السجينات يخجلن من الخلوة الشرعية والسجناء يطالبون بها

48 ساعة في سجن «بريمان» للنساء بجدة (2 ـ 2)

TT

نقلت جولة «الشرق الأوسط» داخل سجن النساء في محافظة جدة أمس، بعض الحالات للسجينات وحياة النقاهة التي يعشنها، والخطوات التنفيذية لمحاولات الهروب الفاشلة من بعض السجينات، وتطرقت إلى التفاصيل اليومية في حياتهن خلف القضبان، وأوردت الأساليب التربوية والتأهيلية التي تنتهجها إدارة السجن للنزيلات وجهود محو أميتهن ثقافياً وتعليمياً.

وشمل الجزء الأول قصصا وحكايات سردتها السجينات عن أسباب دخولهن السجن، والظروف التي تعرضن لها وأدت بهن الى الانحراف وارتكاب الخطايا. كما عكست جولة أمس الحالات المهنية وتوظيف النساء داخل السجن واتقانهن لبعض الأعمال اليدوية والفنية.

وتتحدث جولة اليوم عن البعد الإنساني الذي يعشنه السجينات خلف القضبان الحديدية، فمن توفر الخلوة الشرعية بالأزواج إلى حضانة للأطفال، مروراً بما يلقينه من أسلوب واعٍ وتربوي تجاه تعليمهن أصول دينهن، وتقديم المحاضرات التربوية والدينية لهن، وصولا إلى سرد قصص جديدة عن أسباب وقوعهن في الانحراف والتي غالباً ما تأتي على شكل اتهامات للبيئة المحيطة بهن خصوصا حياتهن الأسرية والاجتماعية.

«أغلب السجينات حتى وإن كانت فترات احكامهن طويلة يخجلن من طلب الخلوة الشرعية مع الزوج، لكن هناك أزواجا يطلبون ذلك»، هذا ما قالته مديرة السجن فوزية عباس، وأضافت «لقد وفرنا في السجن مكانا مجهزا للخلوة الشرعية من أجل السجينة التي تريد قضاء فترة مع زوجها أو العكس»، ومدة الخلوة لا تتجاوز ثلاث ساعات تبدأ من الساعة التاسعة صباحا وحتى الساعة الثانية عشرة ظهرا، بحسب حديث مديرة السجن.

وأوضحت أن «أغلب السجينات لا يطلبن الخلوة الشرعية بأزواجهن خجلا واستحياء، ولكن بعض السجناء الأزواج يطلبون ذلك مهما كانت فترة محكومياتهم قصيرة كانت أو طويلة في السجن». وأشارت إلى أن اللقاء بين الزوجين في الخلوة الشرعية لا يزيد على مرتين في الشهر، وإذا كان السجين له زوجتان أو أكثر فمن حق كل زوجة خلوتان شرعيتان على مدى شهر كامل، وتضيف «لقد كانت هناك حالة لزوجين سجينين في قضية مخدرات، وقد طالب الزوج بالخلوة الشرعية بزوجته السجينة وكان لهما ذلك مرتين في الشهر وكانت نتيجتها أن أنجبت الزوجة مرتين في السجن في فترة حكمهما على مدى سنتين متتاليتين وأنجبت خلالهما طفلا وطفلة».

* الخلوة مرتين شهريا - وتقول (س .ه) المتهمة بجريمة قتل غير عمد والتي اسقط الحق الخاص عنها بعد دفع الدية لتظل في السجن تقضي فترة 5 سنوات للحق العام، «أخجل أن أطالب بالخلوة الشرعية مع زوجي الذي ينتظرني خارج السجن وأكتفي بزيارته المستمرة كل أسبوع لأطمئن على أبنائي وأهلي». وتضيف قائلة «والأمر إن كنت أخجل في المطالبة به إلا أني لست راغبة بذلك أيضا هنا في السجن وزوجي يقدر رغبتي وينتظر خروجي بإذن الله من هنا»، وتعلق مديرة السجن قائلة «الخلوة الشرعية من حق السجين والسجينة على حد سواء ما دامت وفق الضوابط الأمنية داخل السجن فنحن نراعي الناحية الإنسانية والعاطفية للسجناء والسجينات».

