شهادات جامعية أصحابها في مهب الريح بسبب سوء اختيار التخصص

TT

كل يوم ينظر (بدر) لشهادة التفوق والتي بجانبها وثيقة التخرج التي مضت عليها سنين عجاف وهي أسيرة للحائط، منظرها يحكي الوضع المأسوي الذي يعيش فيه صاحب تلك الشهادة ـ ومن هو على شاكلته ـ اسم شهادة فقط لأنها فقدت قيمتها في سوق العمل، وتعثرت في مجال التوظيف. ورغم ذلك ما زالت جامعاتنا مصرة على الاستمرار في تخريج أعداد هائلة ممن يحملون تلك الشهادات التي تكاد أن تكون وبالا على أصحابها، لأنهم وللأسف ـ لم يستفيدوا منها في حياتهم، ويتضح حقيقة هذا القول فيما يراه بدر الغنامي أحد ضحايا هذه الشهادات الجامعية غبر المفيدة، الذي بادرنا أنه يعاني الأمرين عند بحثه عن وظيفة لكي يسد بها رمقه، وتكون له وجاء من نظرات الناس، وجنة من «ذل السؤال ومنّة البخلاء».

ويقول الغنامي والذي يحمل درجة البكالوريس تخصص تربية فنية ـ وهو مطأطأ الرأس وقد بلغ منه اليأس مبلغا وضاقت به الأرض بما ربحت ـ «لقد عانيت من وعثاء السفر وصبرت على شدة الغربة، وتحملت عناء السهر من أجل أن أظفر بالشهادة، وكان يحدوني الأمل بأن أجد فرصة عمل ولكن تلك الأحلام والأماني تبخرت مع السنين، وذهبت مع أدراج الرياح، وها أنا مكانك راوح فكل دائرة يوجد بها مسابقة وظيفية يتعلل القائمون عليها بأن تخصصي يقف حجر عثرة في طريقي وهكذا تستمر معاناتي في محطة الانتظار، والدوران في حلقة مفرغة». ويؤيده خريج آخر جاء من بعد، فهذا عارف العتيبي الذي يشتكي من وطأة الضغط والكبت النفسي، والرهاب الاجتماعي، واليأس المستقبلي من جراء تصرم سنون العمر وذهابها بلا رجعة من دون فائدة ترجى وهو الذي حفيت قدماه بحثا عن وظيفة ولكن من دون جدوى، وهذا محمد قايل الذي أرهق من الترحال والسفر بحثاً عن الوظيفة وكل جهودة تذهب سدى حتى بات أسير البيت ينازع الأفكار الموجعة.. ويتساءل سعد القبوري الذي لم تشفع له الشهادة الجامعية التي يحملها، قائلا من المسؤول عن ضياع هؤلاء ومن هم على شاكلتهم ؟ من الذي جلب لهم هذا الإحباط؟ هل هي الجامعة؟ أم ديوان الخدمة المدنية؟ أم سوق العمل؟ أم من يكون المتسبب في إحباطهم؟.