سائقو أجرة يتحدثون عن مشكلتهم مع قرار تأجيل «سعودة» وظائف القطاع

يقولون إن إحصائيات وزارة العمل مغلوطة

TT

وصف نحو 100 من سائقي سيارات الأجرة السعوديين الإحصاءات التي استندت إليها وزارة العمل في تمديد مهلة سعودة سيارات الأجرة في البلاد لثلاث سنوات مقبلة بالمغلوطة، وتصب في مصلحة الشركات العاملة في قطاع الأجرة.

وتعود قضية سعودة الأجرة في السعودية إلى العام 1995، عندما صدر قرار المقام السامي بسعودة 5 في المائة سنويا، وفي العام 2002 منحت هذه الشركات مهلة تصل إلى 6 أشهر لتطبيق السعودة الكاملة في القطاع، ولكن بعد اعتراض العديد من الشركات تم تشكيل لجنة لدراسة الوضع، وعلى ضوء توصياتها صدر قرار وزاري يقضي بالسعودة التدريجية خلال سنتين انتهت مع بداية العام الهجري الجاري الموافق للعاشر من فبراير (شباط) 2005.

ووصف المتضررون من هذا التأجيل القرار بأنه «ارتجالي» ولم تراع فيه الأرقام الرسمية الصادرة عن ثلاث جهات قائمة على توطين وظائف النقل والأجرة في البلاد.

من جهة أخرى، تعثرت محاولات «الشرق الأوسط» في الوصول إلى الدكتور غازي القصيبي وزير العمل لمعرفة الأسباب الحقيقية لتمديد مهلة سعودة قطاع الأجرة إلى 5 سنوات أخرى، وكيفية التعامل مع الفئات الرافضة لقرار التمديد، غير أن مدير مكتبه أكد أنه لن يتمكن من الاجابة على استفساراتنا قبل أسبوع.

وكانت وزارة العمل قد تراجعت عن قرارها السابق القاضي بسعودة قطاع الأجرة مع مطلع هذا العام الهجري، وأرجع الدكتور القصيبي ذلك إلى أن نسبة السائقين السعوديين في شركات الليموزين لم تتجاوز 8 في المائة طبقاً للتقدير الرسمي لنسبة السعودة المتحققة في هذا النشاط.

وأوضح القصيبي، في تصريحات صحافية سابقة، أن السعودة الحقيقية أقل من النسبة المذكورة بسبب وجود سعودة وهمية وتحايل على السعودة يتم اكتشافها من الجهات المختصة، مثل قيام بعض الشركات بتسجيل سيارات على تراخيص قيادة سعوديين وترك تلك السيارات من دون استخدام. مضيفا، أنه باستبعاد السعودة الوهمية وسائقي السيارات الموقوفة فإن السعودة الحقيقية قد لا تتجاوز نسبة واحد في المائة.

وأفاد الوزير السعودي، بأن الوزارة وبعد قراءة لواقع سوق العمل وأوضاع العمل بنشاط الليموزين، ولعدم إقبال السعوديين على العمل كسائقين لدى شركات الليموزين ـ بقدر يغطي جميع حاجات تلك الشركات مما جعلها غير قادرة على تحقيق نسب السعودة، وقيام بعض أصحاب سيارات الأجرة بإلغاء ما لديهم من تراخيص لعدم استطاعتهم الاستمرار في ممارسة نشاطهم ـ وجدت ضرورة الاكتفاء بمطالبة شركات الليموزين في الوقت الحاضر بتحقيق نسبة سعودة تبلغ 30 في المائة من مجموع السائقين لديها، موضحاً أن تحقيق هذه النسبة سيؤدي إلى توظيف سائقين سعوديين لا يقل عددهم عن عشرة آلاف سائق، وهذا كفيل باستيعاب جميع من يرغب من السعوديين في العمل كسائقين في شركات الليموزين.

وفي هذا الشأن يؤكد عبد الله الحقباني، سائق سيارة أجرة، أنه آخر شخص حصل على رخصة تشغيل سيارة أجرة عامة في الرياض، ورقم الرخصة يشير إلى أن عدد السيارات المرخصة للأفراد يبلغ 6553 ترخيصا، فيما يبلغ عدد سيارات الأجرة التابعة للشركات نحو 47 ألف سيارة، لتصبح النسبة 12.2 في المائة لتضاف إلى الواحد في المائة التي ذكرها الوزير، لتصبح نسبة السعودة في قطاع الأجرة 13.2 في المائة.

