توجه سياحي إلى أستراليا وعودة قوية إلى تركيا ومصر وغياب عن لبنان وماليزيا

الأحداث السياسية وكوارث الطبيعة تجبر السعوديين على تغيير اتجاهات سفرهم خلال إجازة الصيف المقبلة

TT

في الوقت الذي بدأت فيه قلة من السعوديين إنهاء إجراءات حجوزات السفر والحصول على تأشيرات دخول للدول السياحية، قررت بعض الأسر التي اعتادت على السفر خارج البلاد خلال الإجازة الصيفية تغيير هذه العادة السنوية وفضلت البقاء هنا لأسباب متعددة. وتنفس الآباء الصعداء بعد هذا القرار عقب سنوات استنزفت فيها السفريات جيوبهم لتحقيق مطالب أسرهم، وهو ما أراح هؤلاء الآباء من مراجعة مكاتب السفر والسياحة للحصول على حجوزات مؤكدة ذهابا وإيابا، وهو ما يتم عادة عند قلة من الناس في مثل هذه الأيام.

قال ناصر المحسن، وهو معلم اعتاد منذ 10 سنوات على السفر مع العائلة كل صيف إلى دول متعددة، تتوفر فيها مقومات السياحة التي تنشدها العائلة، لكنه قرر أخيرا وبالاتفاق مع أسرته عدم السفر خلال الصيف المقبل لأسباب مالية بعد أن استنزف بناء مسكن جديد له كل ما يملك، لافتا إلى انه سينتقل إلى هذا المسكن عقب أداء أبنائه للاختبارات النهائية، وهو ما سيعوضه ما اعتادوا عليه خلال السنوات الماضية، معتبرا أن السكن هو هدية الأسرة خلال الإجازة.

ومن جانبه، يرى ناصر البراك، وهو موظف في أحد المصارف، أن انشغاله بمتابعة الأسهم جعله يفكر جديا بالبقاء في بلاده خلال الصيف المقبل وصرف النظر عن السفر للخارج كما اعتاد سنويا، معتبرا أن المبالغ التي سيحتاجها للسفر مع عائلته سيوظفها في أحد الصناديق الاستثمارية في البنك الذي يعمل به، التي وصفها بأنها تدر دخلا جيدا لمن يحسن التعامل معها واختيار الصناديق المناسبة وطبيعة استثمارها.

وفي ذات السياق، يقول فهد العبد الرحمن انه اعتاد كل سنتين السفر مع العائلة إلى إحدى الدول الأوروبية، وانه يصرف مبالغ كبيرة وكثيرة على هذه الرحلات التي كان بالإمكان توظيفها في مشروع استثماري يدر دخلا جيدا عليه، لذلك فقد قرر هذا العام قضاء إجازته داخل الرياض وبالتحديد في استراحته التي أتم بناءها قبل أيام، لافتا إلى أن المبلغ الذي كان سيصرفه خلال السفر سيوفره في تأمين تأثيث استراحته.

وذكر احمد السويد انه بدأ مبكرا في إنهاء إجراءات السفر من خلال الحصول على حجز مؤكد ذهابا وإيابا إلى إحدى الدول الأوروبية، وبالتحديد سويسرا، كما قام بمخاطبة بعض الفنادق فيها للحصول على أسعارها وحجزها قبل موعد سفره بشهرين من خلال الإنترنت، مشيرا إلى أن مشكلة السعوديين الذين يرغبون بقضاء إجازاتهم خارج الوطن أنهم لا يبدأون بإجراءات السفر الضرورية إلا بعد أن تبدأ الإجازة، مما يوقعهم في إشكالات كثيرة تنغص عليهم متعة السياحة، ومن ذلك أن بعض السياح يتوجه إلى الدولة التي يرغب بالسفر إليها من دون أن يكلف نفسه عناء حجز غرفة في فندق أو منتجع وعند وصوله إلى الدولة المقصودة، يضطر إلى الدوران للبحث عن فندق أو شقة وقد لا يجد مطلبه فيضطر للتوجه إلى بلد آخر.

