منطقة عمس معزولة منذ أسبوع والسيول تقتل 25 شخصا في عسير 10 منهم من عائلة واحدة

أسرة سعودية وعاملان وافدان يلقون حتفهم جراء الأمطار في جدة

TT

لقي 25 شخصا مصرعهم، عشرة منهم من عائلة واحدة، أمس في عقبة ضلع بمنطقة عسير (جنوب السعودية) إضافة إلى إصابة 3 أشخاص تم نقلهم إلى المستشفى اثر تعرض المنطقة لسيول جارفة بعد أن تلقى مركز القيادة والسيطرة بمديرية الدفاع المدني بمنطقة عسير بلاغا بذلك. وأشارت مصادر في الدفاع المدني إلى أن هطول الأمطار الكثيفة التي شهدتها منطقة السودة أدت إلى إحداث سيول جارفة تمكنت من النزول إلى منطقة تهامة ذات الانحدار الشديد حيث أدت هذه السيول إلى جرف السيارات عند النفق الثاني بالعقبة على الرغم من ان الجو كان صحوا عندما بدأت السيول في مداهمة المنطقة.

وكان من ضمن الوفيات عائلة من 10 أشخاص حيث هرعت فرق من الدفاع المدني بمساندة من الشرطة الى موقع الحادث وبذلت جهوداً جبارة ومكثفة في سبيل انقاذ من تبقى من المصابين على الرغم من قوة تلك السيول الجارفة التي لم تشهدها المنطقة منذ سنوات عدة. وتابع الحادث أمير منطقة عسير الأمير خالد الفيصل الذي وجه ببذل المزيد من الجهود من قبل الجهات المشاركة.

وأبلغ «الشرق الأوسط» اللواء سعد الحارثي، مدير الدفاع المدني بمنطقة عسير، ان هناك تحذيرات اطلقت عبر وسائل الإعلام من مخاطر هذه السيول التي عادة ما تداهم منطقة تهامة، خصوصا في مثل هذه الأيام، لا سيما ان هذه الطرق يتخللها لمسافة 80 كيلو متراً العديد من الأودية والشعاب التي تعد من أهم روافد وادي تهامة حيث سبق ان شهدت قبل عدة سنوات سيولاً جرفت الكباري والجسور ولا تزال آثارها قائمة إلى الآن. واستبعد الحارثي إمكانية تضاعف عدد الضحايا بعد ان قامت فرق الدفاع المدني بمسح حوالي 10 كيلومترات للمناطق المتاخمة لموقع الحادث.

وصادف حادث أمس توجه الكثير من العوائل إلى منطقة تهامة بحثا عن الدفء، الأمر الذي ضاعف عدد الوفيات.

وفي تهامة قحطان عزلت مياه السيول منطقة عمس عن العالم الخارجي، ولم يتمكن الناس من مغادرة منازلهم وتسببت في انقطاع البعض عن باقي أسرهم في تلك القرى. وطبقا لشهود فإن الدراسة منقطعة منذ أسبوع في الوقت الذي استعان فيه الدفاع المدني بآليات من خميس مشيط وأحد رفيدة وأفراد من قوة الطوارئ لمحاولة إنقاذ المواطنين جراء هذه السيول.

وفي جدة لقي 6 أشخاص حتفهم في حي المتنزهات «شرق جدة»، جراء الأمطار التي هطلت فجر أمس على مدينة جدة وضواحيها، أربعة منهم من أسرة سعودية واثنان من العمالة الوافدة بينهما مصري.

وكان هذا الحادث جراء تهدم منزلهم الشعبي من قوة الرياح وغزارة الأمطار. وكانت الأمطار بدأت في الهطول مصحوبة بزخات من البرد الساعة الرابعة والنصف فجراً، بعد أن سبقتها رياح شديدة، وعواصف رملية، وصواعق، وكان هطولها على مدينتي مكة المكرمة وجدة في نفس الوقت، وامتدت لساعتين، وكانت أكثر الأماكن تضرراً هي مناطق الأودية في شرق الخط السريع لمدينة جدة (أم السلم، حي المتنزهات)، بالإضافة إلى الأحياء الشعبية. وكونت إدارة الدفاع المدني في جدة 21 فرقة إنقاذ، قبيل هطول الأمطار، وذلك بعد تلقيها نشرة رئاسة الأحوال الجوية بهطول الأمطار، كما شاركت مروحيتان من الدفاع المدني بالدوران حول جدة لاكتشاف الاختناقات، والأماكن التي تحتاج إلى إسعافات.

وأوضح العقيد محمد الغامدي مدير إدارة الدفاع المدني بجدة عن حصيلة المتضررين جراء ذلك قائلاً «انتشل أفراد الدفاع المدني أربع جثث لأسرة سعودية تقطن في حي المتنزهات، وذلك بعد انهيار منزلهم الشعبي المكون من 4 غرف، وكانت إحدى الجثث على بعد 500 متر من موقع الحادث، وأخرى على بعد كيلومتر من الموقع أيضاً، كما تم انتشال جثة عامل وافد، بعد أن سقط عليه سقف البقالة التي يعمل فيها في نفس الحي». وعن الحالات التي تم انقاذها يقول العقيد الغامدي «تم إنقاذ امرأة سعودية برفقة ابنها بمروحية في الجهة الشرقية من محافظة جدة، بعد أن احتجزتهم المياه، بالإضافة إلى عدد من الالتماسات الكهربائية في عدد من المحلات والمنازل». وبالنسبة للحوادث الكهربائية أكد المهندس فؤاد الشريبي مدير شركة الكهرباء في الغربية، أن المشاكل التي حدثت لم تكن رئيسية، وأن جميع موظفي الشركة من مهندسين وفنيين قد استنفروا مع الساعة الخامسة فجراً. وأضاف «حدث انطفاء بسيط في محولين كهربائيين بالمنطقة الصناعية، التي توجد بها 4 محولات كهربائية، وتم إعادة عملهما في الساعة 12,30 ظهراً، كما حدثت بعض الأعطال في 16 منطقة بجدة، منها تعطل 12 محطة توزيع في منطقة قصر خزام، ومحطتين كهربائيتين في حي الصفا». وأكد المهندس الشريبي أن الوضع مطمئن، وأن بعض المشتركين الذين انقطعت عنهم خدمة التيار الكهربائي، جراء الالتماسات التي حدثت، ستعود إليهم جميعا مع حلول المساء (مساء أمس)، كما بين أن الوضع في مكة والمدينة مستقر، وأن الشركة ستصدر تقريراً مفصلاً غدا (اليوم)، بعد حصر كل الأضرار.

