تربويون: تقويم السلوك وتصحيح الانحراف والتنسيق بين البيت والمدرسة ضرورة حتمية

وسط غزارة حجم المواد الإعلامية المرئية والإلكترونية التي ينفتح عليها المجتمع

TT

أكد مسؤولون تربويون ومديرو مدارس ارتفاع الوعي لدى أولياء الأمور حول ضرورة التعاون بين المدرسة والمنزل في ظل المتغيرات العالمية الحديثة ووسط غزارة حجم المواد الإعلامية المرئية والإلكترونية التي ينفتح عليها المجتمع السعودي.

ويقول المسؤولون في وزارة التربية والتعليم إن ولي الأمر بات يدرك حجم المسؤوليات وضرورة متابعة المدرسة، في حين تدور الأحاديث عن خطورة الفضائيات والإعلام وضرورة الإرشاد الوقائي للطالب من قبل مديري المدارس. وفي مقابل ذلك، يؤكد الطلاب أنهم يدركون مدى أهمية المدرسة والبيت والتعاون بينهما ويكشفون مدى تأثير الإعلام على سلوكياتهم، وانعكاس الأنشطة غير الصفية على أخلاقهم.

* مديرو المدارس

* قال عبد الله بن حسن العامر، مدير متوسطة «ذو النورين» في الرياض، إن دور المدرسة يتجلى في تهيئة المناخ المناسب والبيئة التربوية التي تعين على تحقيق رعاية الطلاب وحل مشكلاتهم وكذلك تيسير الإمكانيات لتطبيق البرامج التربوية في المدرسة والاستفادة من كل الطاقات المتوفرة من الآباء والمعلمين.

وأضاف أن من ضمن الأدوار المهمة، التوجيه والإرشاد ورعاية السلوك ومتابعة ورصد الظواهر السلوكية العامة لدى الطلاب والعمل على وضع الخطط بالتعاون مع الجميع لإيجاد الحلول المناسبة لها وكذلك حث أولياء أمور الطلاب على متابعة أبنائهم سلوكيا ودراسيا وعلميا.

وزاد العامر: إن دور المدرسة ازداد أهمية في الآونة الأخيرة على ضوء التغيرات الطارئة عالميا، حيث لا بد أن تتولى المدرسة مهمة تحصين الطالب ضد الكثير من السلوكيات والأفكار إضافة إلى البيت التي يمثل جزءا لا يتجزأ من المدرسة لإسهامه الكبير في تقويم سلوك الطلاب ومد جسور التعاون الإيجابي مع المدرسة.

وقال العامر: إن هناك دورا حيويا للإعلام في توجيه سلوك الطلاب إذ أن كثير من الطلاب يقلد ما يعرض من وسائل الإعلام، يقابله سعي جاد من إدارات المدارس لتغيير بعض السلوك المكتسب من الوسائل الإعلامية.

وحول الصحبة، استطرد العامر: إن لها دورا مهما في حياة الطالب، مستدلا بالحديث النبوي «الجليس الصالح وجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير»، واضاف: تحاول إدارات المدارس خلق بيئة صحية للنشاط الطلابي، مفيدا بأنه سيؤدى إلى تعديل الكثير من السلوكيات متى وظف التوظيف الصحيح ومتى خطط له لمتابعة ما يطرأ في المجتمع من سلوكيات.

من ناحيته، ركز عبد الله بن محمد السليمان، مدير متوسطة «ابن بشر» في الرياض، حديثه عن دور الإعلام على الطالب حيث يراه وسيلة نفاثة تخترق عقول الشباب والطلاب في هذا العصر، مما يؤثر على سلوكهم في الجانبين السلبي والإيجابي، مناشدا المسؤولين في وزارة الثقافة والإعلام وعلى رأسهم الوزير تكثيف البرامج الهادفة التي تسهم في تقويم سلوك الطلاب وتقف سدا منيعا في وجه بعض القنوات الفضائية الهابطة المؤثرة في الطالب.

