المرأة مجردة من جمالها وحليها ومفاتنها

في معرض ثنائي لتغريد البقشي وفاطمة باعظيم

TT

عبر لوحات تشكيلية، وأعمال فنية لافتة، قدمت الفنانتان التشكيليتان تغريد البقشي وفاطمة باعظيم، في معرضهما الثنائي المشترك, تمكنتا من خلاله تجسيد حقائق الإنسان وتحويلها إلى أحاسيس إنسانية كونية، فنية، وإبداعية. فعقب أن اتجهت الفنانة التشكيلية تغريد البقشي في معرضها السابق، الى استلهام الوجوه للولوج إلى أعماق الإنسان وتصوير المعاناة والهم الإنساني، وبالأخص الأنثوي، تناولت في معرضها الحديث أيضا، وبرسوم تجريدية، رمزية، الجرح البشري. متناولة في لوحاتها، المرأة مجردة من جمالها وحليّها ومفاتنها، لتبرز حالات نفسية إيجابية تكمن في السمو والتطلع إلى المستقبل. وقارئ اللوحات، يمكنه أن يتأمل حرص الفنانة تغريد البقشي على التعبير عن مشاعر المرأة الفلسطينية والعراقية، كونهن أكثر النساء العربيات حضورا في المشهد السياسي.

التشكيلية تغريد تؤكد أن طرحها لقضايا المرأة لم يجعلها تتجاهل الإنسان بكافة آلامه وأحزانه اليومية، وذلك لا بد أن نلحظه من خلال تركيزها على استخدام اللونين الأسود والرمادي في معظم أعمالها (35 لوحة)، التي أنجزتها خلال العامين الأخيرين.

وينظر بعض النقاد لأعمال البقشي باعتبار أن لوحاتها تأتي تعبيرا عن انفعالات متوازنة بين الظهور والخفاء في خطوطها الجميلة والجريئة، وتغيب خلف الوجوه المسكونة بالدهشة والانبهار.

الفنانة التشكيلية فاطمة باعظيم، لم تبتعد في أعمالها عن هذه المضامين، بل حرصت على تعميقها وإيصالها بسهولة الى المتلقي. وركزت باعظيم في بصمتها الخاصة في معرضها الأخير، على تفكيك الغموض الانساني بطابع عصري، لتتخلى، ولو جزئيا، عن محتوى أعمالها السابقة، التي تبنت فيها بشكل واضح، النمط التراثي للتعبير عن الوطن وأصالته، وذلك باستخدام أدوات مبتكرة، تمكن المتلقي من خلالها تلمس جل الرموز الإنسانية التي دأبت فاطمة على تصويرها.

تقول فاطمة باعظيم «حرصت على أن أعبر عن الإنسان، وليس فقط عن المرأة، كونه يختزل بداخله كلا من المرأة والرجل والطفل». هكذا عبرت باعظيم عن أعمالها، التي وجد فيها الحضور قصيدة ما أو قصة أو حتى عرضا مسرحيا مثيرا، تاركة المجال لكل متلق لخلق مسمى سعيد أم حزين، أبيض أو أسود، كلا حسب ما يعتريه من مشاعر انسانية. تضيف أن «الفن بسيط تماما كما الحياة، عندما تفعل في تبسيط ألوانها لتشعرنا جميعا بمعنى رمزية الراحة».

فاطمة باعظيم، ترى أن معارض الفن التشكيلي تعاني من غياب، وبشكل كبير، إعلاميا، على حسب قولها. تضيف: «نحن نتحمل كافة التكاليف، وهذا يهون أمام شح التشجيع». تختم كلامها في تفاؤل واضح أن كل هذه المعوقات لم تثنها وزميلتها تغريد عن مواصلة السير لإيصال رسالتهما الإنسانية بكافة أتراحها وأحزانها.

المعرض، الذي أقيم أخيراً بقاعة شذى للفنون بحي المربع في الرياض، برعاية وكيل وزارة الثقافة والإعلام، الدكتور عبد الله الجاسر، وبحضور عدد من الفنانين والمثقفين والمتابعين للحركة الفنية والتشكيلية على وجه الخصوص.