اللون الأبيض للرجل والأسود للمرأة والألوان الأخرى للأجانب والأطفال

ألوان ملابس الصيف في السعودية

TT

رحل الشتاء في السعودية، كعادته في كل عام، غير أنه لم يرحل وحيدا، فدائما ما يأخذ معه الأجواء الباردة، والليالي الطويلة، و«شبّة النّار» داخل الخيمة، والأكلات الشعبية الساخنة، وغيرها من الأمور المرتبطة ببرودة الطقس، إلا أن أبرز ما يُفتقد برحيل الشتاء في الرياض ـ وبقية مدن وقرى السعودية في المناطق الشرقية والوسطى والشمالية والمرتفعات الجبلية ـ هو اختفاء ألوان الملابس، خاصة ملابس الرجال، فعادة ما ترتاح العين البشرية في التنقل بين تفاصيل ملابس السعوديين في الشوارع والأسواق وغيرها، لأنها، وبكل بساطة، متشابهة ومكونة من لونين في الغالب، الأبيض للرجل والأسود للمرأة، مع ترك بقية الألوان الأخرى للأطفال والأجانب في السعودية، فيما يُرغم الشتاء، ببرودته القاسية، معظم السعوديين على تلوين ملابسهم، لامتصاص الحرارة والاحتفاظ بها، مواجهة لموجات البرد القارس، إلا أن معظم الشباب يغتنمون الفرصة، لتجربة أكثر من لون على ثيابهم، للاستفادة من قبول المجتمع السعودي للبس الثوب الملون في فصل الشتاء فقط. وجرت العادة، أن يلبس الرجل على جسده قطعتين، بخلاف الملابس الداخلية الأساسية، فالقطعة الكبيرة تسمّى الثوب، وهو رداء واسع يصل طوله إلى الكاحلين وأكمامه طويلة، وعادة ما يكون لون الثوب أبيض، لا سيما في فصل الصيف، ويتلوّن في فصل الشتاء بالألوان الداكنة، أما القطعة الثانية فهي عبارة عن قطعة قماش مثلثة الشكل توضع على الرأس وتتدلى أطرافها على الظهر والأكتاف، فإذا كان اللون الغالب فيها أحمر، يطلق عليها شماغ، وإذا كان لونها أبيض تسمّى غترة، وفي بعض الأحيان، يلبس الرجل البشت أو المشلح، عبارة عن عباءة واسعة ذات أكمام تغطي كامل الثوب، ولا تخرج ألوانها عن الأبيض والأسود والبني والذهبي في المجمل، فيما يلبس رداء آخر على الثوب، يلتصق به ومشابه له، يطلق عليه الدقلة، وعادة ما تكون ألوانها قاتمة، لأنها تلبس غالبا في الشتاء.

