قصص الكفالات تبدأ برجاء المكفول وتنتهي ببكاء الكفيل

TT

تمثل الكفالة المالية أو الغرامية إحدى المشاكل السعودية المستعصية، فالكفيل هنا يطلق عليه الضامن، والضامن لا بد أن يفي بذمة من ضمنه، ولكن هل كانت تلك الضمانة أو الكفالة برضى من قام بها، في حالات كثيرة نعم، ولكن نعم مكسورة بعرف اجتماعي، يضعه في النهاية أمام المسؤولية القانونية في حالة عدم السداد.

الكثير من الطُرف تروى عن مطاردة الكفيل لمكفوله مع بداية كل شهر للسداد، وعن هروب كبير يقوم به المكفول في حالة إحساسه بالعجز، واستسلام للسلطات الأمنية من الكفيل بعد أن تحولت المطالبات من شفهية إلى ورقية عبر المحاكم ومكاتب الحقوق المدنية. وقد تكون قصة أحد الظرفاء الذي طلب من أحد أصدقائه أن يقبّل يديه قبل أن يقوم بكفالته، ويتساءل طالب الكفالة عن سبب هذا الطلب؟ فيجيبه: اليوم تُقبل يدي، ولكن غداً سأُقبل قدميك للسداد. عادل الجهني موظف له قصة امتدت لسبع سنوات أخذت من ماله ونفسه. حدثت القصة مع أحد أصدقائه الذي طلب منه أن يكفله في شراء سيارة.

ويروي الجهني التفاصيل: «طلب مني صديقي أن أكفله في سيارة لدى إحدى الشركات ككفيل ثان، وقد ألح علي في الطلب لدرجة أنه قال لي (إذا طالبك أحد اضربني بما تنتعله)، وبعد الانتهاء من إجراءات الكفالة بعدة شهور، اتصل بي مندوب الشركة وطلب مني الحضور فتوجهت إليه، وطلبوا مني تسديد المبلغ، فأخبرتهم أني كفيل ثان، وبإمكاني إحضار الشخص، لكنهم رفضوا وطلبوا مني أن أنهي المسألة معهم وبعد ذلك أتفاهم معه، وبعد أن طالبوني عن طريق المحكمة اضطررت لتسديد 87 ألف ريال».

قصة الجهني انتهت بالتسديد، لكن هناك قصة لأبو نصيف بدأت منذ ستة أشهر، قام بكفالة شخص بعد وساطات عائلية، وبحكم صداقة قديمة، ولكن الغريب في الكفالة هذه المرة أنها تبلغ أكثر من 33 مليون ريال، يقول أبو نصيف عن هذا الهم «أنا واثق من أن الرجل سيقوم بالتسديد، ولكن هذا لا يمنع من الاعتراف أنني أعيش ليالي صعبة مع هذا الوضع». أبو نصيف موظف سابق في البلدية، ويعمل في تجارة بسيطة، وليس من أصحاب رؤوس الأموال الكبيرة.

قضية الكفيل والمكفول، والتورط القانوني الناتج عن الواجب الاجتماعي، دفع الكثيرين لطلب تغيير نظام الكفيل، أو إلغائه في طلبات الشركات والبنوك، وفي هذا الخصوص يحلل محمد الحساني (كاتب مهتم بالقضايا الداخلية) المشكلة، موضحا: «لهذه المشكلة جانبان، الجانب الأول نظامي، والثاني شرعي، بالنسبة للجانب الشرعي لا نستطيع نقضه، لكن بالنسبة للجانب النظامي فيجب توعية الناس في البداية أن الكفالة ليست واجبا اجتماعيا، بل هي مسؤولية لها تبعات يجب تحملها، لذلك يجب التعامل معها بحذر».

ويرى الحساني أنه يجب وضع ضوابط تراعي الجانب الشرعي، فيما يضع المحامي ماجد قاروب المسؤولية في طريق آخر وهذا الطريق كما يصفه قاروب يستغل حاجات المواطن، حيث يقول «المسؤولية تقع على شركات التقسيط، سواء بنوك أو سيارات، لأنها تمارس عملية تدليس كبرى على المجتمع، فهي في حقيقة الأمر لا تشبه الواقع، بمعنى أن ما نراه في الإعلانات ليس إلا وسائل تغرير بأسلوب احترافي كبير».