أكثر من نصف السعوديين مهددون باضطرابات نفسية وبدنية بسبب سوق الأسهم

مفهوم القناعة هو الحل في حال تكرار أحداث مايو 2004

TT

أكدت التقارير الرسمية أن أكثر من نصف السعوديين يملكون أسهما في سوق الأسهم، وذلك نتيجة الاكتتابات الأخيرة التي شهدها السوق، وهو ما يعني أن نصف الشعب السعودي معني باضطرابات السوق.

والمعروف أن احداث مايو (ايار) 2004، عرضت أعدادا من السعوديين لنوبات قلبية وارتفاع في الضغط ووصول بسيارات الإسعاف إلى المستشفيات، ولم تكن أحداث مايو عملاً إرهابياً، بل هبوط في سوق الأسهم السعودي. ورغم أن ذلك الهبوط لم يستمر أكثر من أسبوعين إلا أنه ساهم في خسارة عدد كبير من المستثمرين.

ورغم أن الكثير من الخبراء والاقتصاديين في المرحلة الحالية يصفون سوق الأسهم السعودي بالمستقر، ويقبل أكثر من نصف السعوديين نحوه، وهذا ما ظهر من خلال اكتتاب بنك البلاد، حيث كانت المحصلة النهائية 58 في المائة من إجمالي سكان السعودية اكتتبوا فيه، كل هذا يدعو عدداً من المختصين النفسيين من التحذير أن السعوديين مع الأسهم كالكبريت مع الحطب.

وعما هي التحذيرات؟ وما سبب الإقبال الكبير على الأسهم؟ يجيب على ذلك الدكتور علي الفقيه، استشاري نفسي قائلاً «بالنسبة لسبب الإقبال هو حلم الثراء، وكذلك طبيعة الناس الميالة للأمور المربحة، حتى لو كانت تلك الأمور على حساب صحة الشخص، ولأن الدخول في عالم الأسهم والمساهمين لا يؤخذ في كثير من الأحيان بوضع عقلاني». أما عن الخطورة في الأمر فيقول الفقيه: الحالة التي يعيشها المجتمع السعودي تسمى هستيريا جماعية، وهذه الحالة في المستقبل ستنعكس على نفسية الإنسان، وهذا ما قد يعرض نسبة كبيرة من السعوديين لحالات من الانهيار والاضطربات النفسية، وكذلك لفقدان الثقة بالذات والمجتمع والمؤسسات الاقتصادية والاجتماعية في حالة الخسارة.

لكن الدكتور علي دقاق، خبير اقتصادي، يرى أن ما حدث في مايو لا يعتبر سوء عجز في الفهم الاستثماري، وأن الوضع تغير عن السابق والسبب في نظره «ما حدث في منتصف مايو 2004 من نوبات قلبية، وارتفاع في الضغط، لن يتكرر الآن لسبب بسيط هو أن المساهمين الجدد في سوق الأسهم السعودية يدخلون السوق وفي رؤوسهم أسئلة تهدف للتعلم، وإذا ما بدأ المساهم يفكر ويسأل ويبحث عن إجابات فذلك دليل على أنه يملك معياراً نفسياً للتحكم بالأمور، وهذا يرجع لوجود المنتديات الإلكترونية ووجود قنوات إعلامية تختص بالأسهم وكل ما يتعلق فيه».

لكن دقاق يرى أن الأهم في عملية الدخول بالأسهم هو أن يكون منظماً ويقول «وجود هيئة سوق المال السعودي, بالإضافة إلى وجود تنظيمات في سوق العمل من تراخيص وسلوكيات التعامل المتعلقة بالبيع والشراء عن طريق وسيط، مع أدبيات أو أخلاقيات التعامل في السوق ستساهم في تخفيف الشحن والضغط النفسي على المساهم».

وما بين أخلاقيات التعامل والدخول الجماعي للسعوديين في سوق الأسهم الذي وصل إلى 58 في المائة.

يقول الدكتور الفقيه «هناك لغط أو تناس لحقيقة أنه ليس بالضرورة أن 58 في المائة من السعوديين مشاركون في الاكتتاب، ولو كان ذلك فعلاً موجودا فما الداعي لوجود صندوق الفقر، لكن العملية بوضوح وصراحة هي ضرب في القيم الاجتماعية، حيث لا يتوانى الشخص في كسب المال بأي طريقة، وذلك ببيع اسمه مثلاً مقابل 500 ريال، وهذا ما يدل على أن الرقم لا يمثل الواقع».

والدكتور دقاق يرسل عبر «الشرق الأوسط»بشرى ونصيحة للقراء الحالمين بالثراء والداخلين في سوق الأسهم بقوله «بعد ما حدث في مايو لم نر ولله الحمد، أي مجازفات، كذلك أن القناعة في سوق الأسهم السعودية أفضل من سوق الأسهم الأميركية، ولكن هذا لا يكفي فلا بد للمساهم أو الداخل في عالم الأسهم أن لا يرفض في تحديد خسارته، وأن تكون لديه معادلة للدخول والخروج».

وجود معادلة للخروج والدخول، للبيع والشراء والحلم بالثراء وبيع الشخص لاسمه مقابل مبلغ مالي زهيد، ويبقى السعوديون مقبلين بأعداد كبيرة في عالم الأسهم، متناسين الأضرار النفسية والبدنية التي قد تظهر في المستقبل أو مع أي سقطة كالتي حدثت في مايو، ولكن الدكتور دقاق يقول ضاحكاً «لن تزور المستشفيات في حالة أي سقوط بسوق الأسهم السعودية».