«هيفاء» و«روبي» تشعلان حربا كلامية بين المتنزهين على كورنيش جدة

مشهد تتكرر بشكل يومي في المقاهي والمنتجعات والمتنزهات الترفيهية

TT

عندما تذهب أنت وأصدقاؤك أو عائلتك لمشاهدة الغروب على ساحل البحر الأحمر أو لقضاء سهرة حالمة في أحد المنتجعات البحرية، غير أنك تجد نفسك مشاركا في سيناريو لمسلسل واقعي سعودي ينافس في عدد حلقاته المسلسلات المكسيكية، حيث يتكرر بشكل يومي في المقاهي والمنتجعات والمطاعم والمتنزهات الترفيهية المطلّة على كورنيش جدة. وتقوم تفاصيل المسلسل الواقعي على صراع بين مجموعتين أو أكثر تختلف في فهم معنى حق الاستمتاع بالمكان المفتوح، وضرورة مراعاة الذوق العام للآخرين المشاركين في نفس المكان.

فبينما يفضل البعض قضاء إجازة نهاية الأسبوع هو وعائلته في أحد متنزهات الكورنيش للترويح عن أنفسهم ومتابعة البرامج المفضلة عبر الشاشات الكبيرة، ومن بينها سماع الأغاني ومشاهدة الفيديو كليب التي تبثها الفضائيات العربية والأجنبية، تصر في المقابل بعض العائلات الأخرى على فرض آرائهم «الخاصة» في مثل هذه الأماكن «العامة» مطالبين بإقفال جهاز التلفاز أو تغيير المحطة الفضائية إلى محطة أخرى بديلة، يرونها مناسبة لتوجهاتهم الفكرية أو خلفياتهم الثقافية والدينية.

حينها، تصعد الدراما في المسلسل الواقعي إلى ذروتها بين الفريقين المتنازعين على حق التحكم بجهاز التحكم بالقنوات «الريموت كنترول»، هؤلاء يتمسكون بذوقهم الفني ويصرون على مشاهدة «روبي، وهيفاء، وهبي»، ويرددون على مسمع الطرف الآخر كنوع من التحدي «روبي... روبي»، مؤكدين بأنهم لا يقصدون التصرف بغير أدب أو تهذيب ولكنهم يريدون من الآخر أن يتعامل معهم بشكل أرقى في فن التعامل «إذا طلب منّا بكل ذوق متمنياً لا آمراً بخفض صوت الأغنية لوافقناه على طلبه الفردي بل سنقفل الجهاز تماما رغم أننا جماعةً»، فيما يصر الآخر على اعتبار المسألة حقا «شرعيا» بإزالة المنكر ومحاربته بأي طريقة كانت.

ويعلق محمد السوري، وهو مدير منتجع «لا كوستا» على كورنيش جدة، حول هذا المشهد اليومي المتكرر أمامه قائلا: «المطاعم الفخمة ذات الطابع الكلاسيكي أو العصري والمتنزهات الترفيهية الراقية يفضل زائروها وزبائنها قضاء أمسياتهم في جو رومانسي مصاحب بموسيقى هادئة، أو يريدون أن يستمتعوا بوقتهم، وأن يتفاعلوا مع الأغاني الجديدة، كما أن القوانين والأنظمة التي ترخص لنا لا تطالب بتخصيص أماكن لمن يود سماع الأغاني وأماكن أخرى لمن لا يود ذلك». مضيفا «ليس هناك مطاعم أو متنزهات تكتب لافتة خاصة بفئة معينة، فالمكان عام للجميع، إنها متنزهات ترفيهية».

في المقابل هناك فئة ترى بأن ليس لها مكاناً على خريطة هذه المتنزهات فلا يسمح لها بتناول العشاء مثلاً إلا في المطاعم الشعبية ومطاعم الوجبات السريعة الأميركية، «انهم لا يحترموننا، فليست هناك مطاعم فخمة أو أماكن عامة على البحر تجعلنا نستمع إلى الأناشيد الإسلامية مثلاً»، هذا ما تقوله ربت البيت «أم مهند». وتكمل وهي تعد المرات القليلة التي خرجت فيها بصحبة زوجها إلى الأماكن الترفيهية على الكورنيش «نادرا ما أخرج مع زوجي إلى هذه الأماكن والمطاعم، وما أن نجلس على طاولة العشاء حتى يتشاجر زوجي مع الجرسون بسبب رفضه تغيير القناة التي تبث الأغاني (الماجنة)» على حد قولها. وتطالب أم مهند بإنشاء متنزهات تحترمهم مثلما احترمتهم بعض الفضائيات وخصصت لهم قنوات تناسب ذوقهم واهتماماتهم.

وبالعودة إلى مدير منتجع «لا كوستا» في كيفية مواجهة مثل هذه المشاكل بين الزبائن من العوائل، يقول«نحن خصصنا كبائن مغلقة مطلة على البحر بها جميع الخدمات الراقية وتحترم كل الثقافات المختلفة والمتضاربة»، مشيراً إلى وجود التلفاز بجميع المحطات الفضائية. ويوضح «بداخل الكبينة يمارس الزائر حريته في مشاهدة ما يريد سواء محاضرة دينية أو أغنية لمطربة حديثة أو فيلما وثائقيا.. هو في مملكته الفردية ويستطيع ممارسة قناعاته بحرية تامة».

ويزيد السوري بالقول: «الأمر يختلف في الجلسات المفتوحة الخالية من الحواجز والمطلة مباشرة على البحر، فمن الصعب فرض رأي شخص واحد على الجميع، فهذه أماكن مؤمنة بالخيارات الجماعية التي هي في الغالب طلب المتعة والترفيه البريء لا أكثر وهي التعليمات التي نعطيها لموظفينا في حال وقوع خلافات بمراعاة الخيارات الجماعية». ويؤكد حدوث مثل هذه المواقف وانهم يحاولون حل المشكلة بطريقة سلمية، وعادةً ما يتنازل الناس عن أبسط حقوقهم بإقفال الأغنية ولكنهم لا يتنازلون عن تدخين «الأرجيلة» مهما كان حجم الخلاف بين المتخاصمين.