المحلات النسائية الموجودة حاليا، هي مجرد محلات ملحقة بالمكتبات تقتصر على بيع البرامج فقط، ولا توجد أي ورش صيانة للكومبيوتر أو حتى محلات لبيعه رغم توفر الآلاف من خريجات قسم الكومبيوتر.

ونتيجة لعدم وجود هذه المحلات وحاجة العديد من النساء إلى المزيد من الخصوصية، تواجه الكثير منهن مشكلة كبيرة عندما تحتاج إلى صيانة كومبيوترها أو حتى إصلاح عطل بسيط فيه. وذلك لاضطرارها إلى نقل ملفاتها الشخصية على (سي ـ دي)، والاحتفاظ به خارج الكومبيوتر حفظا لها من الأيدي العابثة لمحلات الصيانة الرجالية الذين يفتشون ملفات الكومبيوتر ويعمدون إلى تحميل ما يرضي فضولهم منها.

من هذا المنطلق، روت نوره محمد، طالبة جامعية في قسم كومبيوتر، تجربتها الشخصية التي لن تنساها أبدا، فتقول: «تعطل جهازي الجوال ولم استطع معرفة السبب الذي أدى إلى توقف الكومبيوتر عن العمل تماما، فتوجهت به إلى احد محلات الصيانة، والذي دائما ما اذهب إليه لتسعيرته المناسبة، فأخبرني أن جهازي يحتاج إلى بعض الوقت، ربما يومين، وبعد استعادة الجهاز اكتشفت أن بعض ملفاتي مختفية».

وتضيف: «بالطبع كانت أصابع الاتهام تشير لصاحب محل الصيانة، ولكني لم أشأ أن اظلمه، لكن المفاجأة حدثت بعد عدة أيام عندما وجدت رسالة في بريدي الإلكتروني تحوي بعض الملفات المختفية ومواقع تحوي برامج مفيدة لقسم الحاسب وكذلك آراء وملاحظات على المشاريع التي أقوم بها في الجامعة موقعة باسم صاحب المحل».

وعندئذ تقول: «احترت في الوسيلة التي أتعامل بها مع صاحب المحل، لكني قررت التغاضي عن تصرفه، واكتفيت بتحذير جميع صديقاتي من التعامل معه، لكن السؤال الذي بقي يحيرني هو كم عدد الفتيات اللاتي يعبث في ملفاتهن أصحاب محلات الصيانة؟».

وتعرضت أمينة أحمد، معلمة كومبيوتر، لموقف مماثل عندما ذهبت لإصلاح كومبيوترها، وأعطت صاحب المحل رقمها وذلك ليتواصل معها حول ما يستجد على الكومبيوتر، فما كان منه إلا أن اتصل بها يسأل عن صاحبات الصور؟ وأخذ ينصحها بوضع صورها خارج الكومبيوتر لأنها فتنة، على حد قوله، ويتساءل ما هو غرضها من وضع صورها في الجهاز؟ وأهدى لها عددا من الفتاوى مع الجهاز عند استلامه.

وحول هذا الموضوع، قالت هدى المالكي، طالبة جامعية في قسم التاريخ، إن خوفها من عبث أصحاب محلات صيانة الكومبيوتر أو تلصصهم جعلها لا تخزن أي شيء أبدا على كومبيوترها ولا تستعمل أي كاميرا رقمية، وهي لا تنكر انه من المتعب جدا حفظ الملفات خارجا، ولكنه أكثر أمنا على حد قولها.

وتساءلت لماذا لا توجد محلات صيانة نسائية؟ حيث يتوفر عامل الأمان والثقة بصورة اكبر، مطالبة بوجود محلات كومبيوتر نسائية متخصصة، حيث ان العديد منهن يتمنين دخول مجمعات الكومبيوتر، ولكن المضايقات التي يتعرضن لها جعلتهن يبتعدن عنها. وأضافت انه عند حاجتها لأي شيء يتعلق بالكومبيوتر، فأخوها هو وسيلة الاتصال بينها و بين أصحاب المحلات.