من جهتها شاركت 25 فرقة ميدانية من أمانة محافظة جدة، مجهزة بمضخات وصهاريج مياه، توزعت في المناطق التي غطتها المياه، وأعلنت الأمانة من خلال بيان صحافي لها عن العمل لمدة 24 ساعة المقبلة، لإنهاء التجمعات المائية في المواقع التي غطتها المياه، كما نجحت في حصر المياه في حي بريمان والتخفيف منها، خصوصاً أنه من أكثر الأحياء تضرراً في الأعوام السابقة من هطول الأمطار. وقدم المهندس عادل فقيه أمين محافظة جدة، اعتذاره لسكان وأهالي المحافظة، عما حدث، وقال لـ «الشرق الأوسط» «أعتذر لسكان جدة عن الوضع الحالي، كما أقدم تعازي لأسر من لقوا حتفهم جراء هطول الأمطار، ولا يخفى على أهالي جدة أن مدينتهم تعاني من قصور كبير في قدرة شبكتها على تصريف السيول والأمطار، خصوصاً أن الأمطار التي هطلت بلغ عمق ارتفاعها 39 ملم، وهو عمق لم يسبق أن حدث في جدة». كما أوضح المهندس فقيه أمين جدة أن الأمانة بدأت في العمل مع توقف هطول الأمطار في الساعة السادسة والنصف صباح أمس الخميس، قائلاً «نجحت الفرق المكونة من الأمانة في معالجة 50 في المائة من مواقع الاختناقات، ولا يزال هناك 50 في المائة من المناطق الخطرة يجري العمل فيها حالياً»* وعن الأحياء الشعبية التي تضررت جراء هذه الأمطار وراح ضحيتها خمسة أشخاص يقول فقيه: «ما حدث كان مؤسفاً، وحزيناً، ونحن لدينا في جدة 50 منطقة معقدة والتي تسمى أحياء شعبية، ونحن نعد الدراسات لحل وتنظيم هذه الأحياء». كما اعتبر المهندس فقيه مشكلة تصريف المياه المشكلة الأهم لكل منسوبي الأمانة، ومن يتولى مقعد الرئاسة فيها، بقوله «يجب الاعتراف أن مشكلة تصريف السيول ومياه الأمطار، هي من أبرز المشاكل التي يعاني منها أهالي جدة، وأنا من هنا أذكر نفسي وزملائي أن المشكلة تقع على عاتقنا، ويجب حلها في الوقت القريب، ونحن الآن في مرحلة تنفيذ الدراسات التي تمت في فترات سابقة لحل هذه المشكلة، ونحن بانتظار حلول جذرية لمعالجة هذه المشكلة». من جهتهم استغل أصحاب سيارات النقل الوضع، ورفعوا أسعار نقل السيارات المتعطلة جراء المياه في الشوارع إلى 400 ريال، كما انتشر العاملون في اصلاح السيارات في المواقع التي تعطلت فيها السيارات، وارتفعت أسعارهم إلى 100 و2000 ريال للمساعدة في اصلاحها. من جانب آخر، أوضح حسين القحطاني خبير الأرصاد في الرئاسة العامة للأرصاد الجوية، أن ما حدث كان عبارة عن «تعمق منخفض السودان في طبقات الجو العليا إلى مستوى 10 آلاف قدم، وتلاقيه مع منخفض حركي، ولد هذه الظاهرة، المصحوبة برياح شديدة». وتوقع القحطاني أن الأجواء ستكون غداً في مدينة جدة عادية، وأن الظاهرة التي حدثت ستتحول إلى المناطق الوسطى، وحائل، والقصيم، كما أضاف «بلغت سرعة الرياح في مدينة جدة صباح أمس الخميس 60 كيلومترا في الساعة، مع ارتفاع في الموج بلغ مترين». يذكر أن المديرية العامة للدفاع المدني أطلقت تحذيراً جديداً، حثت فيه المواطنين والمقيمين على عدم الجلوس حول السدود ومجاري الأودية ومستنقعات المياه، وأوردت المديرية في بيان صحافي صدر أمس، جملة من الإرشادات التي تحقق الأمن والسلامة، وشددت فيه على أهمية تجنب السباحة في مياه السيول والأمطار وعدم اقامة المخيمات في بطون الأودية أو النوم بداخلها، خشية مداهمة السيل المكان بغتة، وبينت خطورة اجتياز مجاري السيول سواء كان بالسيارة أو مشيا على الأقدام، وشددت على أهمية مراقبة الأسر والعوائل لأطفالهم.