ويشير عبد الله السالم الذي تقاعد قبل اشهر من العمل الحكومي، انه اعتاد أن يسافر كل عام مع أسرته، ولكنه هذا العام قرر أن يسافر بعد عودة الناس من مناطق السياحة، معللا ذلك بأن كثرة السياح تفقده متعة السفر، كما أن الأسعار خلال الموسم تكون في الذروة، مشيرا إلى انه سيسافر إلى تركيا رغم مخاوف زوجته وطفليه من حدوث زلازل هناك، كما حصل قبل سنوات عندما كانوا هناك ووقع حينها زلزال أثار فزعهم.

وأكد ناصر عقيل الطيار، رئيس مجلس إدارة مجموعة الطيار للسفر والسياحة، انه لم يلمس أن هناك إحجاما من قبل السعوديين عن السفر للخارج خلال الإجازة الصيفية المقبلة التي ستحل بعد حوالي شهرين من الآن، معتبرا أن الكثير من السعوديين لا يراجعون مكاتب السفر للحصول على حجوزات مبكرا للذهاب والإياب إلا قبل أيام قليلة من حلول الإجازة، بل ان البعض لا يقرر السفر إلا بعد مضي أسابيع عليها.

وأشار الطيار الذي يرأس مجلس اكبر شركة للسياحة والسفر في المنطقة وصنفت قبل سنوات ضمن اكبر 100 شركة في السعودية، الى ان اللافت في موضوع سفر السعوديين خلال الإجازة الصيفية المقبلة ليس في الإحجام عن السفر، بل في تغيير الاتجاهات، فالدول التي كانت تصنف بأنها الأكثر جذبا للسعوديين لم تعد تستهويهم بل دخلت دول أخرى بديلا عنها، موضحا أن هناك توجها كبيرا من قبل السعوديين للسفر إلى استراليا التي تملك مقومات سياحية ومعالم لافتة، بالإضافة إلى أن هناك عودة إلى الطلب على السياحة في تركيا التي هي الأخرى تملك ذات المقومات السياحية التي ينشدها السعوديون، وكانت تستحوذ على نسبة كبيرة من حجم السياح الذين يفضلون قضاء الإجازة فيها.

وأضاف الطيار أن هناك إقبالا لافتا على السفر إلى مصر من قبل العوائل السعودية، ورأى أن لبنان لن يكون هذا العام محطة سياحية جاذبة للسعوديين كما كان في الأعوام الماضية بسبب الظروف التي مر بها خلال الأشهر الماضية، وينطبق ذلك على ماليزيا التي كانت منذ سنوات هي الدولة الأكثر جذبا للسعوديين، الذين يفضلون قضاء إجازاتهم فيها، حيث يتوقع أن يقل الإقبال على السفر إليها خلال الإجازة الصيفية بسبب الظروف الطبيعية وقربها من مناطق إعصار تسونامي الذي عصف بشواطئ عدد من دول شرق آسيا، مشددا القول إن السائح الذي يعتبر الأكثر تخوفا يضع عدة اعتبارات قبل أن يقرر المحطة التي يرغب قضاء الإجازة فيها ويربط ذلك بالأحداث السياسية وأعمال العنف والظروف الطبيعية، كالزلازل والأعاصير، إضافة إلى الإجراءات المعقدة التي تتخذها بعض الدول حيال إجراءات السفر إليها والتشدد في منح التأشيرات وطول إجراءات الحصول عليها.

وذكر الطيار أن التأخر في تأكيد حجوزات السفر وإصدار التذاكر وحجز الفنادق والمنتجعات والشقق يكلف الراغبين في السفر مبالغ إضافية، قد تكون مضاعفة وتفوق المبالغ التي سيدفعونها لو بكروا في ذلك، موضحا انه في ذروة الموسم فإن أسعار التذاكر وإيجارات الفنادق والشقق والمنتجعات ترتفع بشكل لافت، وهي مشكلة دائما يقع فيها السعوديون الذين لا يتحركون للحجز إلا مع حلول الإجازة.