أطفال يقاسمون أمهاتهم العنابر داخل السجن والإدارة وفرت حضانة وألعابا رحمة ببراءتهم

TT

ليس السجينات وحدهن من يتوجهن إلى أعمالهن ومدرستهن وأنشطتهن كيوم عادي يمر به أي فرد خارج السجن حينما يبدأ الدوام العملي، فهناك أطفال أيضا يشاطرون أمهاتهم عنابر السجن شرعيين أو غير شرعيين ممن كتبت ولاداتهم داخل السجن ليعيشوا فترة الحضانة مع أمهاتهم النزيلات حتى السنتين ومن ثم يتم تسليمهم للدور الاجتماعية، وهؤلاء تتجه بهم أمهاتهم في الصباح إلى دار الحضانة التي ملئت بالألعاب لأجل بث جو طبيعي في نفوس الأطفال الذين يمضون جزءا من ذاكرة الطفولة داخل عنابر السجن بعقوبة أم لم تبال بأن تنجبه وهي مروجة مخدرات أو متهمة في قضية أخلاقية ليكون هذا الطفل نتيجة علاقة غير شرعية.

وعن ذلك، تقول مديرة السجن فوزية عباس «لقد أوجدنا الحضانة داخل السجن لقناعتنا أن الطفل مخلوق بريء لا ذنب له سوى أن أمه انحرفت عن جادة الصواب وارتكبت فعلا أودى بها للسجن»، وتضيف «نحاول إيجاد بيئة اجتماعية طبيعية للطفل سواء كان شرعيا أو غير شرعي ليمارس حياته مثل الأطفال خارج السجن». أما عن عدد الأطفال فتعلق على ذلك فوزية «عدد الأطفال في الحضانة غير ثابت لأنه خاضع لحركة الدوران اليومية من استقبال وإفراج عن أمهاتهم». والحضانة التي تمتلئ بألعاب ملونة ومختلفة تبهج تلك الوجوه الصغيرة لتلعب براءتهم وهم يسيرون في طابور يلعبون «القطار السريع» مع المشرفة (إحدى موظفات السجن) التي ترعاهم داخل الحضانة وتدير بعض العاملات في الحضانة من السجينات يعملن في التنظيف والترتيب مقابل راتب شهري.

* طفلتان غير شرعيتين لأم واحدة! - إحدى الطفلات البريئات في الحضانة هي ابنة غير شرعية لأم أربعينية تدعى (ج. ن) مدانة بالزنى التي نتج عنها حملها لتنجبها بين القضبان، ولها سابقة بذات التجربة وهي مطلقة ولديها خمسة أبناء شرعيين وطفلتان غير شرعيتين أنجبتهما داخل السجن في سابقتين، وتقول«ابنتي معي ولن أسلمها لأحد وهي مسجلة باسمي وليس باسم والدها»، وتتابع «أنا أمضي مع ابنتي أغلب الوقت لكن في فترة الصباح تذهب إلى الحضانة وتلعب مع بقية الأطفال وبعد انتهاء الدوام تعود إليّ لألعب معها وأرعاها بقية اليوم فهي من تحمل عني عناء السجن وتخفف همي وتسلي وقتي هنا». وباستسلام وفتور تقول عن تجربة سجنها الثانية وإنجابها لطفلة غير شرعية مرة أخرى «هذا هو المقدر، ولا يمكن لأحد أن يقف أمام قدره ويعترض عليه»، وهي تقضي فترة حكم 3 سنوات و750 جلدة قضت منها مائتين. أما والد الطفلة فهو طليق لا تعرف عنه شيئا لأنها رفضت أن تفصح عن هويته أثناء التحقيق وتهب لابنتها اسما شرعيا، وتكمل بصراحة باردة «لقد دفعني اخوتي الرجال إلى أن أقع في المحذور لأنهم قاموا بتطليقي من أب أبنائي، ولدي من طليق سابق ابنة عروس الآن وجامعية»، وتتابع سرد قصتها «بعد أن أخرجني اخوتي من بيتي ضربا بالعصا وأجبروا زوجي على أن يطلقني مضيت لديهم مهانة بضربهم، إلى أن جاء شخص تقدم لخطبتي ورفضوا تزويجي له، فاندفعت معه أعيش بالحرام، حتى حملت بابنتي هذه (وتشير إليها) وبعد أن عرفوا بذلك وأنا في خمسة اشهر، قاموا حينها ليغسلوا شرفهم بتسليمي للشرطة بتهمة ممارستي للزنى وحملي بالحرام» وبدت ملامحها باردة وهي تكمل «أبنائي لا يأتون لزيارتي وأسرتي لا تريدني ولا تود أن تعرف عني شيئا، ولا يخفف حزني في السجن سوى طفلتي وابنتي الجامعية التي تأتي لزيارتي وزيارة أختها».

* أمومة في السجن - وترفض السجينة (ج. ن) بشدة أن تسلم ابنتها للدور الاجتماعية كونها مجهولة الهوية وتفضل تربيتها بنفسها وحمل اسمها مدى الحياة، كما فعلت مع أختها الأكبر منها التي أنجبتها بعلاقة غير شرعية، بسنوات قليلة في سابقتها الأولى لدخول السجن، كما ذكرت ذلك مديرة السجن«حينما جاءت إحدى العائلات لتتبنى طفلتها الأولى رفضت ذلك بشدة»، وعلى ذلك تعلق «إنها مسألة اختيارية في أن تتولى الأم تربية طفلها شرعيا أم غير شرعي، ويبقى معها في السجن فترة الحضانة (سنتين) ثم يسلم لدور الرعاية الاجتماعية وبعد انتهاء فترة حكمها يسلم لها ليرحل معها إن كانت غير سعودية أما إذا كانت سعودية فيمكنها استرجاعه وتربيته، وإذا أرادت التخلي عنه فتتم عملية الإجراءات لترعاه الدور أو الجمعيات الخيرية». وتقوم إدارة السجن ـ كما أوضحت ـ بتوفير كافة مستلزمات الأطفال من ملابس وحليب وحفائظ وأطعمتهم الخاصة بالإضافة إلى مساهمة أهل الخير من المتبرعين في تأمينها.