ويرى نواف الشهري ، شاب سعودي يبلغ من العمر 23 عاما، أن فصل الشتاء يوفّر فرصة جيدة لارتداء الملابس الملونة، خاصة فئة الشباب، الذين يرغبون دائما في التحرر من لبس الزّي السعودي، إلا في الأماكن التي يشترط فيها لبس الثوب والشماغ أو الغترة، وإن لبسوا الثوب فإنهم يفضلونه ملونا، استفادة من عدم إثارة الألوان لاستغراب الوسط المحيط بهم، ففي الشتاء كل الألوان ـ تقريبا ـ مسموح بها في عرف المجتمع. أما المرأة السعودية فتلبس دائما العباءة (العباية في اللهجة الدارجة)، وهي رداء أسود طويل وواسع يغطي جسد المرأة بأكمله، تصنع من الحرير أو القماش الصناعي، كما تلبس الشّيلة أو الطّرحة، وهي وشاح أسود خفيف ترتديه النساء لتغطية الرأس والشعر والوجه، فيما تترك الحريّة للسعوديات لاختيار ألوان وأشكال ما يلبس داخل العباءة، لأن تلك الملابس، لا يظهر منها شيء عند لبس العباءة ، فيما تلزم النساء في السعودية بمواصفات معينة للملابس التي تُلبس في المرافق التعليمية العامة والجامعية، وألزمت العاملات في المجال الطبي في المستشفيات أخيرا، بمواصفات ثابتة شكلا ولونا. تقول (سلمى .ع) طالبة جامعية، ان لون حجاب السعودية (العباءة) من الموضوعات التي شهدت نقاشا كثيرا، سواء من قبل العلماء والمشايخ أو من الفتيات السعوديات، لكنني ما زلت أرى أن العباية السوداء لا تطاق في فصل الصيف، خاصة مع درجات الحرارة المرتفعة، وأتمنى ممن وقفوا مع ضرورة أن يكون لون العباية أسود ، أن يجربوا ذلك في شهر أغسطس، وبعدها يحكمون، فهناك ألوان كثيرة تستر الجسد ولا تبرز مفاتنه. وأضافت: «أما الأمر الآخر الذي أود طرحه، فيتعلق بلبس النقاب والطرحة أو الشّيلة للمرأة ، لأن التنفس يصبح فيه نوعا من الصعوبة، لا سيما في ظل وجود قطعة قماش ملاصقة للأنف والفم، ما يزيد من حالات الربو في اعتقادي، كما أن قرب قطعة القماش من عدسة العين، يتسبب في بعض الآثار السلبية على النظر، وهذه الأمور تشعر بها النساء لوحدهن، لكن معظمهن لا يصرحن بها، خوفا من ردة فعل المجتمع السعودي». أمّا الأطفال السعوديون، فليس هنالك لون محدد يلبسونه، إلا عند الذهاب للمدرسة وبعض المناسبات، لأن معظم ملابسهم الجاهزة مستوردة من الخارج، فضلاً عن أنهم دون سن الحجاب، إلا أنه اتفق اجتماعيا على أن الألوان القاتمة واللون الأزرق ودرجاته مُلكٌ للأولاد، أمّا الألوان الفاتحة واللون الزهري ودرجاته فهي خاصة بالبنات. بينما تترك الحرية المطلقة للأجانب الزائرين أو المقيمين في السعودية، للبس الألوان التي يفضلونها دون قيد أو شرط ، لا سيما الرجال، لأن النساء غير السعوديات عادة ما يلتزمن بلبس العباءة، وبعضهن يلبسن غطاء أسود على الرأس، مجاراة لعادات المجتمع السعودي في مظهر المرأة أثناء خروجها للأماكن العامة.

وشهد العقد الأخير، محاولات كثيفة لتطوير الزي السعودي، سواء للرجال أو النساء، فيعمد بعض الشباب من الجنسين، إلى تجربة بعض أفكارهم التجديدية على الملابس، من خلال رسم أفكارهم على ورق، وإرسالها إلى محلات الخياطة لتنفيذها بشكل كامل ودون تدخل، فيما يسمح بعضهم بتدخل الخياط في بعض الأمور التي يجهلها، ومن جهة أخرى، يقوم بعض التجار المتخصصين في تجارة الملابس، بطرح ملابس مطورة بمبادرة فردية من منشأتها، بعضها يقوم على دراسات، وبعضها الآخر يتكئ على الصدفة، ومن شواهد تلك المحاولات للتجديد في الزي السعودي، ما طرأ على الشماغ والغترة، من استحداث ألوان وأشكال حديثة، لم يسبق رؤيتها على رؤوس السعوديين، فيما شهدت عباية المرأة السعودية هي الأخرى، تطورات عديدة على مستوى نوع القماش ودرجات لونه الأسود ، إضافة إلى شكل التصميم ولون التطريز وحجمه، فضلاً عن تطور طريقة لبس العباية وغطاء الرأس في الأوساط النسائية، ما دفع بعض التجار لمواكبة ذلك، من خلال طرح منتجات تسهل من طريقة اللبس المستحدثة.