* اهتمام بجمال البشرة - هناك مشهد آخر تراه في الصباح لبعض السجينات اللاتي يعتذرن عن أداء النشاط ويطالبن بزيارة المستوصف داخل السجن لمراجعة الطبيب، وهذه الأعذار تتفاوت بين الشعور بالصداع أو ألم في البطن أو حتى ظهور «حب الشباب» على وجه إحداهن وتخشى على جمالها منه، أو قد يكون مجرد عذر لا سبب له فقط لتزور المستوصف. وتقول إحدى المتخصصات الاجتماعيات «يصل ببعض السجينات إلى الاهتمام بأنفسهن ويطلبن بعض الكريمات الخاصة بالبشرة وأنواعا معينة من الصابون والشامبو وزيوت الشعر، ويخشين أن يصاب جلدهن ولو بظهور حبة واحدة، وكثيرا ما يعاني طبيب الجلدية الذي يأتي لزيارتنا أسبوعيا من عدد هؤلاء المهتمات ببشرتهن وجمالهن». وداخل المستوصف المكيف تتوفر صيدلية وممرضات وطبيبة عامة وطبيبة أطفال وطبيبة نساء وولادة، أما بقية التخصصات الطبية فيتم زيارة السجن من قبلهم أسبوعيا، وفي الحالات الصعبة أو التي تستدعي متخصصا، فإنه يتم تحويلها إلى المستشفيات العامة بجدة، وهذا ما تشهده بشكل شبه يومي بوابة السجن النسائي في وجود بعض النزيلات مرتديات عباءاتهن ومقيدات بالسلاسل في أرجلهن منعا للهرب استعدادا للذهاب إلى المستشفيات أو المحاكم.

* مدانة بالقتل تعلن إسلامها - في التاسعة تماما من مساء كل يوم تعود السجينات إلى عنابرهن ويقضين أوقاتهن بين مشاهدة التلفاز، كما تقول (ك. و) المتهمة بتهريب مخدرات «أحب مشاهدة المسلسلات في التلفاز والاستماع إلى الأخبار». أما الطالبات في المدرسة وتحفيظ القرآن وفصول السنة فهن يقمن بكتابة واجباتهن واستذكار دروسهن استعدادا لليوم الجديد، وهذا ما تفعله (ن. ب) إحدى الطالبات المتفوقات في وحدة محو الأمية وتعليم الكبيرات لتقول «أتسلى بقضاء الواجبات وحفظ القرآن الكريم بالمساء، وهذا أفضل من الثرثرة مع صديقاتي في العنبر».

لكن (ي، س) إحدى السجينات المتهمات بجريمة قتل اعترفت بها وقامت بتمثيلها أيضا وتنتظر القصاص وهي تعكف وقتها المسائي في فهم تعاليم الإسلام وقراءة القرآن الكريم باللغة الإنجليزية لأنها أعلنت إسلامها بعد سنة واحدة مكثتها في السجن، وتقول«لقد شعرت بالراحة تجاه الإسلام فهناك من يأتي هنا ويعظنا ويعرفنا الإسلام، والقرآن أحببته كثيرا والآن أحاول أن أتعلم التعاليم الإسلامية»، أما عن جريمتها فتقول «هذا ما أراده الله، ولا أعلم عن القصاص الذي ينتظرني لكني مؤمنة». وتوضح مديرة السجن فوزية عباس أن السجينات المحكوم عليهن بالقصاص من أنهن يعرفن ذلك أثناء محاكمتهن عندما يخبرهن القاضي بالحكم، وتقول «المحكومات بالقصاص يعرفن أنهن سيواجهن هذا الحكم لتتاح لهن فرصة رفع لائحة استعراضية إن رغبت لكنهن لا يعرفن موعد القصاص إلا قبل التنفيذ بأربع وعشرين ساعة فقط رأفة بحالتهن النفسية وإشفاقا عليهن من رهبة الموقف».

وغير هذه السجينة تجد أخريات لا يرغبن في التعليم ولا يفضلن قراءة الكتب التي من الممكن استعارتها من مكتبة السجن بل يفضلن التسلية والترفيه عن أنفسهن والثرثرة النسائية حتى يحين آخر موعد مسموح فيه للسهر المحدد لهن والذي ينتهي في 12 عند منتصف الليل، لتقفل عليهن أبواب الزنزانات داخل العنابر بعد نشاط يوم حافل بين القضبان الحديدية والجدران العالية التي تنتهي بشبك شائك يمنع التفكير في الهروب منها.