وحول الأنشطة الطلابية أشار السليمان الى أن لها دورا بارزا وكبيرا في تنمية وتحسين سلوك الطلاب وتطويرهم ذاتيا وذلك من خلال اختيار الأنشطة الهادفة كإقامة الندوات والمحاضرات التي تكمن في استدعاء بعض والعلماء لتحذيرهم من الوقوع في الآثام كعقوق الأبناء والتدخين والمخدرات وأيضا اختيار بعض الأنشطة الترفيهية التي تقتبس منها تعديل سلوك الطلاب بطريق غير مباشر مما يكون له وقع في نفس الطالب فيتعدل سلوكه ذاتيا.

أما محمد بن مساعد الغامدي، مدير «متوسطة الأمام الشافعي» في الرياض فقال، إن المرحلة الحالية تحتاج إلى تفعيل أكثر من قبل إدارات المدارس بمرحلة الإرشاد الوقائي والإرشاد العلاجي وتطبيقها على الطلاب بكل دقة ومتابعة كيفية تطوير هذه الدور التربوي في حياة الطالب المدرسية.

وزاد الغامدي أن دور المدرسة في تقويم سلوك الطالب يضمن دورا تحفيزيا لإبعاده عن المخالفات السلوكية وتشجيعه على الانتظام والمبادرات الإيجابية وتقبل التعليمات المدرسية وتنفيذها داخل المدرسة وخارجها. مشيرا الى أن هذا الدور لم يتلاش إطلاقا في المدارس حيث خصصت مائة درجة للسلوك بواقع خمسين درجة لكل فصل دراسي، تضاف إلى درجات الطالب نهاية العام، بحيث تقوم إدارة المدرسة بحسم درجات من رصيد الطالب بناء على المخالفات التي ارتكبها بعد مرحلة الإرشاد الوقائي والإرشاد العلاجي.

وتحدث الغامدي عن دور الأنشطة الطلابية، موضحا أنها تعكس الإيجابيات على الطلاب في تحسين سلوكهم ذاتيا، وأشار الى أن الأنشطة الطلابية هامة في حياة الطالب وفي تحسين سلوكه، خاصة إذا أشبعت رغبته وخففت من حدة قوته وعنفوانه ووجهت التوجيه الصحيح الذي يخدم الطالب ويعدل سلوكه السلبي إلى إيجابيي.

إلى ذلك، قال حمد بن سعد الفرشان، مدير «ثانوية الشوكاني» في الرياض، إن للمدرسة دورا كبير في تقويم سلوك الطلاب عبر المعلم الذي يمكنه المساهمة في تعديل سلوك الطالب غير المرغوب فيه، وتعزيز السلوك الحسن، وتنمية الأخلاق الفاضلة، لافتا إلى أن برامج المدرسة الصفية واللاصفية خير معين في تعديل سلوك الطلاب، وهذا الدور لا يزال يشغل حيزا من تفكير إدارات المدارس.

* مسؤولون وتربويون

* وعلى الصعيد الرسمي، أوضح الدكتور احمد بن سعد آل مفرح، مدير عام الأشراف التربوي بوزارة التربية والتعليم، أن المدرسة تقوم بدور رئيسي في تقويم سلوك الطلاب، خاصة إذا قامت بتوعية الطلاب وإبلاغهم بحقوقهم وواجباتهم، لافتا إلى أن وزارة التربية والتعليم أصدرت لائحة تقويم سلوك الطلاب التي تطبق حاليا في جميع مدارس السعودية، إضافة إلى ما تقوم به المدارس من توعية وتوجيه عبر برامج تدريبية وأنشطة لا صفية داخل المدرسة وخارجها.

وتطرق آل مفرح في حديثه عن الإعلام إلى أنه يتوجب على الأسرة اختيار القنوات الإعلامية الهادفة وتوعية أبنائها وحمايتهم من التيارات الثقافية الهدامة بالتعاون مع المدارس وبقية المؤسسات التربوية والإعلامية في المجتمع.

من ناحيته، أكد الدكتور عبد العزيز بن راشد المطيردي، عضو هيئة التدريس بكلية الآداب بجامعة الملك سعود، أن رسالة المعلم تتجاوز التلقين والتحفيظ للمعلومات إلى التربية والتهذيب وبناء شخصية الطالب المتكاملة، فإذا كان هناك تواصل بين إدارة المدرسة والأساتذة والإرشاد الطلابي على القيام بتقويم سلوك الطلاب فانه يؤتي ثماره.