ويشبه ناصر ابراهيم العمر (سائق أجرة سعودي) قصة سعودة الأجرة في السعودية والتي تشتهر شعبيا تحت المسمى الفرنسي «ليموزين» بالمسلسل المكسيكي. ويضيف: «كنا ننتظر حلقته الأخيرة في مطلع الشهر الهجري الجاري، إلا أنه ابتدا من جديد لتبقى آمالنا معلقة بسبب أرقام متضاربة لم تخرج إلا من أدراج شركات تسيطر على هذا القطاع منذ نشأ.

ويذهب المعترضون على إعلان وزارة العمل مقرا لهم إلى أن ثلاث جهات رسمية تشترك في تأهيل الموطنين للعمل على سيارات الأجرة ينضم إليها أكثر من 20 ألف مواطن في مختلف مناطق البلاد ـ على حد قولهم ـ وهذا ما يدحض الإحصائية التي ترددها وزارة العمل.

وأشار السائقون إلى أن الأرقام المتداولة لا تعكس حقيقة السوق والحاجة الفعلية، حيث أن هناك فائضا عدديا في عدد سيارات الأجرة العاملة في المدن الرئيسية يجب أن تقلص وفقا للعرض والطلب مع تطوير آلية استدعاء سيارات الأجرة أسوة بالدول المتقدمة في هذا الجانب.

وقال عبد الله الدوسري (سائق أجرة سعودي حاصل على الثانوية العامة والذي حول سيارته الخاصة لسيارة أجرة بعد ثلاث سنوات من البطالة) إن الاحتياج الفعلي لسيارات الأجرة يستلزم دراسة تبحث العدد الكافي لتقديم الخدمة في المناطق الحيوية.

وقال إن «الملاحظ في التجربة السابقة مع قرار السعودة جاءت سلبية حيث أن إحلال المواطنين السعوديين للعمل في هذا القطاع لم تصحبه أي إزاحة للعمالة المسيطرة عليه». ويتفق مع الدوسري الكثير من المحتجين أمس في الرياض من أن الشركات لم تتفاعل أصلا مع القرارات السابقة والدليل النسبة المكذوبة التي حققتها في سعودة سائقيها (1 في المائة) وهذا يحرج وزارة العمل وفرق المراقبة فيها في عدم تتبع تلك الشركات في تطبيق السعودة التدريجية وكأنها ـ والحديث للمحتجين ـ على علم مسبق بالتأجيل. ويشكل المعترضون فريقا للدفاع عن أكثر من عشر معلومات تشوه سمعتهم إلى جانب تصحيح الأرقام الصادرة في سعودة قطاعهم، ويروي عساف البقمي وعبد الهادي القحطاني أن هناك عددا من القائمين على شركات الأجرة «تطاولوا علينا بالقذف عبر وسائل رسمية ووصفوا ممتهني العمل في سوق الأجرة من السعوديين بالمروجين للممنوعات والمستغلين للمهنة في أعمال مشبوهة». وقالا «إن ما يذهب إلية القائمون على الشركات المشغلة للعمالة لا يتعدى مصالح شخصية تهز الاقتصاد الوطني وتضر بأبنائه لذا فهم من يتخلق الأعذار ويغالط في الأرقام ويوزع الاتهامات لذا يجب أن يردع قانونيا وفقا للأنظمة الرسمية».

وأضاف مشبب سفر الأحمري أنه تقدم لبنك التسليف للحصول على سيارة أجر للعمل عليها داخل الرياض منذ أكثر من ثمانية اشهر على الرغم من أن استحقاقية الحصول على السيارة كان في شهر شوال من العام المنصرم.

ويطالب المحتجون بالوقوف إلى جانب الحقيقة وقياس آثار السعودة على الاقتصاد الوطني وحجم الضرر الذي سيخلفه هذا التأجيل على أسر تعتمد على سيارات الأجرة كدخل رئيس تقضي فيه احتياجاتها الأساسية.

واجمع السائقون على أن مزاحمة العمالة الوافدة لهم في مجال العمل لا ترقى لمستوى المنافسة الشريفة لعوامل أبرزها الارتباطات الأسرية للسعوديين وتكاتف المستفيدين من خدمات النقل مع أبناء جلدهم، «الأمر الذي يجبرنا على التخلي عن الزي الوطني خلال العمل والتشبه بالعمالة بالملبس واللهجة لاقتطاع جزء من الحصة في السوق».

ووفقا للأرقام الرسمية فقد صدر عن وزارة النقل أكثر من ستة آلاف ترخيص لسيارات أجرة بأسماء أفراد سعوديين ونحو 600 مواطن استفادوا من مشروع الأمير عبد الله التابع لبنك التسليف السعودي وأكثر من 80 سيارة وفقا لبرنامج عبد اللطيف جميل لخدمة المجتمع.