تزويج الشغالات والسائقين ظاهرة تثير الجدل

TT

أخذت بعض الأسر في السعودية على عاتقها تحمل أعباء زفاف العاملة المنزلية بالسابق، إما خوفا من اقامتها علاقات أو لكون المنزل لا يتسع للسائق والخادمة فيضطرهم ذلك إلى تزويجهما كي يعيشا في غرفة واحدة.

وتقيم بعض الأسر حفلاً يضاهي احتفالها بأبنائها وبناتها بمثل هذه المناسبات. ولا تخلو القصص من طرافة تتجه نحو عنوسة الفتيات السعوديات وتلهف بعضهن عندما يطرق أحدهم الباب، فـ«نورة» ذات العشرين ربيعا، ترسم أحلامها، اثر مكالمة هاتفية بطلب القرب والنسب، وترصد في مخيلتها مكان الزفاف، وكيف تقضي شهر العسل، وحتى الشروع في اختيار أسماء الأطفال الذين ترغب في إنجابهم، إلا أن هذا كله كان بمثابة أحلام من الرمال تكسرت في اليوم الموعود الذي تحلت فيه بأجمل وأبهى الحلل لرؤية العريس المنتظر، لتكتشف قبل الدخول وأثناء التنصت لأحاديث الرجال، أن العروس المقصودة هي الشغالة والعريس المتيم هو سائق الضيف، تسمرت بذهول فلم تصدق أن كل الحديث حول المهر وحفل الزفاف والتشديد على منع اصطحاب الأطفال، لم يكن من أجلها وإنما من أجل السائق والخادمة.

وتذكر «وفاء.غ» تحصلها على دعوة من قبل إحدى صديقاتها لحضور حفل زفاف شغالتها (إندونيسية) وسائقها (سري لانكي) في إحدى استراحات الرياض، والتي تكفلت بإعداد وليمة العشاء لإكرام الحضور، إضافة إلى توفير ثوب زفاف ملائم للعروس، ليتمتع كافة أصدقاء العروسين بليلة جميلة وبحفل زفاف لم يختلف بشيء، كما ذكرت، عن زيجات المواطنين أنفسهم. ولم يقتصر زواج الشغالات على رغبة العاملين أنفسهم، وإنما كان في أوقات أخرى إجبارا من الكفيل نفسه. كما ذكرت «أم خالد» لـ«الشرق الأوسط»، أن احتياجها للسائق وعدم توفر سوى غرفة واحدة معضلة لن تتمكن من حلها سوى بتزويج الاثنين من أجل الإقامة معا في ذات الملحق، لترغم بذلك عاملتها (إندونيسية ) الاقتران بسائقها (هندي)، والتي لم تثنها دموع وتوسلات العاملين في عدم رغبتهما بالزواج، مضيفة أنه رغم تحقق رغبتها وتمكنها من اقناعهما في نهاية الأمر، إلا انه تشكل لديها عبء آخر بنوع مختلف وهو اكتظاظ غرفتها الوحيدة بطفلين إضافة للأب والأم، مما اضطرها عقب ثلاثة أعوام من الخدمة إلى تسفيرهما. وحول سعي الكفلاء لتزويج المستقدمين، أوضح محمد اليعيش، إمام وخطيب للجامع الخاص بخادم الحرمين الشريفين، ومأذون شرعي، وجوب عدم التسرع في إتمام مثل هذه الزيجات، كون أن قرار تزويج المستقدمين بعض الأوقات لا يكون صائبا، وإنما مجرد اندفاع عاطفي قد لا يضع أي اعتبارات لأي مشاكل قد تحدث لاحقا لتنتج عن الزواج غير المدروس الندامة والشقاق.

وأكد اليعيش سعيه في بعض الأوقات إلى تسهيل زواج المستقدمين ممن يقيمون في ذات المنزل بناء على طلب كفلائهم، وذلك من خلال محكمة العقود والأنكحة أو السفارة المعنية وبالطبع، كما ذكر، بعد مكاتبة ولي الأمر المقيم في الوطن الأصلي.

وعن مدى ايجابية تزويج العاملين، يؤكد اليعيش أن سلبيات هذا الزواج أكثر من إيجابياته كونه غير مأمون العواقب، بالأخص في حالة إنجاب الأطفال والذي قد يضيف على العاملين أعباء مادية ونفسية جديدة، موضحا أن على المستقدمين الذين يرغبون بالزواج الاقتران في موطنهم الأصلي ثم العودة إلى أعمالهم.