شباب حائل يخلدون ذكرى سيارات حوادث المرور و«التفحيط» عبر الكتابة على الجدران

متخصص اجتماعي: هناك علاقة معنوية بين الإنسان والجماد

TT

في سلوك جديد توجت فئة من شباب حائل لتوديع السيارات التالفة، والانتقال بها إلى «التشليح» جراء حادث مروري عبر طريقة خاصة حيث التوديع لا يتم بالكتابة على صفحات الجرائد أو المجلات، وإنما على الجدران التي يتجمع حولها الشباب وتسجيل أرقامها.

وتأتي طريقة التخليد عبر قيام بعض الشباب بكتابة رقم لوحة السيارة المشهورة على الجدران مع كتابة عبارة «.. وداعا»، وكتابة رقم اللوحة لا تتسنى لأي سيارة وإنما للتي اشتهرت بالتفحيط أو التطعيس في الكثبان الرملية (النفود) وكان لها وصاحبها باع طويل في هذا المجال، فعندما يقدر لها حادث ويتوفى سائقها يقوم زملاء المهنة من (المفحطين) بكتابة رقم اللوحة على جدران أحد الشوارع التي يكثر تجمع الشباب والمراهقين فيها وتوديعهم بطريقة لا تخلو من الوفاء ـ على حد تعبيرهم.

يأتي ذلك، وسط إحصائيات رسمية حديثة توضح أن الوفيات بسبب حوادث السيارات بحائل ارتفعت لتصل إلى 140 حالة في العام الماضي، مقابل العام الذي سبقه، الذي وصل فيه عدد الوفيات إلى 78 معظمها بسبب السرعة الزائدة بحسب مرور حائل. وتصادف هذه الأرقام مناسبة أسبوع المرور الخليجي الحادي والعشرين الذي انطلقت فعالياته يوم السبت الماضي في جميع مناطق ومحافظات المملكة تحت شعار «سياقتك دليل أخلاقك».

من ناحيته، استبعد الدكتور منصور بن عسكر أستاذ علم الاجتماع المساعد بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض تسمية هذا السلوك بالظاهرة لا سيما أنه منبثق من فئة بسيطة من المجتمع قد تكون في عمر حساس، كما هو الحال في عملية التحول من مرحلة عمريّة مراهقة إلى مرحلة النضوج والاستقرار.

وأضاف ابن عسكر أن أبرز جزء في تعريف الظاهرة هو تفشيها وانتشارها بشكل ظاهر على السطح في كل المجتمع، وهو الأمر الذي لا يمكن تسميته ممارسة يسيرة في مكان محدود بالظاهرة، لافتا إلى أن عملية النقد لا بد أن تكون من باب نشر تلك الممارسة بهدف تصحيح المفهوم وتعديل الفكر.

ولفت أستاذ الاجتماع إلى أن هناك علاقة نوعية بين الإنسان والجماد قد تصل أحيانا إلى التقديس كما في بعض الأديان، أو التأديب والضرب كما عند بعض المجتمعات، مفيدا بأن ذلك يفسر لنا سلوك الشباب في تخليد ذكرى تلك السيارات إذ قد تمثل لهم رمزا معينا أو دلالة شعورية مميزة.

وأفاد ابن عسكر في حديث لـ«الشرق الأوسط» بأن في علم الاجتماع جزءا متخصصا في النظريات الوظيفية التي ترى بضرورة التوازن في المجتمع، بمعنى تفاوت السلوكيات واختلاف الممارسات وتباين الطباع بشكل لا يتعارض مع تطور المجتمع بأسلوب منظم، مشيرا إلى أن تلك النظرية لا تمانع في استخدام الجزاءات الرادعة في إيقاف أي منغصات لتطور المجتمع.

وأوضح ابن عسكر أن أبرز الحلول التي يمكن أن يواجه المجتمع تلك السلوكيات بها هو ابتداع طرق مواجهة يمكن أن تردع الشباب وتضع لهم إشارات دلالية تكشف لهم الموقف ومدى فداحته وتأثيراته الجانبية قد ترتكز على جهود فردية أو جهود جماعية من المجتمع يمكن فيها استخدام الأساليب الإعلامية. وزاد أستاذ علم الاجتماع أن من الحلول النافعة في هذا الصدد هو محاورة المجموعة الناضجة في تلك الفئة وإيضاح مكامن الخطأ أو الخطورة من دون الضغط عليهم بالتوقف أو إجبار زملائهم الآخرين، وهو ما يضفي صبغة احترام الطرف الآخر وتقدير لأخلاقياته مما يتوقع أن يؤدي إلى نتائج إيجابية في حصار السلوكيات السيئة.