واشتركت العنود احمد مع سابقاتها، وذكرت أن المطلوب لا يقتصر على بيع البرامج وإنما أجهزة الكومبيوتر وملحقاته من الطابعات والماسحات الضوئية والكاميرات. وأضافت: «نحن نحتاج إلى مختصات ومسؤولات مبيعات يملكن الدراية الكاملة بالقطع التي تباع، ومعرفة بالأجزاء الداخلية وجميع طرق استخدامها، وكذلك توضيح الفرق بين المنتجات المختلفة، لأن معظم المشتريات لا يملكن الدراية الكافية وهذا ما يجعلهن صيدا سهلا لبعض عمالة الكومبيوتر، خاصة من الجنسيات الآسيوية، الذين يفترضون دائما عدم إلمام البنت بالأسعار والمنتجات فيحاولون إقناعها بشراء سلع غير مناسبة وبأسعار مرتفعة.

واقترحت العنود أحمد إيجاد محلات عالية المستوى تستطيع بالفعل تقديم المساعدة والإرشاد لمن تحتاج إلى المساعدة وتعمل فيها نساء عندهن دراية بسوق الكومبيوتر وأحدث ما نزل من تقنية بحيث يستطعن مساعدة الجميع.

وتضيف ندى إبراهيم، طالبة في الثانوي، قائلة: «أنا أحب الكومبيوتر، وأحب أن اعرف كل جديد في هذا العالم المثير، كما أحب دائما اقتناء آخر المنتجات في عالم البرامج (software)، ولكن ما أتعرض له من مضايقات من مرتادي هذه المحلات يجعلني أفكر كثيرا قبل الذهاب. لذلك قررت عدم الذهاب والاكتفاء بتصفح المواقع الإلكترونية التي تهتم بهذا المجال».

أما نورة الخالد، مديرة مدرسة، فتقول: «أحتاج إلى صيانة دائمة لأجهزة الكومبيوتر في مدرستي وباستمرار، وبصراحة أنا لا أملك الدراية الكافية بالكومبيوترات لذلك تعاملت مع احد المحلات لصيانة وتحديث الأجهزة بصفة دورية، والحقيقة أن هذه المحلات تتقاضى منا ضعف ما تطلبه المؤسسات الأخرى. وذلك لأن محل الصيانة من المحلات التي لها سمعة جيدة في التعامل مع النساء، كما أن لها مندوبة تأتي لأخذ جميع ملاحظات المعلمات على الشركة، وهذا شيء جيد، ولكن الأسعار تضايقني كثيرا. فلماذا لا يفتح هذا المجال أمام السيدات؟».

وأوضح عمر صلاح، مهندس في شركة للكومبيوتر، أن هناك العديد من العوائق لفتح محلات الصيانة أهمها: عدم وجود الكادر النسائي أن معظم الفتيات ليست لديهن خبرة في صيانة الحاسب الآلي، لأنه عمل دقيق جدا ويتطلب خبرة واسعة ومعرفة بهندسة الحاسب، وهذا القسم غير متاح للطالبات في الجامعة، فضلا عن أنه لا يوجد مقرر صيانة الحاسب ضمن الخطة الدراسية لقسم الكومبيوتر في الجامعة.

وحول دورات الصيانة التي تقوم بها بعض المعاهد، يقول صلاح إنها مجرد دورات نظرية من دون شيء عملي، والجزء العملي في الدراسة هو ما يكسب الشخص الدراية بمشاكل الكومبيوتر المختلفة. وحتى الأمور النظرية التي يتعلمنها تعتبر سطحية وتتعلق بمشاكل عامة بإمكان أي شخص عادي حلها.

أما بالنسبة لمحلات الكومبيوتر النسائية، فيرى عبد الله المبارك، وهو مدير مبيعات في شركة للحاسب الآلي، أنها فكرة جيدة، لكنها لن تكون ناجحة حاليا وذلك لندرة وجود الفتاة القادرة على تسويق الكومبيوتر وملحقاته بشكل جيد.

ويقول المبارك: «من خلال تجربتي مع العديد من المسوقات خلال المعارض المختلفة التي نشترك بها والتي تعقد في أماكن نسائية، لاحظت أن الكثير من الفتيات لا يحسن بيع القطع، ومعرفتهن بطريقة عمل الأجهزة سطحية جدا». وأضاف أن «التسويق فن، فكيف ببيع أجهزة الكومبيوتر؟».

وأوضح أن العمل في هذا المجال يتطلب معرفة بالتسويق إضافة إلى خبرة في ثلاثة مجالات، هي «الهارد وير، السوفت وير، الشبكات»، وهذا شيء نادرا ما يتوفر لدى الفتاة.