الانتخابات البلدية تكشف ضعف تصميم إعلانات الحملات

المرشحون لا يعرفون كيفية بناء حملة انتخابية ولا علاقة لها بالمجلس البلدي

TT

تناول أحد المرشحين صحيفة محلية كانت على طاولة أحد موظفي وكالة الدعاية والإعلان التي ستقوم بطباعة لوحات ومطويات حملته الإعلامية، للإطلاع على البرامج الانتخابية للمرشحين في الرياض، بعد أن وجد نفسه عاجزا عن كتابة تطلعات ووعود كثيرة وبراقة تملأ العين، كي يستكمل برنامجه الانتخابي، استعدادا للحملات الإعلامية للانتخابات المحلية التي انطلقت يوم السبت 19 من فبراير (شباط ) الماضي، فأخذ يختار فكرة من هذا وأخرى من ذاك، هذا ما ذكره أحد موظفي وكالة دعاية وإعلان، في إشارة منه إلى عدم معرفة المرشحين بكيفية بناء برامجهم الانتخابية. وحسب الموظف، فإن أغلب البرامج الانتخابية لعدد كبير من المرشحين كانت اجتهادا من القائمين على التصميم الفني للإعلانات الدعائية للمرشحين، لذا جاءت البرامج الانتخابية فارغة رغم كثرتها، وليست لها علاقة بصلاحيات ومهام المجلس البلدي.

وحسب شباب قاموا بتصميم اللوحات والنشرات الإعلامية والإعلانات في وكالة دعاية أخرى، فإن كثيراً من المرشحين لم يكن يعرف معنى (بروشور)، وأن بعضهم كان يردد:«دبروني، تصرفوا»، وأن بعضهم كان يطّلع على برنامج مرشح آخر ويقوم بعمل المواد الإعلانية له، أو يقوم المرشح باقتباس أو نقل حرفي لبرنامج مرشح آخر مع التقديم والتأخير في الترتيب العددي للبرنامج.

ربما ليس للقارئ حاجة بعد ذلك أن ينبهر بالبرامج اللامعة التي يقرأها في الصحف المحلية أو التي توزع كنشرات إعلانية، وأن من يريد أن يتزود بمعلومات وطرائف أكثر عليه أن يزور أقرب وكالة دعاية وإعلان، وـ حسب المصممون ـ فإن بعض المرشحين كانت تعنيه الصورة والسيرة الذاتية، التي ستحلق به عاليا في سماء الناخبين. وما يلفت النظر أن السير الذاتية لـ95 في المائة من المرشحين لم يذكر فيها نشاطه الاجتماعي السابق والخدمات التي قدمها للمجتمع، كانت السير تركز على الشهادات، خاصة التي من خارج السعودية، وعلى المناصب وشهادات الشكر والتقدير، ومذيلة برقم جوال مميز أو «ممتاز جدا».

وليس بالضرورة أن يعرف كل المرشحين تقنيات الإعلان واللغة الإعلامية، فبعضهم رجال أعمال ليس لهم علاقة بهذا الشأن، وليس لهم سابق خبرة في الإعلان عن أنفسهم، ولكن تكتشف أن الضعف الإعلاني يكمن في وكالات الدعاية والإعلان نفسها وجهلها باللغة البصرية وكيفية البناء الهندسي لشكل الإعلان ولغته وما بلغه من تطور هائل، حينما تحشو الملصق أو الإعلان بمئات الكلمات ـ حسب ما ينشر في الصحف ـ حيث تتجاوز بعض إعلانات المرشحين500 كلمة، وهو الأمر الذي جعل القارئ يشكك في صدق المرشح من خلال برامجه العريضة والخيالية، وليس بعيدا أن تكون المبالغة سببا في عدم فوز المرشح، وليست انتخابات الرياض ببعيدة.

وفي الوقت الذي كشفت الانتخابات البلدية تناقضات المجتمع وارتباكه، فإنها من الناحية الإعلامية، فضحت القائمين على صناعة الإعلان، وأن أكثر هذه الوكالات الإعلانية لا يمتلك موظفوها أكثر من مهارة العمل على برنامج (الفوتوشوب) وتصاميم البرامج، فجاءت التصاميم تقليدية وثقيلة على النظر، والفهم أيضا، ومزدحمة بالكلمات، وأصبح القارئ بحاجة من المرشح أن يفك الاختناق المروري داخل إعلاناته قبل أن يعد العالم بفك الازدحام والاختناقات المرورية، وأصبح بحاجة إلى أن يتعرف على برنامج صادق وجاد من المرشحين كي يعثر على ضالته، ولا تأخذه الحيرة في اختيار واحد من بين عدد كبير من المرشحين يوم الاقتراع الذي سيكون الخميس المقبل في الأحساء والمنطقة الشرقية وعسير ونجران وجيزان والباحة، وينبغي في الإعلان أن يتم التركيز على الأرقام، رقم الدائرة ورقم المرشح، مع تكرار نشر الإعلان، لأن الرقم هو الذي سيثبت في ذهن الناخب، خاصة أن أكثر الناخبين سيقومون بعملية اختيار المرشحين ـ مرشح من كل دائرة ـ بصورة سريعة، كي لا يصاب بالارتباك من جراء التفكير ومكوثه في المكان المخصص للاقتراع أكثر مما يجب، لأن التركيز في هذه اللحظات سيكون معدوما بحكم أنها لحظات تاريخية في مجتمعنا، وهي لحظات تاريخية أيضاً للمرشحين، جعلتهم بين عشية وضحاها تحت الأضواء، يقصد الناس مقراتهم الانتخابية لحضور برامجهم الثقافية، التي يكون «ختامها» عشاء، يتربعون في صدارة المجلس، ولسان حالهم يردد: «اسألوني»، وصورهم في الشوارع تخطف الناظرين، صور عديدة لامعة ومزهوة بنفسها، تجعلك عاجزا في البحث عن إجابة لسؤال طفلك: «بابا، لماذا لم تضع صورتك معهم؟».