ولفت المطيردي إلى أن تقويم السلوك وتصحيح الانحراف عند الطلاب مسؤولية مشتركة بين البيت والمدرسة، إذ على الجانبين السعي لتحقيق ذلك وان يكون بينهما تنسيق وطيد، موضحا أن صيغة التعاون بين الطرفين تختلف بحسب نوعية الانحراف ودرجته وسلوك الطالب، لكن لا بد أن يشمل التقويم المدرسي في جميع المراحل للجوانب السلوكية.

وأبان المطيردي ضرورة وجود تنسيق وتعاون بين وزارتي التربية والإعلام لبث بعض البرامج والمسلسلات التي تزرع السلوك القويم وتعالج بعض السلوكيات المنحرفة عند الطلاب إضافة إلى اختيار الوالدان نوعية ما يشاهده ويقرؤه أولادهم وان يوفروا لهم البديل كأفلام الفيديو البناءة.

* أولياء أمور

* قال احمد حسن زين، ولي أمر أحد الطلبة، إن إدارات المدارس تعتني بالطلاب في كافة النواحي وتحرص على تحسين السلوك، مفيدا أن هناك توجها لدى الأسر والعائلات لرفع مستوى العلاقة بينهم وبين المدارس.

وأبان زين أنه لمس فاعلية الأنشطة الطلابية على ابنه حيث كان لها دور كبير في توجيه سلوكه، مشيرا إلى أن الطالب يقتبس من هذه الأنشطة وتنعكس على طباعة وسلوكياته.

أما يحيى محمد القرني، وهو معلم وولي أمر طالب، فقال إن سلوكيات الطالب لا تنصب على إدارة المدرسة فحسب بل تنصب على المدرسة والبيت معا، فمتى ما قامت المدرسة والبيت بتوجيه سلوك الطالب للاتجاه الإيجابي انعكس ذلك على الطالب حيث أنه يقضي معظم وقتة ما بين المدرسة والبيت.

من ناحيته قال، غازي العتيبى، رجل أعمال وولي أمر طالب، إن دور الأنشطة الطلابية تعتبر هامة إذ تتيح للطالب إظهار هواياته وإشباع رغباته البناءة، موضحا أن إدارات المدارس تقوم بتشجيع الطلاب الذين يتحسن سلوكهم، حيث تقدم لهم الهدايا والتشجيع وهذا ينعكس إيجابا على الطالب.

* الطلاب

* أوضح محسن عبد الله العتيبي، طالب في ثانوية «عبد الرحمن الغافقي» أن المدرسة يقع على عاتقها دور كبير في توجيه سلوك الطلاب حيث يقضي اغلب وقته في المدرسة ويقتبس سلوكيات الطلاب الآخرين سواء الحسنة أو السيئة، ولكن إدارة المدرسة تقوم بجهد كبير في التوجيه والنصح لهؤلاء الطلاب.

ويقول العتيبي: أنا أدرك دور المنزل وأنه لا ينقص عن دور المدرسة في تقويم سلوك الطلاب حيث له دور كبير في توجيه الطلاب من ناحية الأب والأم اللذين يوجهان أولادهما للسلوكيات الحسنة. أما الأنشطة الطلابية فتعكس الصورة الحسنة والجيدة عن الطالب حيث يقوم بإشباع رغباته وهواياته المحببة لديه وإبرازها في هذه الأنشطة، والمدارس دائما تقدم الأنشطة والبرامج المفيدة التي تعكس الصورة للطالب إيجابيا، ودائما المعلمون يحببون هذه الأنشطة لدى الطلاب لما لها من فائدة كبيرة ومثمرة على الطالب.

أما خالد محمد القحطاني، طالب في «ثانوية بلاط الشهداء»، فقال إن تقويم سلوكيات الطلاب من قبل إدارات المدارس له دور فاعل، خاصة مع التفاعل السريع بين الطلاب، فبعضهم يحاول تقليد بعض سلوكيات زملائهم الآخرين، سواء المحمودة منها أم السيئة.